كتبتُ إليكَ من توقٍ

لَا تختبرني فِي مَحَبَّتِكَ

هُنَالِك أَوْقَات يَصْعُبُ عَلَيَّ حَتَّى الْكَلَام ، تِلْكَ الْأَوْقَاتِ الَّتِي تَجِدِي احادثك بِلاَ هَدَفٍ وَبِلَا حَدِيث مُنَمَّق ، هِي نَفْسِهَا الْأَوْقَاتِ الَّتِي أَضَع بِهَا رَأْسِي عَلَى كَتِفِك و أُغْمِض عَيْنِي و اِسْتَمْتَع بصمتك ، هِي ذَاتِهَا الَّتِي أُرِيدَ إخْبَارِك إنِّي اشتقتك حَتَّى وَأَنْت لجواري لَا يفصلني عَنْك شَيّ ، هِي أَوْقَات لَا أَرْغَب بِهَا سِوَى رُؤْيَتِك ، فَقَط رُؤْيَتِك بِعَيْنِي هَاتَيْن ، أَنْت السِّقَاء لَهُمَا والمرتع ، و أَنْت حبيبها و قرتها  ، فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ الَّتِي أَبْعَثْ إِلَيْكَ بِرِسَالَة صوتية إنِّي فَقَط اشتقتك و أَن تعاود الِاتِّصَال إذَا وَصَلَتْك رِسَالَتِي ، و أُخْبِرْكَ إِنَّ هُنَاكَ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ أَوَدّ مشاركتها مَعَك ، حَتَّى إذَا حادثتني أَو تلاقينا.

الصمت الدائم

سَأَلَتْنِي عَنْ أَحَادِيثِي الْكَثِيرَة أَيْنَ ذَهَبَتْ إذ وجدتني كَثِيرَةٌ الصَّمْت ، و أُخْبِرُك أَنِّي نَسِيَتْهَا كُلُّهَا و أَنَّهُ يَكْفِي إنَّنِي مَعَك ، و تتذمر مِنِّي كَالْأَطْفَال تذمر  غُنْج ضَاحِكٌ أَن اكتبيهم فِي الْمَرَّةِ القَادِمَة ، وَلَوْ تَعَلَّمَ أَنَّ أَحَادِيثِي الْكَثِيرَة مَا هِيَ إلَّا ذكرياتنا الَّتِي تعاود الرَّقْص فِي عَقْلِيٌّ أَلْفَ مَرَّةٍ بِالْيَوْم ، و مَعَ كُلِّ ذِكْرَى يَزْدَاد شَوْقِي مَرَّة و الْعَن فراقنا فِي آخِرِ الْيَوْمِ أَلْفَ مَرَّةٍ ، تنتابني غُصَّة كُلَّمَا ذَكَرْت الْأَمْر تَصْعَدُ مِنْ قَلْبِي إلَى حَلْقِي و تُصِيبُنِي بالاخْتِنَاق ، كُنْتُ أَكْتُبُ عَنْ الْحُبِّ و الْعِشْق طِوَال حَيَاتِي الْقَصِيرَة ، لَم أَدْرِي أَنَّ حَيَاةَ أُخْرَى تنتظرني ، حَيَاة فَوْق حَيَاتِي ، زَحَفَت إلَى رُوحِي حَتَّى مَلَكَتْنِي ، و مَلَكَنِي كُلَّك.

حزن الكلام

فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ ، حِينَ أَصَابَ بِالْخَرَس ، فَقَط أَمْسَك بذقني و ارْفَع وَجْهِي إلَيْك ، اُنْظُر عَمِيقا فِي عَيْنِي ، و هِي ستخبرك بِكُلّ شَيّ ، و اشبك أَصَابِعِي الْبَارِدَة بَيْن اناملك ، وَقَبْل بَاطِن يَدَي كعادتك ، طمئني حَتَّى يتغلغل الدَّمْع عَيْنِي و يَنْسَكِب مَعَه فَرَّط شُعُورِي ، ستنحل بَعْدَهَا عُقْدَة لِسَانِي ، وَرُبَّمَا عانقتك بَعْدَهَا طَوِيلًا ، و قبلتين لَا ضَيْرَ مِنْهُمَا ، هُم أَقَلُّ مَا يُمْكِنَنِي مَنَحَه إلَيْك ، لَكِنَّهُمَا الْعَالِمَ بِالنِّسْبَةِ إلَيّ.
أُحِبُّك حَتَّى تَفْنَى آخَر ذَرَّة بِي، و أُحِبُّك حَتَّى أَرَاك ، و حِين أَرَاك يَلِد حِبِّي اجيالا مِنْ حُبِّ كَثِير بَعْدَه.

لحظة اللقاء

لَم أُخْبِرُكَ عَنْ لَحْظَة اللِّقَاء مِنْ قِبَلِ:
دَعْنِي أَحْكِي إلَيْك مَا يَصِيرُ . .
فَأَنَا انْتَظَر عَلَى عُجِّلَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ ، أَرْقُب أَوَّل الطَّرِيق كَالنَّسْر بِحَدِّه عَيْنِي ، تَشْتَكِي قَدَمِي مِنَ التَّوَتُّرِ و الْعِجْل ، لِمَ لَمْ يَظْهَرْ بَعْدَ ؟ ! حَتَّى إذَا مَا ظَهَرَتْ بِأَوَّل الطَّرِيق قَفَز قَلْبِي مِنْ مَحَلِّهِ رَكْضًا إلَيْك يستقبلك قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَيَّ ، اتظاهر بِأَنِّي لَمْ أَرَك بَعْد و اِنْشَغَل بهاتفي لاعطيك الْفُرْصَة لتراقبني ، حَتَّى إذَا دَنَوْت . . تَظَاهَرَت إنَّنِي للتو رَأَيْت و أَن تفاجأت ، لَا أَعْلَمُ أَيّ غَباء هَذَا لَكِنْ الْخَجَل يداعبني فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَرَك و كَأَنَّه اللِّقَاء الْأَوَّل ، يَبْتَسِم وَجْهِي كُلُّه اِبْتِسَامَةٌ تفضح تمنعي ، وَلَوْلَا الْمُحِيط السَّمْج لضممتك .
رُبَّمَا أَخْبَرْتُك عَنْ لَحْظَة الْفِرَاق مِنْ قِبَلِ . . وَرُبَّمَا وَصِفَتِهَا كَثِيرًا إلَيْك . . لَكِنَّنِي الْآنَ فِي عَجْزِ عَنْ الْوَصْفِ . . تِلْكَ اللَّحْظَةَ الَّتِي أَصَابَ بِهَا باليتم ، و الْوَحْدَة و الوخم ، حَتَّى إنَّ نَفْسِي يَضِيق وَلَا ابالغ أَن أَخْبَرْتُكَ أَنِّي أَطْعَن فِي صَمِيمِ قَلْبِي حِين أُخْبِرُك “سلام ، طمني  لِمَا تَوَصَّل ”
و أَمْضِي قَلِيلًا ثُمَّ الْتَفَتَ إلَيْك. . و اتوقف لاراقبك تَبْتَعِد . . و أَقُولُ فِي نَفْسِي : ” الْتَفَت ، الْتَفَت ، أَلْف نَظَرِه أَخِيرَة عَلِيّ ” ثُمَّ أَصَابَ بخيبة أَمَل ، اتنهد ، تَبْتَعِد حَتَّى تختفى ثُمّ أَرْحَل أَنَا . . عَائِدَةٌ إلَى مَحِلِّي . . باهِتَةٌ . . هائمة . . وَحَيْدَة .
رُبَّمَا تَكُنْ هَذِهِ الرِّسَالَةِ هِي الْأَطْوَل ، و لَكِنَّهَا الاعمق والاصدق شُعُورًا .
أُحِبُّك.

فيديو مقال كتبتُ إليكَ من توقٍ

 

أضف تعليقك هنا