الحراك والتيّار بالجزائر

بقلم: أصيل اكسال

الحراك الشعبي 

إن المتمعن في الحراك الشعبي بالجزائر يدرك جليا أن صدى صوت تياران بدأ يتردد.الحراك الذي انطلق بشعار واحد أوحد المتمثل في إسقاط النظام لم يزل قائما و مهيمنا إلا أن السبيل أو الشكل لمحوه أو الإنتقال لجمهورية جديدة أصبح هو المفرق.الكل متفق و مصمم على تغيير و إزاحة المفسدين.لكن في تخطي المرحلة أو شكل تخطيها برز الإنقسام.

الأحزاب الديمقراطية

التيار الفرنكفوني بجرائده و إعلامه و بعض من الأحزاب الديموقراطية التي ينعتها البعض بالعلمانية تنادي و تطالب بمرحلة إنتقالية.عكس التيار الثاني المتمثل في في الأحزاب التقليدية و بعض من التيارات المناهضة تاريخيا لهيمنة الثقافة الفرنسيىة التي توافق على إجراء إنتخابات رئاسية يعقبها ما يقي من إصلاح، الجيش الذي كان و لم يزل مساندا للحراك يعلن توافقه مع المرور السريع لإنتخابات رئاسية مع الوضع الحالي .قد يكون للجيش حججه المعلنة و غير المعلنة و قد تكون للتيار العلماني مبررات لتخوفه و هواجسه.إلا أن الحراك لا زال متواصلا…. على ضوء ما سبق أرى أن سبب الخلاف حول شكل المرور لمرحلة جديدة ، لا يكمن في تغيير النظام، فهذا أصبح ضرورة حتمية و قد بدأت ، بل لأن البعض يرى فرصة الحديث عن الدستور و تغيير النظام ،يراها سانحة لمراجعة البعض مما نعتبرها ثوابت. و بالتالي فبين ارتفاع سقف مطالب البعض من اسقاط النظام لمراجعة الثوابت و بين هاجس الجيش و تخوفه من الإنزلاق نجد باقي الشعب محرك الحراك غير مشارك في أبعاد و مساعي التيارات الغير معلنة. لو تغيرت حكومة بدوي بتشكيلة و وجوه جديدة مع صلاحيات محددوة قد تضيع الكثير من الأوراق عن التيار العلماني.

الأحزاب التقليدية

قد تنكمش الأحزاب التقليدية التي لم تزل تهيمن على البعض من الإدارات و المِؤسسات. سقوط حكومة بدوي أراه يساهم ليس في تغيير النظام فحسب بل يدعم ثقة الشعب في حراكه و التأكد من أن حملة العدالة ضد الفاسدين ليست مسرحية كما يروج لها…محاولة هيمنة التيارات و الإيديولوجيات على الحراك فشل إلى يومنا .لا زالت كلمة الشعب موحدة و لا زال شعارهم واحدا.”يتنحاو قاع” في إنتظار ذلك البعض يرفع علما غير العلم الوطني و قد يثير هذا آخرون للهتاف بشعارا جديدا و قد يليه ردات فعل أخرى.

الفساد والفاسدين

إن كنا نريد و نطالب بتنحيتهم كاملا فما المجدي من رفع علما غير العلم الوطني أو حتى معه. حراكنا ليس لإسترجاع هوية أو دين أو عقيدة بل لإزاحة نظام فاسد يحكم الجزائر.لأننا جزائريون انتفضنا ضد الفساد و الفاسدين .يومياتنا كانت معانات مع تسييرا بدد الأموال و هجّر الأدمغة و ضحك علينا بعشرات الإنتخابات،تسييرا صنع أوليغارشيا اقتسمت الأراضي و المصانع ،تسييرا من طرف عائلات امتدت أذرعتها كالأخطبوط بأعماق بحر خيرات الوطن… أن نثير أو نتفاعل أو نرد على أي طرح ديني أو ثقافي أو جهوي في هذا المرحلة سيصب حتما في إنحراف الحراك الشعبي.لا غرابة في أن الكثير من الشخصيات و المجموعات حاولت و لم تزل تسعى لركوب الحراك بأفكارهم و ميولاتهم و حتى بالإيحاء لإبراز شعارات و رسم خططا لا تخدم الوطن.إلا أن تمساك الشعب خيب الكثير من هذه المحاولات. الأصعب في الثورة لا يكمن في اندلاعها ،بقدر ما يكمن في ما يلي إنتصارها.نشوبها سهل لأن الأسباب متوفرة و الحلم قائم و الشعار واحدا إلاّ أن تسيير ما يلي النصر تتحرك النعرات بكل أحجامها من الفردية للفبلية للجهوية…أن نسقط نظاما مستبدا و فاسدا لم نجد غير الشارع و حناجرنا و بأروع السلوك رسمنا أجمل و أبهى الصّور لكل الشعوب لأجل حلم ….لم يكتمل….فلنظل مواصلين كما صنعناه من أول يوم.

بقلم: أصيل اكسال

أضف تعليقك هنا