اللعب بقطع الشطرنج

مقدمة

كثُرَ الكلام وضُرب المثل في قطع أو حجارة الشطرنج كما لو أنها جماد نحركها كيفما أردنا، وكما أننا نجعلها تخرج من اللعبة متى أردنا. أود التنويه أولاً إلى أننا إذا أردنا أن نلعب الشطرنج فإنه علينا أن نستخدم كل القطع أو أحيانا جزء منها وذلك لتسهيل دروس الشطرنج عندما يكون تلاميذي مبتدئين. لكن، على جميع الأحوال، لن نستطيع اللعب باستخدام قطعة واحدة فقط لأن ذلك غير جائز، ودون معنى.

إذن، قطعي الستة عشرة، هي مجموعة من القطع بعضها متماثل وبعضها مختلف وهي كلها تشكل فريقاً متكاملاً غايته الوصول إلى هدف محدد لا غيره وهو حصار وأسر ملك الخصم. المقصود بفريق متكامل هو أن لكل قطعة أهمية وقدرة خاصة بها، كثيراً من الأحيان تكون مختلفة عن قيمة وقدرة أعضاء الفريق الأخرى رغم أنها قد تكون مثلها بالشكل والاسم. أعني أنه ليست مهمة وقيمة وقدرة كل بيدق متطابقة مع أية بيادق أخرى. بالتالي لا يهم ما هو اسم القطعة التي تحركها أو إلى أين تحركها، المهم هو ماذا تستطيع هذه القطعة أن تقوم به في تلك اللحظة حيث أنها قد تكون أكثر فعالية من قطع أخرى تفوقها بالقيمة الرياضية.

قواعد

هل هذا يتحدد بحسب رغبة الإنسان اللاعب لدرجة معينة؟ نعم، وأغلب الأوقات لا، خصوصاً عندما يكون رسيلك ماهراً. تقدر أن تقوم بخطوات غير واعية أحياناً على أساس إرباك خصمك نفسياً وفي النهاية ما تقوم به من نقلات وتفكير وتخطيط إنما يكون ما يعبر عن جوهرك وليس هناك خطة مسبقة عليك الالتزام بها في أغلب الأوقات.

الشروع في اللعبة بعد الأساس-الافتتاح- يكون غالباً بالتجربة وليس عليك بالضرورة وجوب إيجاد وسيلة –خطة- للوصول إلى أي مكان أبداً، وبمجرد أن تبدأ بنقل القطع فإن شيء ما سيتبع وبعد ذلك يتحول الأسر إلى حوار مع رقعة الشطرنج. طبعا هذا الكلام يكون بدون معنى إذا لعبت الشطرنج وكان هدفك الخسارة الذاتية ومن بداية اللعبة كنت تساعد الرسيل على هزمك. لكن من يلعب الشطرنج ويكون هذا هدفه؟!

يتوجب على من يلعب الشطرنج أن يُنظّم قِطعه بحيث تساعد بعضها البعض من ناحيتي الحماية والهجوم، وأن يدافع عنها ويناسق بينها لكي تنفذ خطة معينة (أو أكثر) للهجوم والفوز. أحياناً نحركها بشكل ساذج بحيث نضعها في مكان غير مناسب وبالتالي نخسرها نتيجة هذا. وأحياناً أخرى تكون القطع بمثابة وحدة واحدة تنفذ خطة جيدة وتفوز. بالمناسبة، إنهاء لعبة الشطرنج-أي أسر الملك- لا يمكن تنفيذه بواسطة قطعة وحيدة، نحن بحاجة إلى قطعتين على الأقل.

مهارة/ سياسة/ إبداع

إذا راقبت لعبة شطرنج، هل تستطيع استنباط قدرة اللاعب على المراوغة، العدائية، التخطيط طويل الأمد، مدى تناغم فريق القطع مع بعضه، التسرع والبديهة، الاستسلام للأمر الواقع؟ الأنانية؟ تأثير الرسيل المادي والمعنوي عليه؟ الغموض؟ المنطق من وراء النقلات؟ يقوم بنقل القطع بشكل سريع، ثم على مهل، أو بالعكس، ببطء شديد، ثم نهاية حاسمة؟ حالّ للمشاكل؟

الإجابة على التساؤلات أعلاه تختلف بالاعتماد على العديد من العوامل مثل الخبرة والوقت والتأثير العاطفي وغيرها. أو ببساطة يمكنكم اختبار ذلك بأنفسكم لاحقاً. وقد لا تكون نتيجة هذه التجربة هي المهمة هنا بل ما يمثله ذلك، أقصد، هل يشبه ذلك تعريف ما يقوم به مثلاً لاعب رياضة أخرى؟ مصمم متحف متميز؟ قائد أوركسترا؟

التوافق والحركات نتاج الدماغ والنتيجة هي سلسلة من الانطباعات الذهنية المرئية على الرقعة، وهي شكل من التواصل لا يماثل الأسلوب المنطقي للتحديد والتحقق بالضرورة الذي يتّبِعه رجال العلم والرياضيات. مجرد ما تشعر به في داخلك وتكشفه في الحركات على الرقعة بحرية تامة أنت تقوم بما يرسمه الفنان على لوحته أو الملحن في كتابة سمفونيته. تحاول الوصول وتنفيذ الخطة بناء على معلومات وخطط مخزنة بالذاكرة ولكن تود تجربة أماكن مجهولة بالاكتشاف والتحري عما سيظهر لاحقاً في المجال الخاص بك. وأنت لست داخل نمط تقليدي حيث أنه ليست هناك لعبة تكون متوازية ومتطابقة مع غيرها.

خطورة وغموض إيجابيين

قد تكون لعبتك عادية مع أنها لم تُلعب من قبل، فيها العديد من النقلات الافتتاحية التي قمت بها مسبقاً في لعبات قديمة أو قد قام بها لاعب آخر في لعبة مختلفة، وتتمة اللعبة غير المسبوقة تكون مميزة ومختلفة بمقاييس مختلفة أهمها مقدار العنفوان، المجازفة، وعمق التخطيط. وهذه ميزات تتوفر عند الكثير من اللاعبين المخضرمين ونرى مثل هذه اللعبات العديد.

غير العادي في مستوى اللعب هو الدخول إلى منطقة لم تصلها أنت وغيرك من قبل ويكون ذلك غريباً ومميزاً للجميع عدا المجازفة الفاشلة وعمل أخطاء واضحة فإن مقدرة وقوة لاعب الشطرنج تُقاسان بقدرته على المجازفة بدخول منطقة مجهولة، وهذا يحصل أمراراً. ما لا يحصل إلا في القليل من اللعبات هو الدخول إلى هذه المنطقة المجهولة وتحقيق نتيجة إيجابية من وراء ذلك. هذا هو الإبداع!!

فيديو مقال اللعب بقطع الشطرنج

أضف تعليقك هنا