ذكرى سارة – #قصة

جرح الذاكرة

تراني روعة.. أو على بعد من الضوء، على بعد من الحقيقة أراك فراشة تندحر وهي تعانق النور.. مبارك لي وجودك إذ أحلق بك مرة على الجانبين وأرفع حرارة التهاني.. وسرعان ما أجد نفسي مطوقا من جميع الجهات بحشد ما تحمله طيبتك من دلالة ودلالة.. أما ما أقول فسأستبقي خنجري بغمده وأقول حمدا لله على سلامتك.. سلامتك بألف سلامة يا من تجعل المضمون حبكة قلم.. أو حرية حبر يشطح على ضفتين.. فأنت قريب من الجوار أنت تلحن الأغنية.. وأنت تقيس المعنى حتى يستقيم الوتر.. ففي يدي خط طويل تنام على ضفافه الذاكرة.. بين ماض مغلق وهادئ وبارد، وحاضر يحن إلى صبا كان يحلو لي فيه عدم إشغال الذاكرة.

أحلام وألوان

تركت ذلك كله وراء ظهري ميمما شطر المدينة مهتديا بالخريطة المرسومة في الذهن.. بيد محو كثير من خطوطها وألوانها، وكأني سائر في صحراء لا حدود لها غير صمت تاريخي إلى الصعود فأعتذر ولا أستجيب لأحلام زادت طيور النورس من إحكام سرابها.. أتذكر يوم كنت طفلا في السابعة من عمري، يوم أخذ أبي بيدي إلى المدرسة القابعة بقصر بني سمكين والفرح أحال ملابسي ريشا أحلق به فوق جغرافية المؤسسة:

جهات المؤسسة

قسم الكبار في الجهة الخلفية.. يعدون أنفسهم جنود حرب على وشك الخروج من ارض معركة أنهكت أنفسهم إلى أرض السلام الموعودة..

والإدارة تقبع عند مدخل المؤسسة كبرج مراقبة أو وكر تخطيط…

وفي الجانب الغربي من جهة الساقية المجاورة للممؤسسة.. عش التلاميذ الصغار أصحاب القسم الأول الابتدائي، ترى في أعينهم خوفا ممزوجا ببريق أمل كأنهم جنود مبتدؤون لا يعلمون ما سيلقون في ساحة المعركة، وكوني واحدا منهم لم أكن حينها ذا رغبة في الاجتهاد ولم أدر سبب وجودي هناك .. غير إعجابي بالألعاب المخصصة لنا في حصة يومي الخميس والسبت، حائط قصير نعلوه فيخيل لنا من براءة فكرنا أننا نمتطي حصانا يشق الريح بسرعته، وشجرة نتل تتوسط الساحة يسهل تسلقها فنتسابق حول من يصل إلى قمتها أولا.. كان صبانا الفظ مقهورا ببساطته إلا أنه الآن صار مجرد ذكريات خاملة وراء شباك حديدي.. وأتذكر أيضا صيف سنة ..2009 حينها حصلت على نتيجة خولت لي الالتحاق بالباكالوريا..

الطريق الصعب

كنت أعلم أن الطريق صعب وأحمر لكني آثرت أن أستمتع قليل بأبهة الانتماء فكنت أسير ممشوق الهامة فنحن طلبة الباكالوريا حينها.. كانت الأحلام تملأ سماءنا وتضيئها كنجوم في ليلة محمرة.. أشد ما أبهجني حينها رؤية الأصدقاء متفائلين منفرجي الأسارير.. حينها وفقط كانت ابتسامتنا تشبه تلك الابتسامة المرتسمة على وجه مدير المؤسسة الذي كان دائما يبتسم مزهوا لهذا أو ذاك.. وكيف لا وهو يدير أكبر أسواق الخضر بتاكونيت..
اختفت اليوم منن الذاكرة تلك الابتسامة العريضة، فآنذاك لم يكن يشغل بالي إلا قوت اليوم وقضاؤه بفرح.. لم أكن أسمح لغدي أن يغيب ابتسامتي تلك.

الموت على قيد الحياة

اليوم تغير كل شيء فقد صارت تتقاذفني أمواج الحب والكون والمدينة والكلمة والغربة، غربة الحاكم وغربة المحكوم وغربة الحكومة.. وأصعب من ذاك كله غدي المشؤوم الذي استحوذ على تفكيري حتى صرت أبتل الوجنات الداكنة..
وكأنني لا شيء أبحث عن شيء ضاع في اللاشيء هناك وأيضا فعلت ولم أجد نفسي إلا قرب نفسي.. معلقة بسبب في القلب.. فإن انسل سقطت وماتت.. وإن بقيت معلقة انقطع الدم عن شراييني فمت.. إذا يا عزيزي هنيئا لي بموتي الموعود.. فأبتسم ولا أنسى الماضي لسبب بسيط هو أنه حاضر يدللني ويحميني.. وكأن لا ماضي في نفسي غير شوق إلى شيء يأتي ولا يمضي.. لا ينام ولا أنام فنظل ساهرين جنب قلب يئن بنبضات عمقها كأنين تموز في انتظار عشتار..
كمغرد بصوت خافت منع من الرقص.. عرف وأحب وألف وجه الدنيا المدور كمتاهة.. عرف ابتسامتها الذكية واهتمامها بالناس.. تسعف وتواسي تخاف علينا أكثر من خوفنا على أنفسنا.. أعطتنا من خيراتها حتى وضعناه فتاتا يأكله الطير فشبع ونام في أمان حتى تعب فلم يجد وقتا للرقص..

فيديو مقال ذكرى سارة

 

أضف تعليقك هنا