دموع الفرح

دموع متنوعة

رأيت الصبي يبكي عندما يتوارى أحد أبويه عن أنظاره. و المراهق يبكي ألما عندما يعاتبه المؤدب على غلوائه وتهوره.
والشاب يسكب دمع الندامة على عثراته وزلاته… والكهول ينفطر قلبه لضيق عيشه وفقره، وطالما يناجي اليل بدموعه.
والشيخ يذكر ماضيه، وقربه من اللحد، وما صار إليه من ضعف وعجز، فيتنهد بأربعة سجام.
وهناك من يبكي من لذعات الهوى، ولوعات الجوى; على فراق حبيبه. تحلق ذكريات مؤلمة فوق هامته، فتخنقه العبرات، وكاد فؤاده ينزلق من مكانه.
وكم نسمع شهقات اليتامى وصرخات الأيام، وزفرات الثكالى… ونحيب المظلومين، وأنين المطرودين، وآهات المعوزين.. وتضور الجائعين.. وعويل أهل الموتى.
وفي زاوية المسجد يبكي العبد في سجوده وهو يناجي ربه… في دجى الليل… دموع غزار تجرح جفنيه.. والنشيج يتردد في صدره الذي بين جنبيه… خشية لعظمة الله وجلاله.. وخوفا من عذابه وعقابه… و… و.. و.. لكن إن تعجب فعجب ممن يبتسم ويبكي… يضحك والدموع تجري … إنها:

“دموع الفرح”

دموع لم تنحدر إلا لأحزان ومآس، طوى القلب عليها من أمد بعيد، فاستفرغت في صورة العبرات ; وما هي إلا آية على ذهاب الشقاء، وحلول السعادة، إنها رمز لبدء الحياة الجديدة ; حياة تتجلى فيها روح الغبطة والهناء.
تثكل الأم فلذة كبدها… تعوي وتصرخ والدمع ينزف… تمر الأيام والليالي…. تجف عيناها… ولكن مازال البث يفور ويغلى في قلبها… وذات يوم يبتسم لها القدر…إذا بها ترى الفقيد أمامها… لا تصدق عيناها… الله! كأن الدنيا اهتزت لهذا اللقاء المباغت… وكأن الأم عثرت على الجنة، تواً تضمه إلى صدرها الحنون…. وهنا تتمثل الآلام الدفينة في الدموع.
ترى المتيم المدنف – الذي اكتسحت قلبه لواعج الشوق وحرق التوق – عندما يهب الحبيب بعد طول الفراق _تفيض عيناه قرورا ; كأن دموع مآقيه تنوب عن أشجانه المكتومة.
وترى الشاب الطموح – الذي يفرغ جهده لتحقيق حلمه.. يكدح وينصب للفوز بالدرجة الأولى… يذلل كل الصعوبات – يجازف بنفسه – ويقتحم جميع العقبات… لإنجاز هدفه – عندما تتحق له الآمال وتتجسد الأحلام_يطير قلبه ابتهاجا والدموع ترفض من عينيه…
إنها دموع تعبر عن المتاعب التي خاضها ولم يشكُ، إنها أوجاعه التي تغلغلت في فؤاده من أحقاب وسنين.

فيديو مقال دموع الفرح

أضف تعليقك هنا