سياسة اللا نقود في نيجيريا: على أي أساس؟

ماهي سياسة اللا نقود؟

فسياسة اللا نقود في نيجيريا عبارة عن خطة سياسية مالية وضعها البنك المركزي بنيجيريا تقتضي فرض شيء من الثمن على كل مبلغ من الأموال لم يقل عن #500،000 وعن 3،000،000#  تم سحبه أو ادخاره في البنك من الأفراد أو الجماعات على التوالي تشجيعا للمعاملات الإلكترونية في المجتمع النيجيري.

ولقد عبر عنها بعضهم بسياسة عدم التعامل بالنقود وبعضهم أيضا بسياسة قلة التعامل بالنقود، وبغض النظر عن مجموعة من الفوائد والتطورات الاقتصادية الموهوم كنونها في هذا النظام الجديد فإني أفضل جعل القضية على الغربال الشرعي ليستخلص منه ظهور ما قد يصلح أن يكون حكم الله فيها لما للمصالح الأخروية على المصالح الدنيوية من جوانب الترجيح.[1]

التخريج الفقهي لقضية اللا نقود

فمن خير ما يتسلح به لمعالجة نظائر هذه القضايا المستجدة أو المشتبهة هو التخريج الفقهي المناسب لها على ضوء الأدلة من الكتاب والسنة وهو اسْتِخْرَاجُ الْحُكْمِ عَلَى نَصِّ الإْمَامِ أو أصل من أصول مذهبه فِي صُورَةٍ مُشَابِهَةٍ مِنْ غَيْرِ أن يرد نص من الإمام على الحكم.[2] والتخريج الفقهي فيما ظهر لي نسبة لهذه المسألة يستلزم أنه قد يعتبر الثمن المفروض بمقتضى هذه الخطة السياسية أجرة أو ربا أو ضريبة.

إذا اعتبرنا النصيب المفروض أجرة

وبالنسبة للاحتمال الأول أي اعتبار النصيب المفروض أجرة على الإيداع والعقد الملزم له إِجارة على الحفظ فإنه قد يوجد بدوعوى أن قصد أغلب المودعين يكون عادة في غير القرض أي الإيداع ولأن تصرف المودع في الوديعة جائز عند المالكية مع الكراهة ولأن الزيلعي من الحنفية وأمثاله رأوا جواز اشتراط الضمان في الوديعة إذا كان بأجر وزاد بعضهم أن الجواز يكون في تلف الوديعة بما يمكن الاحتراز عنه فقط.

وإضافة إلى ذلك فإن البنوك كانت تفرض نصيبا من الأموال على المودعين على هذا النحو بدعوى أن ذلك النصيب في مقابل حفظها للمال المودع واشتراط الأجرة على الإيداع جائز عند الجمهور.[3]

إذا اعتبرنا النصيب الفروض من قبيل النفع مع القرض

وقد يعدّ ذلك النصيب المفروض أيضا من قبيل النفع مع القرض بناء على قول الذين رأوا أن العلاقة بين البنوك والمودعين علاقة اقتراض لا وكالة بدعوى أن العرف في التعامل البنكي مع الودائع أن البنوك كانت تستحق ملك التصرف عليها مع الالتزام بردها مطلقا فيكون النصيب المفروض على المودعين من باب القرض الذي جرّ نفعا للمقترض فلا بأس به لأن القاعدة تقتضي منع القرض الذي جر نفعا للمقرض فقط دون المقترض حتى يجعله ذلك أقرضه بما يزيد عليه من جنسه مثل رد القرض من المقترض إلى المقرض بزيادة مشترطة.[4] لحديث أنس المرفوع: “إذا أقرض أحدكم قرضا، فأهدى إليه، أو حمله على الدابة؛ فلا يركبها، ولا يقبله؛ إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك”.[5]

إلحاق النصيب المفروض بالضريبة

وعلى فرض صلاحية إلحاقه بالضريبة من حيث إن القرار صدر من البنك المركزي ولا يستبعد تعهد سائر البنوك أن تخصص نسبة من الأموال المفروضة للحكومة الفيدرالية عبر البنك المركزي فيمنع بناء على ما ترجح من آراء أهل العلم في الضرائب التي جرى عليها العرف في العصر الراهن؛ لأن الأصل في أموال الأفراد الحرمة، والأصل أيضاً براءة الذمة من الأعباء والتكاليف ولأنه لا حق في المال سوى الزكاة.

ولأن الإسلام احترم الملكية وحرم الأموال كما حرم الدماء والأعراض، ولأن أخذها تكون عادة على وجه الكراهية، ولأن الأحاديث النبوية قد جاءت بذم المكس ومنع العشور. لكن أجازه بعضهم مع اشتراطهم لجوازه أربعة شروط: الأول: أن تكون هناك حاجة حقيقية بالدولة إلى المال مع عدم وجود مورد آخر دون ذلك لقضاء الحاجة وأن توزع أعباء الضرائب على الناس بالعدل بحيث لا تحابى طائفة وتكلف أخرى وأن يكون صرف الضريبة فيما يكون فيه مصالح عامة للأمة وأن يوافق أهل الشورى والرأي في الأمة.[6]

في الأخير

أرى أن القول بأن ذلك النصيب من الأموال نفع يتأتى من القرض للمقترض أولى فكان فرضه جائزا ومستساغا شرعاً لطبيعة العلاقة التي بين البنوك المعاصرة وبين المودعين؛ ولأنه لم يبد لي حتى الآن أن البنوك كانت تخصص نسبة من النصيب للحكومة، فلا أدعي بهذا الجهد المقل إنهاء الكلام في هذا الموضوع بل أرجو من تقديمي له استفتاحا لباب الكلام لكل من أراد أن يدلي بدلوه في الموضوع. فشكرا.

المراجع

  • [1] الفوائد في اختصار المقاصد، 47-48.
  • Central Bank Of Nigeria: Cash-Less Nigeria: <https://www.cbn.gov.ng/cashless/>.
  • [2] وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت: الموسوعة الفقهية الكويتية، 4/111.
  • [3] منظمة المؤتمر الاسلامي بجدة: مجلة مجمع الفقه الاسلامي، 9/ 576-577؛ حاشية ابن عابدين: (بيروت، دار الفكر 1421ه) 8/334؛ فهمي الحسيني: دُرَر الْحُكَّام، 2 / 228 ؛ مجموعة من المؤلفين: فقه المعاملات، 2/222.
  • [4]  قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي بجُدَّة، (للسنوات 1405-1430 هـ)، 1/260؛ محمد بن علي الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، (دار ابن حزم) 1/652؛ أبو بكر ابن السيد محمد شطا الدمياطي: حاشية إعانة الطالبين، (دار الفكر للطباعة) 3/20؛ هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية: البحوث العلمية، 5/375.
  • [5]  السنن: ابن ماجه، رقم الحديث: 2432.
  • [6] وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ: الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ، (دمشق، دار الفكر)، 7/33.

فيديو مقال سياسة اللا نقود في نيجيريا: على أي أساس؟

 

أضف تعليقك هنا