لالة عائشة قنديشة – #قصة

بقلم: حليمة وهيم

السير في الجو البارد

انها الساعة السابعة و نصف صباحا خرجت من المنزل متثاقلة الخطى فتأثير النوم لم تزل بعد فعاليته على جسمي كان الجو باردفهذا أمر اعتدنا عليه في شهر دجنبر و يناير من كل سنة أحكمت اغلاق معطفي البالي مغلقة كل ثقبة من شأن ان ينفد منه تيار البرد خبأت يدي المتجمدتين بين ضهري ومحفظتي ملتمسة بعض الحرارة تابعت طريقي وحيدة كما عادتي فأنا لا أملك صديقة كان الشارع خاليا الا من امراءة كانت تجري نحو منزلها بعد أن اقتنت خبز الفطور من عند الصادوقي و حافلة النقل المدرسي تدور في الأحياء و حيدة باحثة عن أطفال ينزعون عنها وحشتها بعد ليلة طويلة.

المدرسة وحضورها في أيام البرد

تابعت طريقي وحيدة فما تزال أمامي15 دقيقة سيرا على الأقدام للوصول الى الثانوية و البرد اللعين افقدني الاحساس بانفي مند الان سلكت طريقي المفضل الذي يمر امام الخيرية لا أعلم لما احب هذا الطريق كثيرا و لا ازال مخلصة له بعد كل هذه السنوات مع ان هناك طرائق عدة يمكن ان توصلني للثانوية فتانويتي مثل روما تماما كل الطرق تؤدي اليها, و في داخلي اسمع عقلي يلعن ضميري للمرة الأف لانه ارغمه على الاستيقاظ في هذا الوقت المبكر و في هذا الجو من أجل حضور حصة مادة الفلسفة.

إتفقوا على أن لايتفقوا

كنت احاول ان اكون محايدة وانا اضع هدنة الصلح بينهما لكن لم استطع –فبالله عليك-مالذي سيشجعك على الاستيقاظ في هذا الوقت أ من أجل  ان تقرأ نصوص كتبت قبل الميلاد- هذا ان كان الامر صحيحا- عشرات النصوص و المواقف لفلاسفة على مدى قرون من أجل ان تجد اجابة للسؤال الذي طرح في بداية الكتاب المدرسي – و الذي نسيناه بالطبع- و في النهاية تجد ان الجميع اتفق على ان لا يتفقوا ابدا كل واحد يؤول الموضوع لما يروق له و يختم الاستاذ المجزوءة بتلك الجملة الشهيرة التي اشك ان الدولة تطبعها في لسان كل الاساتذة المتخرجين حديثا.

الفلسة والفلاسفة

من هنا يمكن ان نستنتج انه يستحيل وضع اجابة قطعية لسؤال المطروح و الدليل على ذلك هو تعدد المواقف الفلسفية حيت نجد ان الفيلسوف الفرنسي –يؤكد على ان لا اعلم مالداعي لتدريس موضوع لم تحدد نتيجته ولن تحدد بالطبع انه أشبه بمناقشة امي و جارتها الأربع حول الفستان الذي لبسته جارتنا فاطمة البارحة كل واحدة منهن تعطي تأويلا لها حول المكان الذي اشترته منه أو الشخص الذي يمكن ان يهديه لها ان لم تشتريه هي بنفسها و في النهاية يفترقن بعد تلاث ساعة من الجدال المتواصل دون أي نتيجة تذكر …لا تخبرني انت الاخر ان الفلسفة تعمل من خلال السؤال علي تحريض الدماغ على التفكير لأيام أو ربما لأسابيع من أجل ايجاد او توليد فكرة معينة أنا.

عادات المجتمع

لا اصدق كل هذه الخزعبلات فأنا تربيت في مجتمع يضع النقاط على الحروف منذ البداية و يغلق القوس عند نهاية الاقتظاب انه الشعب الذي حاز على براءة اختراع نقطة النهاية لأننا ببساطة نكره اللانهاية الأشياء فكيف تريد مني الأن ان اتقبل هذا النوع من التفكير بعد ان بلغت من العمر عتيا -على كل هذا لا يهمني —-فأنا جل ما افعله في الحصة هو تأمل اوجه الفلاسفة من خلال لوحاتهم الشخصية التي تو ضع بجانب نصوصهم لأنتقل بعد ذلك لتتبع تطور الازياء في العصور و في بعض الأحيان اتبادل الابتسامة مع زميلتي في الفصل-العنكبوت- الموجودة في سقف الفصل أواتنمنى لها عملا موفقا في بناء فخاخها وكثيرا ما اتكلف لها بالتصميمات لأني بارعة جدا في الهندسة و الرسم و يزداد ابداعي اضعاف خصيصا في هذه الحصة.

المرأة الغريبة في الحي

السلام عليكم بنيتي —–يبدو ان أحدهم يناديني على كل كنت سأغلق هذا الموضوع لأن التفكير فيه كل هذه المدة الطويلة بالاضافة الي الحصة اشبه ما يكون بقضاء ساعة و ربع في الجحيم.
وعليكم و السلام و رحمة الله خالتي )خالتي هنا في منطقتي ننادي بها اي امراءة تكبر منا سنا و ان كنا لا نعرفها )
كان من يناديني هي امراءة التفت اليها ورديت لها السلام رحت اتأملها يبدو أنها جديدة في منطقتي و انتقلت حديثا فملامحها ليست مألوفة و غير مفهومة أو فقط لم استطع أن احتفظ بها في ذاكراتي طلبت مني ان اساعدها في حمل بعض الاغراض سألتها عن موضع منزلها لاني مازال يلزمني ان اقطع مسافة لا بأس بها لاصل الي الثانوية لذا لا يمكنني ان ابتعد كثيرا أو أغير مساري ردت علي بلطف مصطنع ان منزلها يقبع في نفس مساري لكن في الحي الخلفي حملت بعضا من أكياسها
و طلبت مني ان اتبعها.

صفات المرأة

كانت امراءة رشيقة أنيقة تلبس جلبابا أحمر أضفى لها لمسة جمال اضافية بجانب بشرتها الحليبية و مشيتها المميزة  كانت وكأنها تقف على أصابع قدميها لابد أنها كانت تلعب البالييه في صغرها كنت انضر الى رجليها طوال الوقت محاولة تقليد مشيتها لكن جلبابها الاخضر اللعين يغطيهما كثيرا و يجعل من الرؤية شبه مستحيلة رفعت عيني تدريجيا و  أنااتتبع تضاريس جسمها رجليها ثم فخديها الممثلئين ثم الطبقات المترهلة من البطن و التي يفضحها اكثر اللون الاخضر الفاقع لجلبابها —-عفوا الم اقل لك قبل ان جلبابها كان بالاحمر و ان قوامها كان ممشوقا في بدايتي لقائي بها ??اه يبدو ان التفكير الزائد في الفلسفة أفسد بعضا من خلايا العصبية و أضحيت أهلوس كثيرا لم اكمل خاطرتي الا وأجدهاتلتفت لي و تنظر لي بعينين جاحظتين و ابتسامة على محاياها و التي لا أعلم محلها في الاعراب.

فتح الحوار مع المرأة الغريبة

لو لم اكن شخصا منطقيا لكنت ظننت انها قرأت افكاري لكن هذا يستحيل سألتها ان كانت من اهل المنطقة و تعد هذه بادرة طيبة مني لمحاولة فتح حوار معاها كان جوابها لا وهكذا ردت باقتضاب على الاسئلة الاخرى التي طرحتها عليها تأكدت انذاك ان شكوكي في محلها لانها لو كانت من منطقتي لن تكف عن الكلام ابدا فقط كنت ساضغط على الزناد فتتكلم و تحكي لي عنشجرة عائلتها و شجار والدها مع عمها عن الارض التي ورثوها من ابوهم و التي توجد بنواحي اكادير و عن التهاب اصبع قدمها اليسرى و عن الخاتم الذي اشتراها لها زوجها في اول سنة زواجهما ولكن هذا السكون و الغموض الذي يحيط بهذه السيدة جعلني أتذكر تحذير أمي من مكالمة أو مرافقة الغرباء لكن اظن ان الأوان قد فات.

الوصول إلى بيت المرأة

الان فقد توقفت عند باب أحد المنازل وتبحث في محفظتها عن المفاتيح على مايبدو ,و ضعت اغراضها بجانب عتبة المنزل ما ان فتحت الباب و كنت اوشك على الانصراف لحالي سبيلي قبل ان توقفني و تطلب مني ان اوصلهم الى المطبخ و انهت كلامها – دخليوهم ابنتي —كملي الخير ديالك باش دي الاجر كامل – لتتبعها بعد ذلك بقهقهة غريبة استغرقت مني دقيقة كاملةلأستوعب أنها صاحبتها حملت الاغراض مرة اخرى و شعرت هذه المرة بثقلهم في قلبي كنت أعلم ان شيء ما خاطئ يحدث أو سيحدث فمخاوفنا نحن الاناث دائما ما تتحقق.

الحدث الغير متوقع

ما ان وضعت الاغراض على طاولة المطبخ اتجهت الى ناحية باب المنزل بسرعة البرق لكن وجدت ان حائطا ظهر من العدم و حل محل الباب الذي دخلت منه قبل دقيقتين فقط كنت احس بالضياع و البلادة —هل ستغادرين قبل ان تودعي خالتك عائشة قنديشة ?_ان كانت هذه اول مرة لك تسمع بهذا الاسم ارجوك لا تحاول البحث عنه فلا حاجة لك بالارق و الخوف الذي سيلازمك و سيرافقك لايام بعد ان تعرف على من اتحدث -استدرت ببطئ فلا داعي للعجلة في هذا النوع من المواقف لاني كنت أعلم و ان كان جزئيا ماذا سأجد نظرت الى وججها فوجدت انه لم يتغير لحسن حظي انتقلت ببصري لاسفل تدريجيا لاجد ان جزئها السفلي تحول الى ما يشبه الحصان او الجمال بلعت ريقي الذي تجمد قي حلقي بصعوبة —-ل ل ل لققد تاخرت.

القرار الصعب

لا اعلم كم استغرقت و لا كيف خرجت مني هذه الكلمات ابتسمت لي و اخبرتني ان ضيوف لا عائشة لا يغادرون منزلها لانها و حيدة الان و هي تخشى الوحدة اتجهت الى المطبخ و عينني مزالتا تتبعا جزئها السفلي ببلاهةاخبرتني أنها كانت سترحب بمساعدتي الا انها تخشى ان اعترض على فكرة ان أفسد الصلصة التي ستضاف لي و طلبت مني ان أكف عن التعرق لاني سأفقد ماءجسمي و هي لا تحب اللحم الجاف —-ما ان استوعب عقلي ما تروم اليه اطلقت صرخة انتشر ذويها في المنزل كصهيل الحصان هرعت مرة اخرى الى ناحية الباب أو المكان الذي كان فيه الباب و رحت اخبط و اضرب الحائط بكل ما اوتيت من قوة لكن الباب اختفى و لا يوجد الأن سوى القرميد وزعت نظراتي بسرعة في كل أرجاء المنزل باحتة عن منفد اخر اهرب او احتمي فيه.

إختفاء الباب 

رأيت باب صغيرا ينبعت منه و ميض صغير في الجهة المقابلة للمطبخ حاولت تذكر كل مشاهد افلام الرعب حين يحاوب الضحية الفرار من المجرم لكن ببساطة لم اجد شيء مخزن في دماغي لذا قررت تطبيق الخطة ب وهي أن أنفد بجلدي بما انا الخطة ا غير موجودة-اطلقت العنان لرجلي و اتجهت الى ذلك الباب الصغير اغلقته علي قبل ان تصل لي بعد ان لاحظت الضوضاء التي سبببتها كنت أتوقع ان تكسر الباب أو تظهر من خلفي لكن كل ما فعلته هو ان اطلقت قهقهتها الشهيرة نظرت الى المكان الذي دخلت اليه الظلام الحالك جعل من الرؤية شبه مستحيلة رحت ابحت عن ذلك الوميض الذي ظهر قبل قليل لكنه اختفى هو الاخر.أيعقل ان تكون هذه الغرفة فخا اخر من فخاخها ?لا ايعقل ان اكون أنا من سجنت نفسي و الان انتضر ان تأتتيو قت الغداء للتتناولني و انا طازجة الهذا اذن كانت تضحك? توقف عن القراءة ارجوك هل سبق ورأيت احد في غبائي? لا…كنت أعلم ان لا منافس في البلادة—حسنا اكمل –بدأت في البحث عن الوميض مجددا بعد ان لعنت نفسي بجميع اللغات التي اتقنها كنت اسبق يدي لاستكشاف المكان و في كل ثانية اتخيل انها قد تمسكهما او تظهر فجاة من خلفي لكن واصلت البحت لان لم يعد لدي ما اخسره اليوم سأكون وجبة غداء لاحدهم لا محالة فمالريب الان في بعض من المخاطرة لاخر مرة في حياتي.

النافذة الغامضة

البحثفي لحظة ما مسكت يدي بثوب او شرشف جذبته بقوة ليظهر لي أجمل منظر رأيته في حياتي نافذة زجاجيةكبيرة تطل على الشارع حملت أثقل ديكور موجود في تلك الغرفةو كسرت به الزجاج لكن فرحتي لم تكتمل فلم  استطيعأن أحدث ثقبا للقفز منه حتى كسرت هي باب الغرفة بضربة و احدة من رجلها لتكون على بعد خطوة انها واحدة مني لابد انه شعرت انها فريستها ستلود بالفرار و انها ستبقى اليوم بدون وجبة الغذاءنظرت اليها تم نظرت اشارع ثم بعدذلك مجرد فراغ لم اعرف كم مر منا الزمن –اثواني ام ساعات.

الحلم

فتحت عيني ببطئ متفادية ذلك النور الساطع الذي يخترقهما وانا احس بماء باردينزل بين لوحتي كتفي صخب كبير حولي –ضحكات تعلو و صوت احدهم ينادي على سقراط ,ول سيناريو سقط في دهني هو انني الان بين قبظتي للا عائشة و الماء الذي أحس برودته ليس الا لعابها و ذلك الصخب ليس سوى اصوات ضيوفها الذين دعتهم لتذوق لحمي المشوي و المثبل جيدا فتحت عيني على اخرهما لأجد استاذ الفلسفة يغلق قارورة المياه بعد ان افرغ علي نصفه انني في الفصل وتلك الاصوات لسيت الا ضحك و استهزاء زملائي —-اذن الامر كان مجرد حلم و عائشة فقط كابوس، واش انتي صافا?كانت هذه زميلتي خديجة تسألني ان كنت بخيروتسألني لماذا كنت اخبط و اضرب الطاولة قبل قليل  اجبتها اننبي كنت ابحت عن الباب
خديجة:اي باب?
باب منزل للا عائش—انسي الأمر لا شيء

 

بقلم: حليمة وهيم

أضف تعليقك هنا