قرى أيت بلال: أحلام موؤودة وطفولة داقت العزلة والحرمان

بقلم: عبد الكريم ايت بلال

قرى أيت بلال : أحلام موؤودة و طفولة داقت العزلة والحرمان

قرى أيت بلال 

تقع قرى أيت بلال على إرتفاع يناهز 1600 متر ، بين أحضان جبال الأطلس ، تلك القرى النائية التي تمتد بين ثنايا سفوح جبال الأطلس الكبير، على شكل تجمعات سكانية ودواوير عمرت لقرون، بيوت من التابوت مسقفة بالطين، تقاوم البرد والحرارة على حد سواء، هذه المداشر والدواوير التي طالتها العزلة والحرمان، تتطلع لنفض غبار الفقر والتهميش، فرغم مجهودات الأهالى لتحطيم هذا الطوق الممارس لعقود فإن شعاع التنمية لم يجد بعد منفدا لهذه الجهة من المغرب العميق.

الفقر وحرمان التعليم 

مؤشرات الفقر والأمية لا زالتا تسجلان أعلى نسبها ، وطفولة محرومة من كل حقوقها ،أقلها التعليم، فمعظم أطفال المنطقة يغادرون حجرات الدرس ويتركون الدراسة في سن مبكرة، وترغمهم الظروف المعيشية والتكاليف على الهجرة للبحث عن لقمة العيش بعيدا رغم صغر سنهم ونعومة أظافرهم، ويصبحون معرضين للإستغلال في الضيعات الفلاحية في ربوع للملكة، أما الفتيات فنسبة الهدر المدرسي أصبحت كارثية بل تكاد تكون 100% ، فمعظم الفتيات يصبحن مجبرات على ترك الدراسة بعد شهادة الإبتدائي ، بسبب بعد مؤسسات التعليم الإعدادي ( حولي 30 كلم الى ايت بوللي و55 كلم نحوى دمنات ) ، بالإضافة إلى غياب دور الطالبة والداخليات لإيواء هذه الفتيات.

التهميش الكامل 

ما يعقد الأمر ويجعل الهدر أمر محتوم، فواقع التعليم في هذه المنطقة كارثي بكل المقايسس، هنا يطرح السؤال، كيف سيكون مستقبل هؤلاء الأطفال الأبرياء ؟ وكيف يمكن أن نبني جيلا واعيا ومجتمعا راقيا ونحن نرى المستقبل يموت أمام أعيننا ؟؟ من يتحمل المسؤولية فيما وصل إليه الوضع في هذه الرقعة من المغرب الحقيقي ؟ ،
لم يقتصر الأمر على على التعليم فقط ، فهذه المنطقة تعاني تهميشا مكتمل الأركان ، فالكثير من الدواوير لا زالت معزولة والبنية التحتية منعدمة ، والطريق الوحيدة التي تربطهم بالعالم الخارجي مهترئة ، والحوادث التي حدثت مؤخرا دليل على ذلك ، أما فرص الشغل فهي غائبة تماما والفلاحة ممثلة في بعض المزروعات والأشجار التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

الهجرة وسوء العيشة

هذه الظروف مجتمعة ، دفعت شباب وسكان هذه القرى إلى النزوح والهجرة إلى مناطق أخرى من المغرب وخارجه ، بحثا عن لقمة العيش وعن أماكن أخرى تأويهم بعد أن أجبرهم الفقر والتهميش على ترك مداشرهم ، أما الشيوخ والنساء والأطفال الذين يسكنون هذه القرى ويقاومون البرد والحرمان، فإنهم يعيشون على تحويلات أبنائهم الذين غادروا حجرة الدرس ، ليعملوا في الضيعات الفلاحية وأوراش البناء.
هذا الواقع المرير الذي يطبع قرى ايت بلال يسري على العديد من قرى المغرب العميق، فإلى متى التهميش والنسيان والى متى سيتنكر المغرب ويدير ظهره لأبنائه الحقيقيين؟؟؟؟؟؟.

 

بقلم: عبد الكريم ايت بلال

أضف تعليقك هنا