دمعة على اللغة العربية

لغة الأم

هل في إمكانك أن تفهم القرآن والسنة من غير تعلم اللغة العربية؟! لا سيما وأنت أعجمي. كلا والله! بل عليك أن تتعلمها-في بادئ الأمر- مع لغة أمك. فإذا أخذت من نصيبك حظا وافرا عرفت حق المعرفة ما شرع الله لك في الدين. ولا يكفي أن تنهل منها غرفة أو غرفتين,فثمة مسائل كثيرة استمدت من بطون دقائقها وغوامضها, فواجب عليك- يا طالب العلم- أن تغوص البحر إن رمت الجواهر واللآلي.

علماء العجم

يا أخي!هات أي عالم كبير ذاع صيته واستفيضت شهرته, إنك لا تلفيه إلا وهو فارس حلبة هذه الصناعة. فالأمثال حية تدل على ذلك: انظر إلى الإمام الشافعي وابن حزم كانا شاعرين, وابن تيمية وابن القيم وابن حجر والسيوطي (رحمهم الله جميعا) ليسوا أقل منهما في الإجادة والإبداع …وهلم جرا. حتى علماء العجم بل علماء وطننا أيضا خاضوا في هذه المعركة وصاروا يطلقون العنان كما شاءوا في هذا الميدان, انظر إلى صديق حسن خان والشاه ولي الله المحدث ومحمد عبد الرحمن المباركفوري وأبي الحسن الندوي ومقتدى حسن الأزهري (رحمهم الله جميعا) وأمثالهم كانوا يلفظون الدر وينفثون السحر في كلماتهم السلسة العذبة, ويهب منها أريج الفصاحة والبلاغة فيعطر القلب ويمس حبة الفؤاد وينعش الروح. بل انظر إلى مشائخنا اليوم تجد أن الذين علا كعبهم, ورسخت أقدامهمفي هذا الفن هم الفائقون. فلا مناص من هذه اللغة!

طلبة العلم

وإياك أن تفرح بالتراجم الأردية وغيرها فورب الكعبة إن لها دورا كبيرا وأثرا فظيعا لزوال المستوى الدراسي في المدارس والجامعات. لذا ننصح المسؤولين بأن يأخذوا على أيدي من كان تحت رعايتهم: فكم من طلبة العلم ضيعوا غنيمتهم من الأيام متيقنين بأنهم سيكتفون بهذه التراجم ويقتصرون عليها في أيام الاختبار, وليس ذلك إلا لحصول الأرقام التي تنجيهم, والشهادة التي تؤويهم. رغم أنه كان عليهم الرجوع إلى المشائخ في حل ما أشكل عليهم: وبذلك يتولد جو بديع وبيئة نضرة بين الطلبة والأساتذة, وتكون صلتهم معهم وثيقة. وأحيانا قد تكون المناقشة في الخلوة أفضل من الحضرة. وهكذا كان السلف.

أثر اللغة الإنكليزية على اللغة العربية 

ثم يا أخي! أريد أن أنبهك على أمر وقع في شرك مكيدته أكثر الإ خوان: ألا وهو إيثار الإنجلزية على العربية, إنني لأطرح إلى هولاء السؤال عن السبب الذي ألجأهم إلى ذلك؟ أهذا لكسب الأموال, وأعراض الدنيا؟ أم لنشر الإسلام؟ فإن كان الأول : فالنية فاسدة, ولا يستحقون البقاء في مدرسة أو جامعة: فهي لم تؤسس لهولاء, عار عليهم يأكلون ويشربون من أموال المسلمين وحالهم هكذا!. وإن كان الثاني فهيهات ذلك إلا بعد الرسوخ في العربية.

القراءة

ترى صاحب الأول وقحا صفيقا: فعندما تأتيه نوبة القراءة على الأستاذ يكاد يغمى عليه من شدة الجزع والفزع, يحسبها صاعقة جارفة اكتسحته, وجبلا هائلا انقض على رأسه, ووقعت الزلزلة في نفسه, وحينئذ لا يرى أمامه منفذا لينجو من هذا المأزق إلا اللجوء إلى أحد الطلبة المهرة, فيلتمس منه بكل تلطف ولين- وأحيانا يركن إلى المداراة والمحاباة- أن يكشف له الغطاء الذي حيل بينه وبين الكتاب, ويقول بلسان الحال:” إنني ضعيف في هذا المجال, مع أنني قضيت في الجامعة خمس سنوات”. يا له من مسكين وأي مسكين! يحتاج إلى أن يتصدق عليه المستطيع!, لا يكترث –على الأقل- لعرضه وعزة نفسه بلَه أنه خدع أبويه بل أمته قاطبة وخانهم, تُرى كيف يحاسبه الله!؟.

العلوم الإسلامية

هذا وإن العلوم الإسلامية كلها موقوفة على اللغة العربية, ولذلك نرى أن سبب زعزتها وانقلابها وموجب هبوطها وانحطاطها هو عدم العبء باللغة العربية وقلة الاعتناء بها!. ولعل ذلك مدلول حديث:” إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أَيَّامًا، يُرْفَعُ فِيهَا العِلْمُ، وَيَنْزِلُ فِيهَا الجَهْلُ…” ((متفق عليه)). ومن يدري – والعلم عند الله- أن يكون ذلك مصداق حديث:” بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا…” ((صحيح مسلم)).

فإنا لله وإنا إليه راجعون!.

فيديو مقال دمعة على اللغة العربية

 

أضف تعليقك هنا