مرايا

بقلم: اميمة سعيدي

الصباح الباكر

استيقظت عند الثامنة صباحا بمزاج نصف داكن (يذكرني هذا المزاج بملامح الغروب في يوم ممطر) رفعت اللحاف عن جسدك بتثاقل هذا البرد يجعلك تحضر العديد من الاغطية كأنك ستتجمد مددت يدك و أنت تشعر أن جسدك ورقة تنتشل من سلة مهملات قرأت الرسائل الواردة على هاتفك النقال و تجاوزتها بسرعة كي تعود لها حين تكون متفرغ أخذت حماما ساخنا جدا البخار المتشكل في الفضاء يجعلك تتخيل نفسك داخل فقاعة تأوهت بقوة و زفرت وجع كوابيس البارحة و بإصبع السبابة فجرت البالون المتشكل من البخار و خرجت بحثت عن قميصك الصوفي البني لأنه يمنحك خصوصية وجدته و لبسته و السروال الأزرق يجعلك ذات جاذبية(يحيلك هذا الرداء إلى السماء و هذا الاختيار ليس لان برجك بالحوت إنما هو المزاج الداكن الحاضر منذ البداية).

الصمت العقلي

هممت بحمل حقيبتك بينما تطوف عيناك بالغرفة لتتفقد ما ان نسيت شيء تسمع صوت الرسائل تتكرر على هاتفك ليعلمك صديقك انه لا يوجد عمل اليوم تصمت و تدخل لغرفتك تجلس أمام التلفاز جهازك يعاني من فيروس أحمق و تشعر بالقلق قلبك يكاد يتمزق حين تمر بجواره(و الحقيقة أنها عادتك حياتك تلفاز) تبحث عن مكان آخر تسكب فيه حاجة في صدرك و تعجز فتبدو ساذجا تتخيل انك تثرثر عن التفاصيل الصغيرة جدا حتى تصرخ الثرثرة: أنت مزعج .. لا شيء لديك يستحق التدوين(و لكن هو الفراغ) الصمت يتعب عقلك على التفكير و هذا أمر لا يحتمل تتقاطع أمام عينيك كلمات كثيرة و لا تعلم أيهن تستحق أن تخلدها(لا تنتظر و لا تفكر في فعل أي شيء فقط تهذي)حين يفتح الباب و يدخل احد تتضايق انه يزعج وحدتك و حين يهم بالخروج تتضايق أكثر كنت قد آلفته موسيقى هادئة,قلم جاف,قارورة ماء فارغة و تبدو منزعجا يخذلك كل شيء تغمض عينيك,و تحاول أن تلتقط فكرة من راسك لحظة أن تصطادها تفركها في راحة يدك تجمع أنفاسك الآن و هففف بهدوء تبعثر الفكرة الآن افتح عينك اليمنى و راقب أصابع قدمك و هي ترتعد افتح صدرك من المنتصف,اغرز أظافرك في قفصك و تمدد خذ من وريدك خيط يكفي لتعليق أوجاعك في السقف و لاحظ الدم و هو يتقاطر من حزنك لعلك تحاول أن تثبت انك تفاعلت بشكل مذهل مع كلمات تغص بالضجيج لا تظن أن الكلام الذي يرعبنا يهدهدنا فأحيانا لا نكترث و لأنك لا تكترث الآن دعني اخبرك ان الكتابة هي تنفس بطرق مختلفة, أن تختنق و يختنق من يتابعك فأنت تخلط عناصر حزنك مع فرحك مع قلقك و تزعج الجميع حتى تبعث الملل.
بعد طول تفكيرتبدأ بترشف قهوتك تذكر أن الوقت اخذ شيئا منك و قدم لك حكاية و أن ما يحدث ربما يبدو حين تكتبه مختلفا جرب أن تكتب نصك القصير في مساحة تتسع لكل حرف.

رشفة

انتبهت أن لكل كلمة لون لكل حرف مذاق و لكل رمز رائحة كالنقطة فهي منقذة كل جملة لكنها ملعونة هذه التقنية‼ بعد أن تكتب نصك الرديء فجأة تفقده رغما عنك, من قال أن كل الأشياء تحت السيطرة؟ يكذب‼
كل الأشياء تقول الحقيقة و لكن ليس دائما الزيف جميل أحيانا اعترف بذلك حين تبدأ في الكتابة دون وعي تجد نفسك تتجه إلى مكان خال من الحياة تتقدم تمشي و أنت تترنح و في يدك كاس القهوة تسحب الكرسي المغلوب على حظه و ترمي بثقل جسدك عليه حينها لا تشعر بأنينه منك لأنك تظن أن وزنك معقول أعذرك فأنت تجهل انك ثقيل حتى على الأرض إن أردت اسأل حذائك و سيخبرك عنك اعلم انك تجتاز جملتي هذه الأخيرة باستخفاف و تواصل الجلوس على المقعد تفتح جسد جهازك الصغير تتلمس أقفاله ثم تختار سبابتك زرا منهم و تضغط على زر الفتح و يستيقظ الجهاز و تشعر بالوقت يطول تتأرجح على المقعد المغلوب.

الحياة 

على حظه مرة و اثنان و ثلاثة ووو حتى تظهر على الشاشة “مرحبا” تفرح و تبتسم واهما انه يحتفي بك ثم تحرك سبابتك ثانية على مساحة تستعمل فقط للمساتك الخشنة تختار ملفا ثم تشعر أن وميض المؤشر ينتظرك ينتظرك حتى تكمل فكرتك و هو يفتح شيئا فشيئا و تبدأ بالكتابة على شيء ما لا تعيه تمامافقط تود أن تلبي حاجة إلهامك إلى التدوين تعجب من سير الكلمات المرتبة كأنه يوجد من أودعها فيك و هي مكتملة تبتسم و أنت تقفز إلى الصفحة الثانية أنت ذاتك كنت تعلم انك لا تقدر على كتابة جملة واحدة قبل قليل تتابع تراص الأحداث في نصك الكاذب ترمق الحبكة كيف تعمل في سردك كأنها القدر و حين تدب مفاجأة في قصتك تصاب بالدهشة و لا تتوقف بل لا تستطيع التوقف في ذات اللحظة أنت تعلم أن الحياة تشبه تماما كتابتك صوت يهمس لك بان تتوقف الآن و لا تزيد حرف و لا حرف تقول في نفسك أنا ملك تتمرد و تكمل لأنك تعرف أن الغيمة لازال فيها المطر فلا تحجب أرضك اتركها تزهر دع السماء تتأمل عناقها بجسدك استمتع بالبلبل تجاهل الجميع لا تشعر نفسك بالملل اجعل حضورك يبعث الأمل الفرح كل شيء فيك يخصك تجاهل و أكمل ثرثرتك بهدوء إن الرقصة تتماشى مع الأغنية إلمح المقطع الأخير بالنص،الرقصة،الأغنية والسطر بالمناسبة نصك ليس رديء او كذبة و الان ضع نقطة.

 

بقلم: اميمة سعيدي

أضف تعليقك هنا