مجرد فكرة. بقلم:اميمة سعيدي || موقع مقال

مجرد فكرة

بقلم: اميمة سعيدي

أفكار متنوعة

الألم مجرد فكرة، المرض مجرد فكرة الحياة الموت ..مجرد فكرة..النجاح و الفشل مجرد فكرة كل شيء مجرد فكرة، هكذا اقنعتني عائلتي و بالذات ابي. اقنعني بكلماتك السهلة و البسيطة ليس لأني أحبه أو اعشقه و اذوب في حضنه بل لانه مؤمن بهذه الفكرة. كنت أحيا بها و صنعت لكل داء دواء. لا وجود مادي للحزن نحن من نتخيله و نسمح له بأن يقتلنا . علمني ابي ان الحزن لن يفيدني بشيء بل ان أجعل منه سلما للنجاح و الاستمرار.”و لكن يا أبي بما ان حزني لن يفيدني نجاحي ايضا لن يفيدني بشيء”(ابتسم ..ابتسم اخيرا و بانت على محياه)”لا يا صغيرستستفيدين من كل شيء ان عقدت العزم..و كان هذا الدرس الثاني الذي علمني اياه.

الحياة المثالية

حظيت بحياة مثالية رغم كل ما اعترضنا، نعم حياة تستمر دون الم حزن أو فشل..لم أكن أمرض أكثر من دقائق بمجرد أن تغزو فكرة المرض أو التعب عقلي اهاجمها بشراسة حتى تنسحب خائبة.و بعد عدة هجمات لم أشعر بالألم ظننت انه فقد الامل في هزيمتي.ظننت اني تحولت إلى كائن اسطوري،نجاحي كان مبهرا أو مثيرا للشكوك لمن لا يعرفني جيدا..لم أر في هذا شيئا غريبا.فانا اعمل بدون كلل أو ملل و لا لحظة ضعف أو انهيار. لكن فجأة هاجمني الوحش الذي سرق بعض الناس من اهلهم و على رأسهم امي.هاجمني مرض في القلب و عاد الألم.. عاد هذه المرة بكل قسوة.

الهروب من الواقع

لاول مرة اعرف الانهيار رغم ايماني بأن المرض مجرد فكرة الا أنني لم استطع الهرب من صور طبعت بمخيلتي كادت الصورة تهزمني و تسكن خيالي أكثر لو لا وجود ابي الذي أعاد لي ايماني ذكرني باني اقوى من الألم و بعدد المرات التي هزمته فيه.تشبثت بالحياة و قاومت المرض بصورة أذهلت اطبائي استعنت بالله كثيرا ثم بقوة ارادتي.كانت روحي معلقة بين الحياة و الموت لانني سمعت كل حرف قاله الأطباء عن حالتي. انا لا اقوى حتى على فتح جفوني لم أكن أتألم كنت أشعر اني بخير لكن هناك شيء ليس على ما يرام لكنه يستحسن.انا حية طالما انا افكر،طالما لم أصدق اني سأموت بعد.

الغيبوبة

اليوم اكمل يومي الخامس عشر في الغيبوبة هكذا قال ابي للاطباء وكان كثير الاستفسار منهم عن سبب ثبات حالتي فهي لا تتحسن و لا تسوء.بدات أشعر بأبي يفقد اعصابه و الطبيب يحاول تهدأته مذكرا اياه باني اشعر واسمع كل ما يدور.أُخذ ابي خارج الغرفة ولم اعد اسمع سوى بضع حروف متناثرة.. لا تقلق يا أبي اني احضر لك مفاجأة سعيدة أشعر اني بدأت اتحسن أشعر لأول مرة منذ خمسة عشر يوما بوخز خفيف في كعب قدمي و باطنها.الوخز يصعد لأعلى ويبدو أن الشلل بدأ يلملم نفسه من جسدي وينسحب سانتصر مرة أخرى على الألم.لازال الوخز يتصاعد لأعلى لكنني لا استطيع تحريك أصابع قدمي كما توقعت ربما السبب يرجع لخمول أعصابي طوال هذه الايام.

لحظات الفراق

دخل ابي دخل مسرعا و معه الطبيب فور ان أطلقت الأجهزة المتصلة بجسدي ازيزا متواصلة غريبا. عليك اللعنة أيتها الأجهزة هل ستفسدين مفاجأتي لابي؟ هل ستخبرينه بشفائي قبل ان افعل؟ستسرقين مني تلك اللحظة.همس الطبيب في اذن ابي بكلمات لم استطع فهمها فتقدم نحوي وأمسك بيدي و قبلها مرارا و لكنه لازال يبكي ربما دموع الفرحة. “سافتقدك يا صغيرتي”.”بابا ماذا تقول ساشفى ساتحسن سافتح عيني بعد دقائق”..”انا اعلم انك تسمعينني اتلي الشهادتين يا بنيتي”..”اريد ماذا؟الشهادتين هل انا اموت حقا هل انتهت حياتي؟”..”رددي خلفي أشهد أن ..و أشهد ان..”…”كيف تنطقها يا أبي كيف تكون بهذه القسوة؟”..وهو يردد..”كيف تخبرني انك فقدت ايمانك باني سأحيا لماذا صدق اني سأموت وكيف؟لن اواصل المقاومة سانسحب الان وساسحب مفاجأتي لك ولطالما استسلمت انت هذه المرة فلماذا أقاتل سانسحب بهدوء فأنا مجرد فكرة..فكرة لم يعد يؤمن بوجودها احد”.

 

بقلم: اميمة سعيدي

أضف تعليقك هنا