مشكلة الكهرباء في العراق حلول ومعوقات ونتائج

بقلم: محمد عبد

“لجوء العراق إلى سيمنز بعد عهد طويل من الضياع” قد يعتبر هذا الحدث هو الأهم في سياسات العراق الأقتصادية، والتنموية، إذ ثمة أمل يمكن التطلع إليه من وراء ذلك، هذا إن لم يكن ذلك مجرد حبر على ورق.

شركة سيمنز الألمانية 

أذ بحضور رئيس الوزراء العراقي السيد عادل عبد المهدي، والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل، أبرمت وزارة الكهرباء العراقية التي يترأسها الدكتور لؤي الخطيب مع شركة سيمنز الالمانية، مطلع هذا الشهر، إتفاق تنفيذ خارطة طريق تطوير قطاع الكهرباء في العراق، وبحضور الرئيس التنفيذي لشركة سيمنز جو كيسر، إن شركة سيمنز هي واحدة من أقدم، وأعرق الشركات الألمانية، والأفضل في العالم.

إتفاقية العراق وألمانيا 

وقد يمثل هذا الاتفاق بداية لعلاقة استيراتيجية بين جمهوريتي العراق وألمانيا، تبدأ بملف الطاقة والشؤون الاقتصادية، حيث ستضع هذه الخارطة مفهوماً شاملاً لقطاع الطاقة الكهربائية في العراق مما يتضمن الأسس البنيوية الثلاث: الانتاج، والنقل، والتوزيع.

مدة تنفيذ العقد

ستكون مدة تنفيذ هذا العقد أربعة أعوام على أقل تقدير، وبقيمة (14) مليار و(650) مليون يورو.
وستضاف إلى منظومة الكهرباء الوطنية طاقات إنتاجية تصل الى حد 11 ألف ميكاواط أي مما يسد حاجة العراق بالكامل.

هدف المشروع

فضلاً عن تجهيز العديد من المحطات التحويلية، وخطوط نقل الطاقة الكهربائية، إلى جانب ذلك سينفذ مشروع شبكة توزيع الطاقة الذكية، في مناطق منتخبة، كأساس لتطوير الشبكات في جميع محافظات البلاد، مما يعني توفر فرص عمل واعدة وأستثمار للملاكات العراقية، وتطويرها، وخلق قطاع خاص واعد، لبناء شبكة وطنية محكمة، ومربحة ستدر على موازنة الدولة الكثير من الأموال، فضلا عن توفر خدمة الطاقة الكهربائية بأستمرار، التي أصبحت مشكلة الشعب الاولى منذ ال16 سنة الماضية.

مشاكل الكهرباء في العراق

وهنا لابد من الإطلاع على تقرير وكالة الطاقة الدولية [ IEA ] الذي أعدته قبل أيام قلية من إنعقاد هذا الأتفاق حول مشاكل الكهرباء في العراق، والذي يعطي صورة واضحة عن الوضع الراهن، وقد جاء هذا التقرير مصادفة ليدق ناقوس الخطر وينبه المسؤلين، الجدد. إذ تبين أن العجز في قطاع الطاقة الكهربائية سيمتد لعشر سنوات قادمة، بالرغم من تخصص 9 مليارات دولار من موازنة هذا العام لوزارة الكهرباء، وإلى جانب ذلك المبالغ المصروفة على المولدات المحلية التي قدرت بنحو 4 مليار دولار، ومجموع هذا الرقم (ال 13 مليار) أعتقد أنه لايحل مشاكل الكهرباء فحسب بل يعيد هيكلة البنى التحتية للبلد بأكمله، إذا ما أعطي بأيدي نزيهة وأمينة.

الكثافة السكانية في العراق

حسب ما هو معلوم فأن العراق يحتاج الى حوالي 30 كيكا واط من الطاقة بينما يمتلك فقط ما لا يزيد عن 15 كيكا واط ومن المؤكد أستمرار تزايد الأحتياج الى الطاقة في المستقبل القريب، بسبب تزايد الكثافة السكانية، والنمو الأقتصادي، ومع ذلك يتم استمرار هذا العجز في الطاقة، الذي أصبح متلازمة الكهرباء والذي قد وعدت شركة سيمنز بتخليص العراق منه خلال أربع أعوام فقط، مما سيوفر طاقة كهربائية مستمرة على مدار السنة خلال 24 ساعة في اليوم، لقد أشار تقرير وكالة الطاقة الدولية أيضا إلى وجود خسائر تقدر بنحو 40 % من الطاقة، تضيع في الشبكات الكهربائية ولهذا السبب أهتمت سيمنز بضرورة إنشاء شبكة وطنية ذكية.

الطاقة الشمسية في العراق 

ومن جانب آخر تقترح بعض الشركات بأن إعتماد العراق على الطاقة الشمسية سيكون هو الحل الوحيد والأمثل في مثل هكذا ضروف، مما يوفر بيئة نظيفة وطاقة فائضة وكلفة اقتصادية مقبولة، غير أن تطبيق الطاقة الشمسية في العراق يحتاج الى هيكلية داعمة وإرادة قوية، ويحتاج الى نهوض شامل، يحتوي العراق على كمية وقود، وأنواع من الطاقات الطبيعية، وخبرات، وأيادي عاملة، ومعدات، ورأس مال، لأنتاج طاقة كهربائية تكفي لسد جميع احتياجات الشعب بأكمله، فمن العار أن نسمع بين فترة وأخرى أن دولة من الدول أيا كانت تتفضل بتزويدنا بالطاقة الكهربائية.. ومن العار أيضا أن حكوماتنا تتقبل ذلك بل وتصرح بشأنه وتعزم الأمر لأجل إجراء صفقات بين تلك الدول، من العار أن نسمع أن دولتنا توقع عقودا مع شركات عديدة لأنشاء محطات كهربائية، أو إجراء تعديلات على الشبكة الوطنية، لان ذلك الأمر قد يبدو أشبه بصفقات النصب والأحتيال نوعا ما، وعند النظر بمشكلة الكهرباء في العراق نجد أنه ثمة مهزلة سياسية تتبناها جهات معينة لحساب أشخاص ذوو نفوذ عال، كل همهم النخر بالعملية السياسية الراهنة وتشويه صورتها لتعمل على تلبية مصالحها بالشكل المطلوب، وإضعاف همة الشعب، وإسكاته.

شركات الطاقة الأجنبية 

إن التعاقد مع شركات الطاقة الأجنبية هو واحد من أكبر الاخطاء التي يجب تجنبها في المراحل القادمة لانه كما هو معلوم فأن الحكومة تنفق على هذه الشركات مبالغ ضخمة دون الحصول على أي نتائج مرضية وهذه الاموال كافية لتغطية رؤس أموال محلية لتنفيذ مشاريع عالية الدقة تحل كثيرا من مشاكل الطاقة، أما بخصوص التعاقد مع شركة سيمنز الالمانية فأنه يمثل حالة خاصة ولأن هذه الشركة أثبتت جدارتها بالعمل فهدفها إنساني وعالمي ودائما ما يأتي تنفيذها بنتائج مرضية.
يحتوي العراق أيضا على خبراء وعقول مدبرة في مجال الطاقة، وكافة المجالات الاخرى المتعلقة بعلم الكهرباء، هذه العقول تمتلك الضمير، والحس الوطني فهي بكل الأحوال ستعمل إن وفق لها على أتم وجه وستؤدي واجبها بما يرضي الشعب. هذه العقول قادرة على عمل المعجزات، والسبب الاول والاخير من وراء ذلك هو إنها عاشت وتعيش الازمة المتمثلة بانعدام الكهرباء، وردائة توفرها، فهي ستعمل إذن بكل طموح من أجل نفسها أولا وأخير، لأنها تمثل جزءا من الشعب بل هي عقل الشعب ويده العاملة بالعلم.

حل مشكلة الكهرباء بنتائج قليلة

إن الشركات التي يتم التعاقد معها، أو الخبراء الاجانب الذين يتم دعوتهم، يعملون على حل المشكلة، ولكن ليس بالنتائج التي ترضي الشعب بقدر ما يعملون على ‘تخطي’ المشكلة بالنتائج التي ترضي الحكومة والمقاولين وهذا الامر بحد ذاته يمثل خطورة كبيرة، تهدد البنى التحتية للبلد وتشل ديناميكيته.

أين خبراء الطاقة الكهريائية في العراق؟

سيتسائل الكثيرون أنك تتحدث عن بلد يملك خبرات بهكذا قدرة عجيبة فأينهم إذن؟ وكأنك تتحدث عن بلد يمتلك القدرة على غزو الفضاء.. وأقول نعم إن هذا البلد قادر على إصلاح نفسه بنفسه، وإن هؤلاء قد تم إماتتهم، أو تتطويعهم بشكل أو بآخر، للعمل وفق استيراتيجية تخدم مصالح جهات معينة، وبسبب مبادئ مقوضة وضعتها عقليات سوداء، وهذا الامر الاخير هو ما زاد الطين بلة. فطالما توجد حكومة مادةً يدها للعون من لدن الاجنبي، على المواطن أن يقمع نفسه بأي حيلة ويوطأ رأسه بالقبول دوما.

البطالة في العراق 

يمتلك البلد أيدي عاملة وكما هو معروف فأن البطالة تفوق نسبتها عن العشرين بالمئة، وأغلب هذه الفئة من الشباب الذين فقدوا الامل ببلادهم وتشكلت لديهم عقدة من الوطنية، ومتطلباتها، وهؤلاء الشباب يستجدون أي عمل تفتحه الحكومة حتى لو بأبسط الاجور، وبالمقابل فإن الحكومة تدفع أموالها للاجنبي وتضيع الفرص وبالتالي لا تخرج بالحلول المطلوبة، ما نحن بحاجة إليه الآن حيال مشكلة الكهرباء بل وكل المشاكل الخدمية الاخرى هو مراجعة أنفسنا فحسب، إذ لا يتعلق الأمر بمعضلة معقدة، أو اي شئ من هذا القبيل وعلى رأي الاستاذ محمد شاكر مؤسس ورئيس مركز بريسك، يجب علينا أن نبدأ بأنفسنا، ولا نريد منة من أحد، فأعمار العراق يبدأ من العراق.”

بقلم: محمد عبد

أضف تعليقك هنا