من عنترة إلى عيد بن مربح

عنترة بن شداد

هو  أحد أعمدة الشعر العربي في العصر الجاهلي وصاحب المعلقة الشهيرة التي مطلعها:

هل غادر الشعراء من متردم                           أم هل عرفت الدار بعد توهمِ

واشتهر عنترة بحبه لابنة عمة عبلة التي هام فيها وتغنى بها في أشعاره كقوله:

سَأُضمِرُ وَجدي في فُؤادي وَأَكتُمُ                       وَأَسهَرُ لَيلي وَالعَواذِلُ نُوَّمُ

وَأَطمَعُ مِن دَهري بِما لا أَنالُهُ                         وَأَلزَمُ مِنهُ ذُلَّ مَن لَيسَ يَرحُمُ

وَأًرجو التداني منكِ يا ابنةَ مالكٍ                        وَدونَ التداني نارُ حربٍ تَضَرَّمُ

نسبه

نسبه : هو عنترة بن عمرو بن شداد بن معاوية بن قراد بن مخزوم بن ربيعة بن عوذ بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر.

وبشرته كانت سوداء جاءته من أمه زبيبة وهي أمة حبشية، فعانى من ذلك كونه أسود اللون وابن أمة، فلم يعترف به أبوه بالرغم من فروسيته حتى امتنع عن مناصرة قومه بني عبس، ليضطر والده في النهاية للاعتراف به كفرد حر من أبناء القبيلة بقوله ((كر يا عنترة وأنت حر))، فكر على الأعداء وهزمهم. عاش عنترة بن شداد في القرن السادس الميلادي ما بين عامي (5250-600) للميلاد وكان مقتله على يد فارس شاب من طيء اسمه زر بن جابر ويلقب بالأسد الرهيص.

عيد بن مربح

أما عيد بن مربح الرشيدي فهو الشاعر: عيد بن عوض بن مربح بن حمد القلادي الرشيدي، والرشايدة يعودون في نسبهم لقبيلة عبس، وقد ولد الشاعر عيد بن مربح عام 1948 وتوفي عام 2018 للميلاد. والشاعر عيد بن مربح من أعظم شعراء الجزيرة العربية الذين يكتبون الشعر الشعبي وتحديداً الشعر النبطي، ومن أشهر قصائده ((قصيدة علاوي نجد)) التي يذكر فيها نسبه لقبيلة عبس وافتخاره بفارسها التاريخي عنترة بن شداد: حيث يقول مخاطباً ابنه واسمه غريب باللهجة العربية البدوية النجدية:

يا غريب إن مت شلني إلى هاك الهضاب              حط قبري بين عنتر وابن عمه زهير

حطني في مقبرة عبس مروين الحراب              حطني بأعلى علم عبس مروين الشطير

وأهم قصائد عيد بن مربح قصيدة (المور) التي حققت انتشاراً كبيراً وأنشدها فهد مطر، ويتحدث في هذه القصيدة عن ظروفه الصعبة حيث استدان مبلغاً من المال واشترى به سيارة شاحنة من نوع (المور) فلما أبطأ في دفع الاقساط المتوجبة عليه قرر عدم العودة للديار حتى يجمع المال اللازم فحنَّ لأهله وابنه غريب الذي كان ما يزال طفلاً صغيراً.

المفارقة الشعرية

المفارقة الشعرية الغريبة أن كل من عنترة في معلقته ((هل غادر)) وعيد بن مربح في قصيدته ((المور)) قد خاطبا مطيتهما خطاب العقلاء بالرغم من الفارق الزمني بينهما الذي يصل لأكثر من أربعة عشر قرناً.

فالشاعر عنترة يقول في معلقته مخاطباً حصانه:

فَـازْوَرَّ مِنْ وَقْـعِ القَنا بِلِبانِـهِ                            وشَـكَا إِلَيَّ بِعَبْـرَةٍ وَتَحَمْحُـمِ

لو كانَ يَدْرِي مَا المُحاوَرَةُ اشْتَكَى                   وَلَـكانَ لو عَلِمْ الكَلامَ مُكَلِّمِـي

فالحصان شكى لعنترة ما أصابه بالدموع والحمحمة ولو كان يعرف الكلام لصاح به واشتكاه همه. بينما الشاعر عيد بن مربح فإنه لما كان يقود الشاحنة المور خاطبها أيضاً باللهجة العربية البدوية النجدية ، قائلاً:

يا المور خذ خانة الخامس من اليمنى       تحتر تبرد ترى الأخلاق تعبانة

لا تشكي الظلم حنا الوقت ظالمنا          ودليل ظلمي تراك تشوف برهانه

فهو يقول: عليك أيها المور أن تسرع لأقصى ما يمكن حتى لو ارتفت حرارة المحرك لأن الأمور التي اعيشها صعبة للغاية، وأنت أيها المور إن اشتكيت من الظلم فإنني مظلوم أكثر منك. نعم إن العبقرية الشعرية تنتقل من شاعر جاهلي إلى شاعر معاصر من نفس القبيلة.

فيديو مقال من عنترة إلى عيد بن مربح

أضف تعليقك هنا