الصرخة

في حوار مع النفس

في حوار تبادلي بين الإنسان ونفسه ريثما تنجلي له بعض الأمور في لحظة استفاقة من غفوة جهالة طالت أم قصرت، جراء التأثر بمواقف معينة مرّ بها، كأنْ قرأ كتاباً أو مقالا، أو درس تخصصا علميا ما، أو سافر إلى أماكن عدة، وخالط الكثير من الأحداث والأشخاص لفترة من الزمن، أو خاضها بأكملها في بيئته المحلية الوطنية، حيث عايش جُلّ تفاصيلها بلغته الأم الأوعى للفهم والإدراك، دفعه هذا كله في نهاية المطاف، وبعفوية شديدة إلى استخلاص النتائج السلبية منها والإيجابية.

ربما أحيانا كثيرة دفعه إلى وضع بنود ترتبت على النتائج، والتنبيه والاكتشاف للدروس والعبر، وإلى أكثر من ذلك حيث تبني رؤية واضحة المعالم تتلخص في خطوط عريضة يندرج تحتها كل التفاصيل، والتي يعمل تجديدها وتطويرها باستمرار، إلى تنمية المجتمع، كلما تطلب الأمر ذلك لمصلحة الأمة والمجتمع، أي أن من استغراقه في إخلاصه لحب الوطن بدافع من الولاء الخالص لدينه وأمته ، وإذ تنضح الذاكرة بفكرة بما أحس واعتقد بصدق من عميق إحساسه بالمسئولية الفردية ، تجاه ما يعايشه من مشكلات وقضايا عآمّة وخآصة.

لأنه ببساطة جوهر الموضوع يكمن في تلك القاعدة الذهبية ” سر التقدم معول علي المسؤولية الفردية بدآءة يتبعه المجتمع كآفة، أي أن الوعي مزود الطاقة والذي يشحن طاقة الفرد ثم يتبعه التفاف المجتمع نحو هدفه الواضح المنشود، ألا وهو اللحاق بالأمم الناهضة في الواقع المُرّ الذي نحياه جميعاً منذ عقود عديدة ملت النفس من عدها اختناقاً ؛ لكن ذلك لن يصبه الوفاق إلا بوعي ورغبة أكيدتين من الحكومة الوطنية، والتي تحتكر التنفيذ والتشريع والقضاء والعنف المتمثل في الهيئات الأمنية والعسكرية .

كيف تنهض الأمة وتنشل من الضياع؟

وإذ تهيأ المناخ وتذلل العقبات وتعد القوانين وتراقب على تنفيذها على وجه الدقة والصحة، فبذلك وفقط تنهض الأمة وتنتشل من الضياع، وتستنبت أجيالاً علي الرفعة وعلو الهمة، تحافظ بكل ما أوتيت من قوة علي ذلك الميراث العتيد، بل وتستزيد من العمل إلي أجل مديد حتى تهلك الأمم جميعاً أو يفنى الكون ريثما تحل أولى علامات الساعة الناهية للحياة بجمع القمرين ” الشمس والقمر” وإلقائهما في نار الجحيم. ثم الحشر فالحساب لذلك اليوم التناد.

ذلك اليوم الذي لن يظلم فيه بشر ولا جآن، كل بالإذن يتقدم ويتكلم في مقام ليس فيه سعة لا لكذب أو إدعاء بغير ما وقع وكان، لذا علي الإنسان في كل مكان مسلم أو فلتان من ربقة الإيمان، أن يعي الخير الكامن في الخلق والإيجاد ، حيث تحقيق العدل والعمران . لا كما قيل أو يقال حقيقة أو أوهام في غابر الزمان من تاريخ حضارة فراعنة الأرض الشداد .

” خلاص العالم يكمن في أحشاء الموتى ” دلالة ومعنى .

كيف تم إختيار الكاتب لرواية الصرخة؟

تلك إذاً هي القضية وإذ كنت مشغولاً بالتفكير في بعض الموضوعات حيث استقر بي الخاطر لكتابة مقال، فإذا بناظري يجول علي شاشة الإنترنت ، إذ أصابني الذهول عندما اخترت عنوانا له، حيث عثرت علي رواية تاريخية بوليسية بنفس العنوان الذي ثبت عليه خاطري ” الصرخة ” بل والأدهى من ذلك كله توافق المضمون والمحتوى إلى درجة تكاد تتطابق مع فكرتي، وكأنما تلاقت الأرواح في عالم الدنيا قبل تلاقيها في عالم البرزخ، فاتفقت على كلمة سواء بين كلانا، دونما معرفة سابقة بيننا لا بالسمع والقراءة، ولا بأي وسيلة أخرى.

وجدت فيها ما كنت أحدث نفسي به ولم أبوح به لأحد قط . استمتعت كثيراً بالرواية ” الصرخة ” أثناء القراءة وبعد الانتهاء منها. تلمست فيها كل خيوط الأفكار والموضوعات التي عايشتها طيلة حياتي، بشكل أو بآخر .

حول حبكة رواية “الصرخة”

باختصار شديد تدور أحداثها حول شخصية بطلها ” أيمن ” ضابط شرطة برتبة مقدم ، حيث تنامت في داخله أفكار ومعتقدات ورثها عن جده ” سلمان” عالم الأثار الذي درس الدكتوراه في فرنسا أخريات أيام محمد علي ، مع زميل له ” كامل الأسيوطي” والذي هو طرف أصيل في الصراع مبدئه ومنتهاه .  وحيث الطموح أن يصير يوماً ما وزيراً للداخلية ، ثم تطور الأمر معه إلي حكم مصر ، ومنه إلي السيطرة علي العالم من خلال التعويذة المقدسة والسحر والشعوذة ، حيث ستمكنه من امتلاك قوة خارقة تفوق قوة البشر .

إذ يكون حينها ابنا للشيطان ونبياً له إلي سائر بني البشر يعبدونه ويأتمرون بأمره إلهاً لهم، واستناداً إلي ذلك يقوم بجرائم عدة، وهذه هي وسيلته إلي خطته في الحصول علي التعويذة المقدسة إياها التي ستمكنه من حكم مصر والعالم بقوة المردة من الجن والشياطين والأفاعي وعالم الجحيم الأبدي .

قام أيمن بقتل امرأة ليل في العشرين من عمرها بعد معاشرتها، حيث وضع مادة سوداء سامة من أحشاء مومياء في فمها، أدت لوفاتها على الفور، ثم ذبحها من رقبتها وكتب على ظهرها طلاسم باللغة المصرية القديمة وتركها عارية تماما في غرفة نوم عالم الآثار الدكتور عمر حفيد كامل الأسيوطي حتى يورطه معه في القضية ويدفعه دفعا إلى تفسير الطلاسم وحتى يتحصل على المخطوطة التي كتبها كامل بخط يده.
حيث تحتوى أسرار تلك التعويذة المقدسة . ماتت الفتاة   متمثلة حالة المومياء الصارخة أو الفرعون الخائن ” نيتاؤر ” . ولكن أمه الملكة ” تيا ” الخائنة لزوجها ” رمسيس الثالث ” حيث قتلته أولاً باسكاره في ليلة حمراء، وضعت هذه التعويذة السامة في فمه، ثم ذبحته بخنجر من الذهب .

وإمعانا في توريط ” عمر” معه في القضية قتل رجلاً مسناً بائع للجرائد، بأنْ أوهمه أنه سيعطيه بعض الملابس المستعملة، حيث استدرجه إلي حديقة فيلته ، بعدما هيأ المسرح للجريمة . غيب وعي زوجته بوضع قرص منوم في العصير أثناء مشاهدتهما للتلفاز .

قتله بوضع التعويذة المقدسة في فمه والتي لا تتحلل في المعدة، ثم ذبحه كذلك بنفس السكين الذهبية التي سرقها جده زمان، وجرده من ثيابه ، فكتب علي ظهره طلاسم أخرى باللغة المصرية القديمة بصمغ الراتنج ، ودفنه في حديقة فيلته ، وإذ لم يكن القدر حليفه في إخفاء سره هذا حيث رآه ابنه أحمد طفل صغير، وهو يقتل المسن ويدفنه ، حينما كان يلعب في الحديقة فاختبأ ليرى ماذا يفعل والده .. حتى أنهى المجرم جريمته وانصرف ، فإذا بالطفل ينبش القبر ويجد الكارثة المروعة حقاً حيث أصابته حالة من الانهيار العصبي نقل علي إثرها إلي المستشفى للعلاج .

علي الجانب الآخر واصل عمر البحث بعدما هرب من أيمن في الطب الشرعي حين استدعاه لتفسير الطلاسم علي ظهر القتيل الأول ” الفتاة ” . وحيث لم يجد عمر مكانا وشخصا يلوذ به ويساعده غير زميلته في الجامعة الدكتورة فريدة منافسته في نفس التخصص ” علم الآثار المصرية ” جرّت عليها الأحداث توريطها معه في القضية واستمرا مع بعضهما إلي نهاية الرواية .

تواصل الأحداث البوليسية الشائكة في الرواية

تعاونا مع بعضهما علي تفسير الطلاسم فاحتالا سويا عدة حيل هروبا من البوليس ووصولا للهدف .في خلال هذه الفترة تنامت بينهما مشاعر الحب وطفت علناً علي الوجه واللسان .تعاهدا سوياً علي الزواج فوراً حينما تنتهي المحنة، أما أيمن فيتمكن فعلاً من إتمام خطته إلي نهاية الطريق .. ويصل إلى جثة الفرعون الخائن ” نيتاؤر ” أو المومياء الصارخة .. فيقتل ابنه طعناً في الصدر بالخنجر الذهبي ، ويغمس في دمه ريشة غراب، فيقرأ الطلاسم المقدسة من المخطوطة، فتظهر التعويذة المقدسة علي جسد الصارخة .

وينقلها كتابة علي جسده هو ، وبذلك تمت الخطة وتبدأ المردة من الجن والشياطين والأفاعي والجحيم الأبدي في الاستدعاء من العالم السفلي حيث السحر الأسود ، والقوة الخارقة الخفية والتي ستسخر له كل شيء في السيطرة علي مصر والعالم بمعاونة هؤلاء، ويلحق به زميله الرائد أمجد ونهى زوجته وعمر وفريدة . في المتحف الكبير بالهرم ، في محاولة منهم إنقاذ الطفل والعالم من شر المردة إياهم .  

وصل أيمن إلي المتحف بعدما قتل زميله الرائد دياب في الأقصر حينما تحصل علي المخطوطة من عمر وفريدة وفر هارباً، إلا أن دياب لم يمت رغم أن الطلق الناري بجوار القلب وحالته خطرة حيث أفاق لحظة دل فيها علي قاتله وراح في غيبوبة ثم أفاق ثانية أكد ما قال في المرة الأولى بالتفاصيل، أطلق أمجد الرصاص عليه بعد التنبيه عدة مرات متتالية ؛ لكنه لم يبالى وواصل القراءة والكتابة حتى بدت تزلزل أرض المتحف مع صدوح أصوات غريبة إذاناً بخروج المردة إياهم.

بل والأدهى من ذلك أنه لم يمت بالرصاص، إذ صارع أمجد في تعارك شديد حتى تمكن من كسر رقبة أمجد فخر قتيلاً ، ثم استلم القتال عمر حتى كاد أن يقتله أيمن بعدما أصابه بجروح . وتأتى المعجزة حينما سلبت نهى الخنجر من صدر ابنها وكتمت الدم في معاناة من البكاء والصراخ هى وفريدة . وإذ بنهى تطعن أيمن من ظهره بنفس السكين ، ويأتي دور ” عمر” ووضع المادة السوداء في فمه حتى مات من فوره متمثلا حالة الفزع التي أصابت الفرعون الخائن ” نيتاؤر ” من جحوظ العينين وبروز الأسنان .

تلك الحالة التي تصيبه من جراء رؤيته حال موته مردة الجن والشياطين والأفاعى والجحيم الأبدي . نهايتها. ويتم إنقاذ الطفل ويخلص العالم من شر الأشرار إياهم .. وينضم إلى قافلة القتلى حوراس المتحف الكبير .وهكذا جسدت الرواية الحبكة الدرامية ، استنادا إلى بعض المراجع التاريخية ومراجعة أستاذة جامعية للمعلومات التاريخية كما ذكر المؤلف نفسه .لكن بغض النظر عن الحقيقة والخيال فيها، لأنه ببساطة ليس هو جوهر الموضوع ، فالحقيقة خيال إن كذبتها والخيال حقيقة إن صدقتها.

لكن ما يهمنا هنا هو استخلاص المضمون ” الرؤية ” من وراء الصرخة ” الحدوتة ” .

خلاصة الرؤية وانعكاساتها

 كيف يكون خلاص مصر والعالم من المعاناة والظلم وإحراز التقدم؟

  • أن أفيقوا أيها الناس يا عالم يا هوووه  اعرفوا تاريخكم القديم والحديث حينها وفقط تمتلكون القدرة على الفهم ومجاراة الواقع نزوعاً إلى التحرر من التكاسل والجهالة بالتاريخ ومقدرات الوطن والشعب والظلم والفساد والرشوة والأوهام الخادعة من مثل الدجل والسحر والشعوذة و التي يلجأ إليها أناس كثيرون عظم شأنهم أو حقر قدرهم للأسف الشديد .
  • إن خلاص مصر و العالم يكمن في العدل والمساواة وحرية الرأي والتداول السلمي النزيه للسلطة وعدالة توزيع الثروات الطبيعية والموارد البشرية . وحسن استغلالها وتنميتها على أحسن وجه ممكن ، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ، وعدم الكيل بمكيالين ،يعنى أنه بات من الضروري جدا الاجتهاد في بناء نظريات جديدة في السياسة والاقتصاد والاجتماع والقانون و الفقه الإسلامي والقانوني على الأقل بالنسبة لنا كـعرب، فقد عانت الدنيا الويلات من المكيافيلية والبراجماتية والشيوعية والدارونية والصهيونية  .
  • إن خلاص مصر يكمن في تنامى الوعي باستمرار والذي بدوره سيدفع بقاطرة مصر نحو عصر النهضة والتقدم كما حدث في أوروبا ، ومنه يمكن السيطرة علي العالم ومنع الحروب الكارثة والاحتلالات الحادثة والسرقات الخاسفة من قبل الدول القاهرة بقوة السلاح والاقتصاد مثلما حدث في العراق وأفغانستان وغير ذلك الكثير منسيا كان أو يذكره ذاكر ، فليس في الزمان مثيلا للعدل الذي تحقق بقوة السلطان أيام دولة الإيمان ” العثمانية ” لا بالسحر والشعوذة والظلم وسفك الدماء الحرام بغير حق  .
  • إن خلاص مصر والعالم يكمن في عدم سرقة الآثار المصرية وبيعها للخارج ، حيث يعد جريمة نكراء في حق الأمة والتاريخ المجيد لها ، فبذلك نفقد جزءًا فجزءًا من تاريخنا حتى لا يبقى لنا شيئاً نفخر به ، أو حتى نستفيد منه فنعيد الأمجاد ونضيف للأنام ما تجود به نهضتنا إسهاماً منا في عمارة الأرض إذ الكون قرية صغيرة الآن فما تقدمه لنفسك يعود بالنفع والمصلحة عليك وعلى غيرك على حد سواء والعكس صحيح .
  • إن خلاص مصر وتقدمها يكمن في أنه يجب على السلطات الوطنية أياً كان توجهها السياسي ليبرالي أو علماني أو يساري أو يميني على اختلافه .. الحفاظ على تلك الثروات ” الآثار ” بكل السبل الممكنة ، وسن قوانين جديدة رادعة أو تعديلها ؛ بتحريم بيع الآثار ، بل وتعتبرها خيانة عظمى تستوجب المؤبد أو الإعدام أو النفي من البلاد وإسقاط الجنسية عنه .لأنه بالتفريط فيها يغيب عنا جزءًا هاماً من تاريخنا مما يؤدى إلى دوام حالة التخلف الحضاري والفقر الاجتماعي والاقتصادي والذي يؤدي بدوره إلى الثورات المدمرة والاحتلالات الأجنبية … إلى غيره…….؟
  • أن خلاص مصر وتقدمها يكمن في تبني خطة شاملة ممنهجة على كافة الأصعدة يشارك فيها العلماء والطلبة والجامعات والمدارس ووسائل الإعلام الوطنية في التوعية بأهمية الحفاظ على تراثنا الحضاري .. فرعوني .. مسيحي .. إسلامي .. إلى إنتاج مواد تثقيفية وثائقية. وعدم المساس بها بأي شكل من الأشكال ، فمن غير المعقول أن تكون بلادنا تضم ثلث آثار العالم . ويتم التهاون فيها .
  • اعلم أن خلاص مصر وخلاصة تاريخها ورد في قصة نبي الله موسى عليه السلام في أكثر من سورة من القرآن الكريم الذي يتعبد بتلاوته المسلمون في كل بقاع الأرض إلى يوم البعث العظيم .

فليدرك المصريون تلك المعاني لتتخلص مصر من أوجاعها ومعاناتها وتتقدم

فهل أدرك المصريون هذه المعاني عند التلاوة والصلاة ووقفوا عليها بالدراسة والتحليل . إذ لم يكن الله أن يذكر قوماً في القرآن ويرسل إليهم نبياً معززاً بأخيه هارون نبياً إلى قومهما بني إسرائيل، ومن دعوة أهل البلدة التي استجاروا بها ملاذاً وملجأً من الشتات والاضطهاد ، إلا للخير العميم والقدر العظيم للمكان وأهل ، حيث العبرة والاعتبار لذوى الألباب.

من المناسب جداً أن يكمن خلاص مصر وتقدمها بسن قوانين للترغيب ومنح المكافآت المالية الكبيرة للذين يعثرون على آثار أو يبلغون عن اكتشافات أثرية وغيرها.

أيضاً من المناسب جداً أن يكمن خلاص مصر والعالم في التجديد الديني الحقيقي مبرأً من الأغراض الخبيثة لهدم الإسلام، إذ هي مهمة خطرة منوط بها العلماء الأفذاذ المخلصون والذين أفنوا أعمارهم في التعلم والتدريس والتأليف . فلا يعقل أن تحفظ الأمة العربية أيام الدولة الأموية والعباسية علوم أثينا الوثنية وتستفيد منها وتضيف إليها من شتى العلوم فلك وكيمياء ورياضيات وفلسفة … ؟!

ثم تأتي أوروبا لتأخذ ما أنتجته حضارتنا من علوم في مجالات شتى إبان الشرارة الأولى لنهضتها ، بل وتضيف عليها وتنتج علوم أخرى ساهمت في قوتها ، بل وأكثر من ذلك أنه في كل بلد أوروبي يوجد عالم أو مفكر أنتج علم أو أسس نظرية إلا و عُــدَّ رائد فنه أو مؤسس له أو أباً روحياً له ، وحيث يأتي أخر في بلد أخر يأخذ عنه فنه ويضيف عليه إلا ويُعـدّ كذلك في بلده رائد فنه …. وأكثر من ذلك أنه يوجد الآن علم الاجتماع الفرنسي الذي بني في بيئته بمفرداته وعناصره الخاصة ، وكذلك القانون وفقهه والطب والهندسة والكيمياء والرياضيات والفلسفة وعلم النفس …. إلخ…؟! وأيضاً ينسحب هذا النموذج على كل دول أوروبا القارة العجوز ، ومنها انتقل إلى أمريكا وغيرها ..؟!

مشوارنا العلمي في العالم العربي طويل أو لم يبدأ بعد

أما نحن العرب فمازال المشوار أمامنا طويل جداً ، لأنه باختصار الخطوة الأولى لم تبدأ بعد ، حيث وقف الجهد العلمي عند ابن أبى الأزرق وابن النفيس وابن حيان وابن الهيثم وابن سينا والكيندى وابن خلدون والرازى والفارابى .. منذ زمن بعيد.. فهل من مجيب …؟؟!!!

اعلم أن خلاص مصر والعالم يكمن في امتثال ما فعلت أمتنا أيام الدولة الأموية والعباسية في عصر النهضة والقوة ، أو كما فعلت أوروبا . فلنسأل أنفسنا الآن ماذا قدم المسلمون لدينهم أولاً ، ثم لأمتهم ثانياً ، ثم للعلوم كافة شرعية ودنيوية ، ألا يعلموا أنه يوجد ملايين المخطوطات الإسلامية لم تطبع إلى الآن ، لأن كل منا ينظر إلى مجده ومصلحته الشخصية وكم يحصل من المال . في علوم الحديث والفقه واللغة ….. وغيره الكثير ..؟! حيث عُلمت لدى طلاب العلم من كلام المستشرقين ومؤلفاتهم . والبعض الكثير منها مجهول البيان أي لا يُعْرفُ له مكان أو وجود .

وأخيراً يكمن خلاص مصر وتقدمها في سعى الأفراد والجماعات الوطنية في القيام ببناء مؤسسات اجتماعية أهلية تساهم في تنمية المجتمع والتوعية بالحفاظ على ثروات ومقدرات الوطن والأمة ، كتأسيس جمعية لجمع التراث ونشره والتوعية بالحفاظ عليه وأهميته ، ومن إعداد قواميسن في العامية المصرية ، والمهن اليدوية وغيرها ، الأمثال الشعبية ، واللغتين في المصرية القديمة ، قواميس للأماكن السياحية والمعالم الأثارية ، وإلى غيره من الأنشطة المختلفة، وكأن يقام دورات تعليمية في هذه المؤسسات لتعليم اللغة المصرية القديمة والعربية سواء بسواء .

فيديو مقال الصرخة

أضف تعليقك هنا