ما هي حقيقة الموت؟

قد يحاول الإنسان أن يميط اللثام عن سر الموت ، ذلك المجهول الذي ينقلنا من الموجود إلى اللا وجود و الذي يعني الانتقال من الكل إلى اللا شيء ، و قد يحاول فلاسفة الانسجام الكوني أن يبينوا أن العالم الأكبر لا يعرف هذا العدم أو اللا وجود أو اللا شيء ، و لكن لن يستطيع أحد أن يلغي شعوري بأنني عالم أصغر في داخل العالم الأكبر.

الموت هو الذي يشعرنا بما في الزمان من طابع فريد

فالموت هو الذي يشعرنا بما في الزمان من طابع فريد لا يقبل الإعادة ، و الجهل بساعة الموت هو الذي يحفزنا على الاستفادة بما بين أيدينا من لحظات حاضرة محدودة ما دامت كمية الأيام المتبقية لنا هي بالضرورة متناهية محصورة ، لأن اللذات البشرية لا يمكن أن تتحقق إلا في الزمان.

فهي لابد أن ترتبط بزمن معين أو حقبة معينة أو تاريخ معين ، و حينما يداهم الموت تلك الذات و هي في سبيل تحقيقها ما تريد فإنه يحيلها إلى مصير ما ، و الظاهر أنه إذا كان الموت لم يعد مشكلة في المجتمعات المادية الراهنة ، حيث أصبحت الآلية الشاملة هي العلم الذي يرفرف على شتى أساليب الحياة في المجتمع فما ذلك إلا لأن الفرد قد أصبح قطعة غيار في تلك الآلة الكبرى يمكن استبدالها في أي لحظة.

صار الموت واقعة موضوعية يدرسها المختصين دراسة فنية إحصائية

و هكذا صار الموت واقعة موضوعية يدرسها المختصين دراسة فنية إحصائية ، و أصبحنا نتحدث عن نسب الوفيات ، و احتمالات البقاء ، و ارتفاع مستوى العمر ، و نسب الخسائر في الأرواح في وقت الحرب ، و كان الموت عملية حسابية نستبعد فيها اسما أو رقما لن يكون علينا بعد أن نضع موضعه اسما آخر أو رقما آخر ، و لكن كما يقول “بلوندل” : ” فكرة الموت نفسها ما كانت لتكون ممكنة أو واقعية أو حقيقة لو لم تكن لدينا ثقة ضمنية أو يقين عن الخلود “.

بقلم: محمد عادل عبدالرازق

 

أضف تعليقك هنا