قميص يوم … مُلَبد بالغيوم

لم يكن يتخيل وهو يبدأ يومه أنه سينتهي هذه النهاية الرائعة ، التي تأكد منها عندما أغلقت باب حجرة نومه وهي ترتدي هذا القميص الأصفر الرائع الذي أهدته إليها أختها حيث أنه زاد لجمالها ورونقها بعض الفتنة والدلال ، ورغم إنه ليس من عشاق اللون الأصفر علي الإطلاق ، إلا أنه أحبه في هذه اللحظة وسوف يراجع قراره بإلغاء هذا اللون من ألوان حياته ، وعندما جلست بجواره بهدوء ، وهي تنظر للأرض في خجل أو بمعني أصح تتصنع الخجل ، بدأ يشتم رائعة عطرها الرائع الذي أصابه بوخزة في قلبه ، لما يحمله في ذهنه من ذكريات جميله مع هذا العطر وقبل أن نتحدث عن باقي تفاصيل هذه الليلة  ، نراجع أحداث يومه سريعاً .

يوميات موظف

البداية ، كانت في السادسة صباحاً ، عندما رن جرس التنبيه بالموبايل ، قام مسرعاً ليغسل وجهه بالماء البارد ، وبعد وضع الصابون علي وجهه يكتشف أن المياه قد انقطعت ، لتُذكره أنه يعيش في الدور الثاني عشر ، من مبني تحمل رخصته أصلاً ستة أدوار ، ورغم ذلك لم يثور ، وجفف وجهه بلطف كي لا يحرق الصابون عينيه ، وفتح الثلاجة ليجد أي شيء يأكله لكي يذهب لعمله ، وبعد بحث مضني بالثلاجة ، لم يجد إلا بقايا في علبة جبن أبيض جفت بفضل عامل الزمن ، ورغيف خبز مقطوع منه مثلث صغير وشبه جاف ، شكر الله علي النعمة ،وسخن الرغيف إلا مثلث ، والتهمه بصعوبة مع فتات الجبن ، وهو مليء بالأمل ، لأنه يعلم أن اليوم أول أيام الشهر .

وهذا يعني أنه سوف يحصل علي راتبه الصغير الذي ينتظره بفارغ الصبر منذ منتصف الشهر ، ويعني أيضاً أن زوجته سوف تعود هي وابنه الوحيد من منزل والدتها ، حيث تتواجد شهرياً في أخر أسبوع بالشهر ، وهذا طبعاً لضيق الحال ، وحفظاً لماء الوجه ، وتوفيراً للديون ، ويعني أيضاً أنهم سوف يتناولون علي الغداء وجبة محترمة تعوضهم عن اسبوع الشقاء الأخير .

بعد نزوله من شقته علي السلم طبعاً لعدم وجود أسانسير ، رغم أن العقد الذي وقعه مع المعلم صاحب البرج يحتوي علي بند توفير اسانسير ، ولكن لم يذكر من الذي سوف يدفع قيمته وقيمة تركيبه ، و في الشارع تذكر عدم وجود أي أموال معه ، ولم يفقد أيضاً تفاؤله الصباحي وأقنع نفسه أن المشي رياضة ، مع إن مكان عملة يبعد حوالي سبعة محطات اتوبيس كاملة عن محل سكنه .

صعوبة العيش

وعندما جلس علي مكتبه ، وجد كميات كبيرة من الأوراق والدفاتر ، وبدأ في العمل فوراً ليقوم بإنهاء مصالح الناس وعدم تعطيل أي منها لكي يبارك له الله في رزقه ، ولفت نظره أرقام المستخلصات والفواتير التي بالملايين ، و بدأ يحلم بأنه صاحب أحد هذه الفواتير التي من الممكن أن تحل جميع مشاكله ، ثم يستغفر ربه ، وفور انتهائه يجد مديره القصير يطل عليه من خلف كومة الملفات ويخبط بيديه فوقها ، لينتفض ويقف مسرعاً ، فينهال عليه مديره بعبارات الذم بسبب عدم ترتيب مكتبه مما قد يتسبب في ضياع بعض الأوراق ، وقبل أن يبرر موقفه ، يباغته بيومين جزاء .

كل ما سبق غير مهم ولكن المهم هو أنه علم ان الصراف تأخر بالبنك وأنه لن يحصل علي راتبه اليوم ، وطبعاً نزل الخبر علي مسامعه كالصاعقة ، وأكمل يومه ليعود للبيت سيراً علي الأقدام كما جاء ، وبعد معاناة الصعود لقمة جبل شقته ، يجد زوجته وابنه ، في انتظاره ، فيحتضنهم وهو يحاول التماسك حتى لا تنزل دموعه ، ويفرجها ربه عليه ، فقد باغتته زوجته أن والدتها أعطتها بعض الطعام لأنها تأخرت هناك ولن تتمكن من الطبخ ، يجلس ثلاثتهم علي السفرة لتناول الطعام ، ثم يجلسون أمام التلفاز .

نعود إلي ليلتنا التي ينتظرها كل من أكمل المقال ..

يعني مافيش احساس خالص ؟ …بعد كل اللي قريته !!!! …. طبعاً قالها تصبحي علي خير ونام .

فيديو مقال قميص يوم … مُلَبد بالغيوم

أضف تعليقك هنا