الأدلة التي تحرم الجنة عن صاحب المعصية الواحدة.. بقلم : محمد علي ناصر النوامي.. موقع مقال

الأدلة التي تحرم الجنة عن صاحب المعصية الواحدة

بقلم : محمد علي ناصر النوامي

المعاصي

وهي الأدلة التي تنفي دخول الجنة عن أصحاب المعاصي ، وهذا دليل على أنّ صاحب المعصية الواحدة مشرك ولو لم يكن مشركاً فلا بدّ أن يدخل الجنة استناداًً للحديث المشهور أنّ النبي قال (أتاني جبريل فبشّرني أنّه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة)[رواه البخاري عن أبي ذرّ] وفي رواية أخرى وهي أنّه أتى النبي رجل فقال (يا رسول الله ما الموجبتان ؟ فقال من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار)[رواه مسلم عن جابر بن عبد الله] فعلى هذين الحديثين تبين أنهّ من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ، ولما قد أخبرنا رسول الله أنّ أهل المعاصي لا يدخلون الجنة إذاً فهم مشركون وإلا لدخلوا الجنة كما في الحديثين السابقين ، فالذي نستنتج من ذلك أنّ كلّ من قال الرسول أنّه لا يدخل الجنة لأيّ عمل فإنّما ذلك دليل أن ذلك العمل شرك ، ولو لم يكن شركاً لدخل صاحبه الجنة.

دخول الجنة

ومن هذه الأحاديث التي تنفي دخول الجنة بمجرّد معصية واحدة قوله (ثلاثة لا ينظر الله عزّ وجلّ إليهم يوم القيامة العاقّ لوالديه والمرأة المترجّلة والدّيوث وثلاثة لا يدخلون الجنة العاقّ لوالديه والمدمن على الخمر والمنّان بما أعطى)[رواه النسائي وأحمد عن عبد الله بن عمر] وحقّق الألباني في الجامع الصغير قوله (ثلاثة لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاقّ لوالديه والمرأة المترجّلة والدّيوث)[رواه أحمد عن عبد الله بن عمر] فهذا الحديث قد نفى عنهم دخول الجنّة أبداً بمجرّد معصية واحدة ، وقال (من ادّعى إلى غير أبيه لم يَرِح رائحة الجنة وإنّ ريحها ليوجد من قدر سبعين عاما أو مسيرة سبعين عاما)[رواه أحمد عن عبد الله بن عمرو] وقال (من ادّعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنّة عليه حرام)[رواه البخاري ومسلم وابن ماجة وأحمد والدارمي عن سعد بن أبي وقاص] وقال (يا كعب بن عجرة إنّه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به)[رواه الترمذي وأحمد عن كعب بن عُجرَة] وقال (لا يدخل الجنة نمام)[رواه مسلم وأحمد عن حذيفة بن اليمان] وقال (لا يدخل الجنّة من لا يأمن جاره بوائقه)[رواه مسلم وأحمد عن أبي هريرة]وقال (لا يدخل الجنة أحدٌ في قلبه مثقال حبّة خردل من كبرياء)[رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود].

صفات أهل النار 

وقال (صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مميلاتٌ مائلاتٌ رءوسهنّ كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)[رواه مسلم عن أبي هريرة] وقال (أيّما امرأة أدخلت على قوم رجلاً ليس منهم فليست من الله في شيء ولا يدخلها الله جنته)[رواه النسائي وأبو داود والدارمي عن أبي هريرة] وقال (لا يدخل الجنة قاطع رحِم)[رواه مسلم والترمذي وأبو داود عن جبير بن مطعم بن عدي]وقال (لا يدخل الجنة صاحب مكس)[رواه أبو داود وأحمد والدارمي عن عقبة بن عامر الجهني] وقال (ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة)[رواه مسلم عن مَعْقِل بن يَسَارٍ المزني] وقال (لا يحلّ لمسلم أن يهجر مسلما فوق ثلاث ليال فإنّهما ناكبان عن الحقّ ما داما على صرامهما وأولهما فيئا – يكون سبقه بِالْفَيْءِ – كفارة له ، وإن سَلّم فلم يقبل وردّ عليه سلامه ردّت عليه الملائكة وردّ على الآخر الشيطان وإن ماتا على صرامهما لم يدخلا الجنة جميعا أبدا)[رواه أحمد والطبري وأبي يعلى عن هشام بن عامر].

بعض الأمثلة من عذاب النار 

ومثل هذه الأحاديث قوله (من قتل معاهدا لم يَرِحْ رائحة الجنة وإنّ ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما)[رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو] وقال (من اقتطع حقّ امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرّم عليه الجنة، فقال له رجل وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله ..؟ قال: وإن كان قضيبا من أراك)[رواه مسلم والنسائي وابن ماجة وأحمد ومالك والدارمي عن أبي أمامة] وقال (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشّ لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة)[رواه مسلم والدارمي عن معقل بن يسار المزني]وقال (كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سِكِّينا فحَزّ بها يده فما رقأ الدم حتى مات ، فقال الله تعالى : بادرني عبدي بنفسه حرّمت عليه الجنة)[رواه البخاري ومسلم عن جندب بن عبد الله البجلي] وقال (أيّما امرأة سألت زوجها طلاقا في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة)[رواه أبو داود وابن ماجة وأحمد والدّارمي عن ثوبان].

المشركين

فهذه جملة من الأدلة التي تنفي دخول الجنة وتحرّم الجنة على صاحب المعصية الواحدة ، وكان يكفي مجرّد قول الرسول “لا يدخل الجنة” ، فتكفي هذه العبارة للدلالة على أنّ فاعل هذا العمل كافراً من حيث أنّ هذا العمل أحرم فاعله من دخول الجنة ، فقد بين الرسول أنّ من مات لا يشرك وجبت له الجنة وهذا دليل واضح وقاطع على أنّ أصحاب هذه المخالفات مشركين وإلا لدخلوا الجنة ، ولكن قد قالوا أنّ الدخول دخولان ، دخول مع الأولين .. ودخول مع الآخرين ، وأنّ الذين نَفَى عنهم الرسول دخول الجنة إنّما نفى عنهم الدخول الأولي وسيدخلون مع الآخرين .. وهذا القول من أقوالهم الباطلة، فلو كان هذا صحيحٌ لأخبرنا به الرسول الذي قد علمنا كل شيء ، فما كان ليترك هذا الأمر الخطير دون أن يعلمنا إيّاه ، أمّا نحن فلا نقول إلا بقوله وما زاد عنه فهو ردّ ..وبما أنّ الرسول موصوفٌ بأنّه المبين فمن قال بذلك القول الباطل فهو لم يَعِرف رسوله (أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون) وإنّما يُعرَف الرسول بصفاته ، فقد وصفه الله أنّه رسولٌ مبينٌ ، وقد بيّن أنّ أصحاب هذه المعاصي لا يدخلون الجنة وبيّن أنّ الذي لا يشرك يدخل الجنة ، إذاً فأصحاب هذه المعاصي مشركون.

معصية الله

ونقول لمخالفينا لم يسمح الله للرسول بأيّ تبديل قال تعالى له (قل ما يكون لي أن أبدّله من تلقاء نفسي إن أتّبع إلا ما يوحَى إليّ إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم)[يونس:15] ونحن كذا لا يحقّ لنا أن نبدّله من تلقاء أنفسنا أو لقول فلان أو فلان مهما عظم شأن هذا الشخص .. فالرسول أبين منه وأعلم منه وأتقى وأخشى منه لله فقد حكم على أصحاب هذه المعاصي بعدم دخول الجنة فحكمه هو حكم الله إذ هو المخبر عن الله تعالى .. فمن ذا الذي يجوز له أن يفسّر كلام الله إلى معاني متعددة ما أنزل الله بها من سلطان ويتحكم فيها كيف شاء حتى لا يَخرُج على حدّ زعمه عن مذهب سلفه ، وكلّ طائفة تقول هذا القول.

تحريف الكلام

وحتى الأمم السابقة لم يكن سبب ضلالهم وكفرهم إلا تحريف الكلم عن مواضعه ، وأي معصية أعظم من ذلك ، وقد قالوا أنّ من قال الرسول أنّه لا يدخل الجنة أو تحرم عليه الجنة سيدخلها ولكن مع الآخرين ، مع أنّ الرسول لم يقل ذلك القول ولم يقسم ذلك التقسيم (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً) وبعد ذلك الكذب المنسوب إلى الله ورسوله أصبحت تلك الأحاديث لا معنى لها .. بعد أن أصبح ظاهرها غير مراد وصاروا هم الذين يحدّدون المعنى ، ويختلفون في ذلك إلى أقوال عديدة حتى ضاع المعنى لهذه الأحاديث.

حكمة القرآن الكريم

وصدق الرسول إذ يقول (لتتبعن سَنَنَ من كان قبلكم شبراً شبرا وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ تبعتموهم ، قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال: فمن)[رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري] وهاهي بعض أعمالهم يحكيها القرآن الكريم حيث يقول تعالى (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سمّاعون للكذب سمّاعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تُؤتَوه فاحذروا ومن يُرِِد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يُرِدِ الله أن يطهّر قلوبهم لهم في الدنيا خزيٌ ولهم في الآخرة عذابٌ عظيم)[المائدة:41] فهم بعد أن حرّفوا حكم الله وأَتوا إلى النبي ليتحاكموا إليه ولكن لم يريدوا التسليم لحكمه مطلقاً وإنّما قال بعضهم لبعض (إن حَكَم لكم محمد بما عندكم فخذوه – ومعلوم أنّ ما عندهم محرّف – وإن لم يحكم بما عندكم فاحذروه) فما أشبههم اليوم من يقول : من قال لكم أنّ هذه الآيات والأحاديث التي تكفّر أهل المعاصي وتحرّم عليهم دخول الجنة ظاهرها غير مراد فخذوا منه ، وإن لم يقل لكم ذلك فاحذروه قال تعالى (أولئك الذين لم يُرِدِ الله أن يطهّر قلوبهم) أعوذ بالله من ذلك … وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

بقلم : محمد علي ناصر النوامي

أضف تعليقك هنا