كانَ شقيقُ الرّوح – #قصة

بقلم: فاطمة حماد نواف

موت صديقي

بعد أن إدّعوا موتَ صديقي
كنتُ أراه حاضراً في كل الأماكن ..
لازال عقلي موقن بفكرة أن شاباً يافعاً مثله يُستحال أن يقطف الموت رأسه
لم أصدقهم بتاتاً .. لأنه أكثر من يحبني و كان حضوره المُبهِر يواسيني ..

الفراق

عندما أناديه و أحادِثه كان يجيبني و أسمَعهُ ..
فكيف لهم أن ينعتوني بالرجُل المجنون الذي يُكلم نفسه !!
لم يُصدقني أحداً وقتما أقسمت لهم بأنّي أسمعه و أراه ..

في الطريق كان بجانبي

حتى أنه يمشِي الى جانِبي
بنفسِ ذلك الطريقُ الذي كنا نقصدهُ ناحية المقهى
أحد الأيام
بينما نحنُ على مقربةٍ من المقهى .. وعلى ناصية الرصيف ..
غافلتنا مركبة متوسّطة الحجم
تحملُ اكياساً من الإسمنت .. مُسرعة كأنها بِلا فرامِل
وفي وسط الزحام
أدركتُ أن صديقي على ناصِيةِ الموت لا على ناصية الرصيف .. علمتُ أنها ستصدمه “وحده” ليتركني وحدي !
لبرهةٍ رميتُ جسدي عليه بقوة .. لأدفعه مِترين عن الحادث!

الألم

لم أشعر بضربة جسده !
كانتِ السيارةُ قد اخترقت جسدَهُ و أصابتني
كل ما شعرتُ بهِ هو إصطدامُ جسَدي بالمركبة
كل ما سمعته هو صوت تهشّم عظامي كأنه صرير زجاج متكسر ..

الرجل المجنون مات 

شعرت بدمائي الحارّة تنصب صباً على عينَيّ
سيقاني لا اعلم هل اشعر بها أم لا..
لم يكن يؤلِمُني تهشم عظامي بقدر هلع و صراخ الناس من حولي بقولهم
“أن الرجل المجنون مات” ..
“الرجل المجنون مات”
حين حملوني سمعتهم يتهافتون كيف للأهل بأن يتركوا ابناءهم المجانينَ وسط الزحامات ؟
كلامهم كانَ يُهشم قلبي كما فعلت المركبة بِجسدي.. بل أشد إيلاماً !

فراق الروح

اين صديقي من كل هذا !
هل مات و تركني؟
ام أنا سأموت و أتركه
لماذا كان صَديقي كأنه النسمة لحظة الحادِثة !
لم أستشعر وجود جسده عندما دفعته!
ثم كيف لِسيارة أن تخترِق جسدٌ بشري مكون من جزيئات صلبة دون أن تؤذيه !!
تخترقهُ بكل خِفة وكأنها تمر خلال هواء او دُخان.. او ربما شبح !!

انا من مات مرّتين

أردتُ إنتشال روحه من الموت ليس إلا !
كي لا يموتَ مرتين
لكنّني اليوم مَشلول السّاقين
محجوزٌ بغرفة صغيرة كضريبة و عقوبة لي مثل أي مجنون بالعالم _ يُفرَض حجزه _
كان الحديث إلى صديقي هو تُهمتي التي كُسرت بسببها حريتي ، إنسانيتي ، حتى ساقاي و قلبي … و كُلُ شيء
فعلمتُ أنه ..
انا من مات مرّتين ..!

 

بقلم: فاطمة حماد نواف

أضف تعليقك هنا