غزة مدينةُ التناقضات

مدينةٌ كلها تناقضات…. فيها الحب والكره… فيها اللؤم والطيبة… فيها البراءة والإجرام… فيها الحق والباطل… فيها الحرف والكلمة… فيها الأغنية والقصة… فيها الدمعة والضحكة!

مدينةٌ يسكنها الغنيُ والفقيرُ

مدينةٌ يسكنها الغنيُ والفقيرُ… الطفلُ والكهلُ… المطلقة والأرملة… العفيُ والمريضُ… الظالم والمظلوم… القاضي والجلاد… الكادح والعاطل… تذوب فيها لقمة العيش في عرق الإرهاق لتصبح بلا طعم و لا نكهة… يجوع الآلاف فيها… يبكي الأب عجزه إطعام أطفاله الذين ينامون على آلام بطونهم التي تضورت جوعاً. في حين يتنعم القليلون بخيراتٍ يتمنى الفقير فتاتها!مدينةٌ فيها البرج الشاهق وبيت المخيم المهترئ… فيها رفاهية القصور وبساطة البيوت… فيها الصالة والحارة… فيها بسطة الفقير ومول الغني.

عيونٌ تبكي ضياع الأمل والأخرى تنعي الاشتياق

مدينةٌ تختلف فيها العيون… متحسرةُ، باكية، ضاحكة، مُتربصة، مترقبة، عيونٌ تحاول سرقة الفرح، وأخرى تتلصص على حياة الآخر، عيونٌ تبكي ضياع الأمل والأخرى تنعي الاشتياق، عيون تحسد وأخرى تتمنى الخير… عيونٌ تتوخى الحذر وأخرى تجازف. وفي النهاية تغزل كل عينٍ حكايةً منقوصة عما تراه أمامها.

غزة مدينةٌ لا تعرف نوماً هنيئاً

غزة… مدينةٌ لا تعرف نوماً هنيئاً… لا راحة بالٍ ولا أمان تسكنه الأرواح… وجوهٌ شاحبةٌ حزينةٌ يشوه البؤس ملامحها، فقد أصحابها الأمل في العيش الكريم، على خلاف وجوهٍ رسمت الرفاهية على ملامحها علامات الفرح.غزة… مدينةُ تناقضاتٍ بصور تكرر نفسها على يد جلادٍ لا يختلف عمن سبقه إلا في شكل الجسد ومفهومه للأنانية، في حين يشتركان في فكرٍ واحدٍ واستبدادٍ واحد.

غزة المغلوبة على أمرها

إنها غزة المغلوبة على أمرها… المُقيدة بسلاسل الانهيار والوجع. ورغم ألمها، يركض الألم في طرقاتها ليبقى اسمها وهاجاً وجميلاً بما يسمح للقلوب رؤية فتاتَ الفرح… يختلق أهلها الانبساط حتى ولو دقائقٍ معدودة، يتلمسون أماكن السعادة، فلا يجدون أمامهم إلا البحر بأمواجه الهادئة والثائرة، يحملون همومهم ويلقونها في مياهه، ويأخذون معهم رائحة الحياة… فيعاودن العيش آملين أن يزول الألم إلى الأبد. مدينة التناقضات… و ليست الوحيدة في أوطانِ الظلمات.

فيديو مقال غزة مدينة التناقضات

 

أضف تعليقك هنا