إشكالية المعارضة في الجزائر وآفاق الحل

لطالما تساءلت في نفسي هل من معارضة حقيقية في الجزائر؟ وكيف يكون للمعارضة هوية إن لم تمتلك شارعها، أو لم يفرزها الشارع؟!!. 

ما هي الرؤية العامة للمعارضة الجزائرية؟

  • ربما يصح استخدام عبارة يوجد في الجزائر شخصيات مثقفة بدل كلمة معارضة، وشخصيات لديها ثقافه لكنها موظفة لخدمة السلطة وهؤلاء يسمون نخب السلطة، لأن عموم العلوم السياسية والاجتماعية ترى في المعارضة أنها تجمعات تكون منتمية لأحزاب تحمل هموم الناس، ويفرزها الشارع فتولد من همه وتكون ناطقة باسمه، عندها فقط تتكون الرؤية والرسالة والهدف الهادف نحو نصرة أهداف الشعب فيأتي مشروع الحزب مشروعاً شعبوياً، يفعل آليات مناسبة وواقعه، فيكون الحزب حينها مؤهل للحصول على السلطة، أو المنافسة عليها، ودائما يجب أن يكون هم الحزب الحصول على السلطة.
  • في الجزائر، لا توجد أحزاب معارضة لها قاعدة جماهيرية باستثناء الاحزاب الأمازيغية، وهي حقيقةً قادرة على تسيير شارعها بشكل منضبط نسبياً، لكن رسالة هذه الأحزاب لا تحمل رؤية الحصول على السلطة، انما هدفها يكمن في التشارك في الحياة السياسية عبر السماح لها بالعمل أو عبر طرح فكرة أخرى قائمة على اسس قومية مغايرة لتطلعات القومية العربية. لذا من الممكن تسمية الأحزاب الأمازيغية انها أحزاب غير معارضة، وممكن تسمية بعضها بأنها أحزاب انفصالية.
  • أما بقية الأحزاب المعارضة النشطة في الداخل فهي بعمومها أحزاب غير شعبوية، وكذلك مطالبها محصورة بضرورة السماح لها بالمشاركة السياسية وأغلبها لا تمتلك مشروع بديل ولا برنامج بالشكل المطلوب.

غياب المعارضة الحقيقية في الجزائر

لذا نرى أنه لا وجود حقيقي لمعارضة في الجزائر، إنما يوجد مثقفين ومثقفين وحسب، فالمثقف لا يكون مثقف إلا إن كان معارضاً لهدف بناء وتطوير الدولة، لذا فمن واجب المثقف أن ينصهر في أي حراك تقترحه الدولة، ولا يجب عليه أن يسمي نفسه بلقب معارض، إنما يجب أن يصنف وفق نتاجه الادبي والانساني والابداعي والفكري كمثقف. ومن هذا المبدأ لا يمكن التفريق بين مثقف متواجد في داخل الجزائر أو في خارجها إلا من خلال حصيلته ونتاجه المقدم لهدف تطوير البلاد، من هنا ندرك أنه لا يوجد ايضاً معارضة في الخارج انما يوجد مثقفين جزائريين في الخارج ربما بعضهم يستطيع دخول البلاد والبعض الاخر لا يستطيع.

بعض الاستنتاجات في ظل التطورات الأخيرة الحاصلة في الجزائر

في خصم التطورات الحالية نستنتج أن :
  •  الاعلام المحلي والفضائي العربي والعالمي مخطئ حين يصور اي اجماع سياسي للنخب الجزائرية المثقفة على انه اجماع للمعارضة الجزائرية، وربما كان من الافضل تسمية هذا الاجماعات باجماع للمثقفين السياسيين وليس المعارضين.
  •  ليس في الجزائر موالاة أو معارضة لأنه لا يوجد مشروع سياسي حقيقي ولا ديمقراطية أصلاً بل هنالك موظفون بليدون لا يعرفون معنى النضال، أغلبيتهم يتقاضى علاوات نظير تطبيلهم للسلطة ومشاركتهم في نهب ثروات البلاد والعباد، فيما الأقلية الباقية تأخذ علاوات نظير تجميل صورة النظام وتمثيل دور المعارض له في برلمان أقرب ما يكون لسيرك كبير.

أهمية وجود المعارضة

أدركت السلطة السياسية في الجزائر مأزق عدم وجود معارضة لها، مما جعلها سلطة بدون مرجعية تنافس على الحكم. فالتعديلات الدستورية قوضت الحياة السياسية في البلاد بحزب وحيد يرعى مجموعات صغيرة تسمى أحزاب الجبهة الوطنية، مما غيب الحراك السياسي ولم يسمح بتبلور أي حزب معارض حقيقي، فأصبح المشهد السياسي مقتصر في البلاد على السلطة والشخصيات المثقفة سياسيا التي رفضت أن تكون اداة بيد السلطة.
وهذا جعل في البلاد حالة عدم توازن في بناء أي حوار منطقي، فالمثقف بطبعه غير منضبط بآليات ممنهجة، وأفكاره تكون في كثير من الحالات وليدة رؤية مثالية من الصعب تحقيقها في مجتمعات غير مثالية كدول العالم الثالث، والسلطة بدورها في بلدان العالم الثالث ومنها الجزائر ترى الواقع الميداني في حالة مثالية ولكن يحدث أحيانا بعض حالات الاضطراب ومن الحكمة برئيها امتصاص الازمات بإجراءات ارضائية بدل معالجتها معالجة جذرية معتمدة على آليات ومنهجيات واضحة في العلوم الإدارية.

معاداة النظام الجزائري لأي حركة معارضة

لذا نجد أن الازمة في الجزائر لا تكمن في ضرورة حوار أو عدمه، إنما تكمن في معاداة النظام تاريخيا لاي حركة معارضة تنتقده. فالنظام اليوم يقترح ((الحوار)) بعد مرور قرابة الاربعة أشهر على الاضطرابات في الجزائر، ولكن مشكلته الرئيسية في عرضه هذا، أنه عاجز عن إيجاد محاورين له بعد أن قضى على المعارضة وحاربها عبر عقود، أما مثقفي مواقع التواصل الاجتماعي والذين يرفضون المشاركة في مؤتمر وطني للحوار، فهم حقيقة ليسوا بمعارضة انما هم شخصيات مثقفة ولا يجب توصيفهم كمعارضة.

بعض المقترحات على الحكومة

نقترح على الحكومة القيام بالتالي:
  •  التعاطي بمسؤولية قيادة الدولة نحو تعددية اجتماعية وسياسية حقيقية بدون التعاطي مع من تصفهم معارضة. وهذا لا يتم الا عبر الاعتماد على مراكز دراسات محترمة، وشخصيات أكاديمية وقانونية ومثقفين بعيدين عن لغة المزايدة التي تحبها السلطة، وفي حال الحاجة لا مانع من الاستفادة من تجارب دول أخرى بالتنسيق مع الخبراء الذين ساعدوها على تطوير مؤسساتها.
  • إسراع الحكومة بتنفيذ المقترحات التالية قبل البدء بعملية تغيير الدستور:
    • تحديد فترة رئاسة الجمهورية بدورتين انتخابيتين كحد أعلى، على أن لا تتعدى الواحدة منها خمس سنوات.
    • الفصل بين السلطات “التنفيذية، والتشريعية”.
    • اعتماد انتخابات حرة ونزيهة.
    • السماح لكل مواطن الترشح على أن يحمل إجازة جامعية وما يعلوها.
    • الاعتماد على نتائج الاستفتاءات الشعبية في تغيير أو تعديل بنود الدستور.

فيديو مقال إشكالية المعارضة في الجزائر وآفاق الحل

أضف تعليقك هنا