متى تتحول العولمة الرأسمالية إلى عولمة اجتماعية

بقلم: الكاتب صلاح الشتيوي

متى تتحول العولمة الرأسمالية الى عولمة اجتماعية

العالم المعاصر يترابط يوما بعد يوم وامام هذا الترابط العالمي يتولد بعض المشاكل السياسية والأمنية والاقتصادية وتعد الرأسمالية والعولمة من أسباب الاضطرابات العالمية.

فالرأسمالية والعولمة ترتكزان على الجشع والكذب والمضاربات المالية والحروب الاستباقية مما يستوجب ايجاد حلول اقتصادية أخرى تخرجنا من الكوارث التي نرى عليه عالمنا اليوم.

الوحدة الأوروبية وأمريكا

تواصل اروبا في ترسيخ الوحدة الاوروبية رغم الخلافات فان الفكر والعزيمة الاوربية تتجه الى الامام وتعمل على اصلاح الأخطاء وبناء اتحاد قوي وعملة عالمية.

وكذلك الولايات المتحدة الامريكية التي توسع قوتها عالميا وتحمي اقتصادها بفرض ضرائب على المنتجات الصينية، تحاول امريكا الاستفادة واصلاح اخطائها حيث يسعى حكام امريكيا الى جعل الولايات المتحدة الأمريكية قوة عظمى على الدوام تقرر مصير العالم وتهيمن عليه، وتستعمل للوصول الى مبتغاها قوتها الاقتصادية والعسكرية وكذلك التفوق العلمي.

قوة منظمة التجارة العالمية

تهدف منظمة التجارة العالمية لإيجاد منتدى للتشاور بين الدول الأعضاء حول المشاكل التي تواجه التجارية العالمية، وتقوم بفض النزاعات التي تواجه التجارة العالمية.

واصلت قوة وتوسع منظمة التجارة العالمية يوما بعد يوم، فقد اصبحت المصالح العالمية تعتمد بالخصوص على الانتاج والتجارة في العالم وقد أسست منظمة التجارة العالمية للتحكم في نشاط التجارة العالمي وصياغة قواعد نموها او حل الخلافات.

هاته القوة الهائلة لا يمكن لأي قوة اقتصادية الوقوف امامها وتعطيل توسعها وهاته القوة لها اجهزة سياسية وعسكرية وادارية مثل قمة الدول السبع وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والحلف الأطلسي.

العولمة الاقتصادية الرأسمالية

العولمة الاقتصادية تتقدم بخطى سريعة فيما العولمة السياسية تتعثر، ان العولمة الاقتصادية ترتكز على الرأسمالية وهذا يفسر سيطرة العنصر الاقتصادي وغياب البديل السياسي الديمقراطي في العولمة.

ان العولمة الرأسمالية خطوة تقدمية في تاريخ الانسان وهي فكرة يمكن ان تأتي في يوم ما ليتغيرالمفهوم الحالي للاقتصاد الرأسمالي من اقتصاد يخدم مجموعة ضيقة الى اقتصاد اجتماعي يخدم كل الناس.

فالرأسمالية ليست الفكرة النهائية في تاريخ البشر فقد يأتي يوم الذي يستوجب التفكير في نقلها الى عولمة اجتماعية.

كما تجدر الإشارة الى ان الرأسمالية تخدم مصالح خاصة فيما الديمقراطية تخدم المصالح العامة وبالتالي فان هناك تناقض في المصالح يجعل الرأسمالية تسيطر على الانتخابات وعلى الدولة والاعلام وهذا قد يسبب الخراب الاخلاق والسياسي.

وتبنى بذلك ثروات مهمة ويبقى الشعب مكتوم الصوت والعمال معدمون ويعم الفساد وهكذا ينقسم المجتمع الى طبقتين واحدة مسحوقة محرومة وأخرى غنية مترفة.

وسبب ذلك فساد في اعلى المناصب وكثر بارونات المال على حساب المواطن الكادح وتجمعت الثروة في ايادي فئة معينة.

العمل العضلي والفكري والرأسمالية

يعتبر العمل هو اساس القيمة ومن خلال ذلك نحلل نتائج العمل والتغيير في محتواه الا ان العمل الفكري قلص العمل العضلي وأصبح يشكل مصدر النمو الاقتصادي. ان العمل العضلي هو من يقوم بزيادة القيمة اما العمل الفكري فهو مصدر الزيادة في قوة انتاجية العمل العضلي.

وبالزيادة في حجم الإنتاج تواجد اشكال ترويجها وهكذا اضحى الإنتاج مشكل وأصبح الأهم هو انتاج المستهلكين وبناء عليه اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية استعمار الدول حلا لتصدير انتاجها. يساهم العلم في تجديد الرأسمالية وكذلك المجتمع وذلك بتطوير الانتاجية في العمل وتقليص وقت العمل كما يعمل على توفير ما يحتاجه الانسان ويعتبر الفكر مصدر التغيير فكلما تطور الفكر وتجسد ماديا في الة الانتاج تقلصت ساعات العمل اللازمة للإنتاج وازدادت الأرباح.

هل يمكن إحداث تغييرات في العولمة الرأسمالية

لقد بينت التجارب عبر التاريخ التي مر به اليسار المحلي انها فاشلة في اغلب البلدان ولا يمكن لليسار المحلي مواجهة العولمة الرأسمالية.

وليتمكن اليسار المحلي من النجاح عليه الاعتماد على اليسار العالمي كقوة يمكن الاعتماد عليه لمواجهة الراس المال العالمي والتغلب عليه.

على اليسار المحلي ان يعي ان إمكانياته ضعيفة وعليه ان يعمل على التحول الى يسار عالمي وذلك هو السبيل الوحيد الذي يمكنه من اجراء تغييرات على العولمة الرأسمالية عبر التأثير عليها اولا وتغيير مسارها في الاتجاه الاجتماعي بعد ذلك.

واخيراً

ان وصول النشاط السياسي في المجتمع الى مستوى معين قد يمكنه من اعادة تكوين افكار بديلة تصل الى اصلاحات اجتماعية واقتصادية تتجاوز فكرة الرأسمالية نفسها.

على الرغم من الاعتقاد السائد ان الطريقة الاسهل للتغلب على الرأسمالية هو التركيز على انخفاض معدل الربح وبالتالي تنهار الرأسمالية هي فكرة خاطئة قد تسبب في شل النشاط السياسي العالمي المناهض للعولمة الرأسمالية.

فالشيوعية المنغلقة تقف عقبة امام تواجد حركة شيوعية عالمية اصلاحية في الوضع العالمي الحالي.

ان المجتمع العالمي يجب ان يبحث عن حركة اصلاحية عالمية تضم اليسار التقليدي واليميني وهذا يستوجب مجهود فكري متميز.

ان العولمة حولت العالم الى جمهوريات تخدم الإمبراطورية الامريكية بواسطة المؤسسات الدولية مثل الصندوق الدولي ومنظمة التجارة الحرة والأمم المتحدة وكذلك قوتها العسكرية ان لزم الامر.

النظام الرأسمالي هو نظام لا تحكمه المبادئ بل المصالح ولكل شيء ثمنه وأصبح غابة فساد واجرام وظلم اجتماعي، ان كل نظام اقتصادي ناجح يجب ان يبنى على العدل والإنسانية والمساوات في الحقوق والواجبات.

 

بقلم: الكاتب صلاح الشتيوي

 

أضف تعليقك هنا