(ساعة خطر)- (هبة)- (ساعة في وحدة العناية المركزة)

ساعة واحدة كانت من أخطر ساعات العمر فجاة ادركت بأن هناك شيئاً يأتيك من المجهول ومن أعماق هذا العالم وأبعد نقطة فيه، شكرت الله لحظتها أني عرفتها من هي، حادثتها بأدب وجالستها بخشوع، كانت بلا عقد بلا محطات تفتيش بلا جمارك عقلية.

من هي هبة؟

تحررت من رواسب القهر والكبت والشعور بأن الانسان أي إنسان هو محور الكون وسبب دورانه….كانت من ذاك الأنموذج الذي يريح العقل قبل العاطفة، انها “هبه” و”هبه” ليس اسمها أو لقبها، بل هي هبة الله لي جاءت لتمزج فرحي بحزني وليلي بنهاري شكي بيقيني في لحظة ضعف قررت أن أهبها كل شيء….ولكن !

في ذات اللحظة تبدد كل شيء تسللت الاوهام الى نفسي وتسرب الضعف الى شراييني المكتظة بالكوليسترول وجرعات “الكريستور” المقرفة الطعم!

عودة هبة

عادت “هبه” لتحررني وبدون مقدمات انفلتت تشرح باسهاب سرعان ما ذهب بكل الدهشة التي تعتريني، شرحت مطولاً عن الرضا والسعادة وذاك الفارق الهش بينهما وبجدل بيزنطي قاطعتها ليس كل سعيد راضٍ ولكن العكس صحيح كل من يرضى يكون سعيد. وبابتسامة ساخرة تمتمت لو كنت تطبق ما تقول لما كنت أمامي الان، يا عزيزي السعادة قرار وليس شخص !

ماذا لو كانت هذه لحظتك الأخيرة

ماذا لو كانت هذه لحظتك الأخيرة أيها الغريب البائس ؟ هل تعتقد بأن أي إنسان مهما كنت تعتقد أنه سبب سعادتك سوف يعبأ بك لا بل أراهنك يا صديقي بمجرد أن تتجاوز هذه المحنة أن تفتش هاتفك الذكي وتبحث بكل ما أوتيت من تكنولوجيا عن أي رسائل إطمئنان أو قلق عليك أو ما حدث ل. أفهم من كلامك ايتها الهبه أنني سأنجو ؟

انت من يقرر يا رجل أنا مجرد حالة مؤقتة بمجرد بزوغ فجر الصباح سأتركك شأني شأن كل من تركوك! ليست هذه القضية بل عليك أن تعاهدني بأن تخرج صلباً كالصخر سهلاً كالريح حُراً كالريح

نصائح تقدمها “الهبة”

اسمعني جيداً  أيها الدائري…أيّها الدائري انطلق وتأرجح على أعتاب الطرقات كُن بعيد كفراشةٍ داخل الضّوء، عِش حياتك قطعةً قطعه وأرقص حد التعب، أضحك وإبكي كأنّك مزهريةً من حزنٍ وفرح. أيّها التّائه القويّ الغامض كقالب ثلج، البطيئ، الضعيف، الماكر، المتسرع، الذكيّ، الضائع كحبّة رملٍ وسط الأسفلت…

أيّها الوحيد، اليائس البائس ،الخطيئة كممارسة الحبّ داخل كنيسة…أيها اللاهث، الخائف من الله والمرض والنّاس، المسكين كغريب ….أيّها الفاتن- ولا يمكن أن تكون عكس ذلك.

أيّها، الرائع، اللّعوب، الخاسر، الراكض خلفك، اللّذيذ. أيّها المرتجف كورقة، المشتهى، الجائع دائمًا كساعة حائط، أيها الخدعة المسلّية، تعال نتبادل الشتائم ونتفق على أنّني اللّعينة أيّها الدّافئ، العطش، الّذي لا قلب له ،البارد كذرة هيدروجين. أيّها المعزوف على إيقاع مختلف، المتآكل، الغريب ،أيّها القصيدة، السّيئة، الجيّدة، المدهشة. أيّها المُترجم إلى لغاتٍ منتهية، المُخدر كجرعةٍ من المورفين، المشتعل، المنطفئ الخطر، الناقص المنعش، الرّاحل، المثمر، الحرّ كالريح.

عودة الممرضة

أحملق بعينين يتفجران بلاهة بينما تستمر  “هبه” بالحديث دون توقف ولم يقطع صوتها الا دخول الممرضة الاسيوية الباردة الملامح لتحقنني بالمخدر وتهمس بلكنة انجليزية عرجاء “أنت بخير” هل أنا بخير حقاً؟ أسأل الممرضة وأبحث عن الجواب من “هبه” أنت بخير ما دمت تنوي الخير يا عزيزي

انت أقوى من أن تقتلك لحظة وأطيب من أن تكون ضحية لغرور الأخرين! وقد يكون هذا سبب وجودك هنا معلقاً بين أن تكون أو لا تكون، ولكن إحذر فالطيبة ضعف إن لم يحرسها السيف…

الاستيقاظ من النوم

ولكن من أنت ولماذا تساعدينني؟ لا يهم فذاك المقهى الذي أوصلك، وتركك..يستحق اللعنة! وأنا أشفقت عليك عندما رأيتك تتلوى مثل طفلِ يصلي رافعا عيناه يطلب..من غير كلام لمحتُ في قلبكِ ألف عتاب وعتاب ليس يكفيه كتاب.

قلبي وكل دعواتي معك. توقظني ممرضة جديدة يبدو أنها استلمت نوبة زميلتها الليلية فأبادرها بالسؤال أين هبه؟ لا أحد معك سيدي ولكن يبدو أنك كنت تهذي كثيراً أثناء نومك! سأستدعي الطبيب.

 فيديو مقال (ساعة خطر)- (هبة)- (ساعة في وحدة العناية المركزة)

أضف تعليقك هنا