الحرب الناعمة

لا شك أن هذا المصطلح ظهر حديثا، بعد الاستراتيجية التي تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية للسيطرة على مقدرات العالم، عبر حرب لا تكلفها المزيد من الموارد المالية والطاقة البشرية.ولكن ثمة حرب ناعمة أخرى تدور على أشدها، لم تترك بيتا إلا وأطلت عليه، ولم تترك كبيرا أو صغيرا إلا وأصابهم من رحاها.

حرب جعلت العدو محبوباً

حرب جعلت العدو محبوباً، وجعلت الخصم معشوقا؛ بل وجعلت من وقعت عليهم الحرب يدفعوا لعدوهم؛ ليكثف من حربه عليهم!ازدادت الحرب ضراوة، واستسلم الطرف الثاني تماما، ثم انتقل من خانة الاستسلام إلى خانة التلذذ بالضربات المتتابعة عليه.هذه الحرب انتقلت من الخفاء إلى العلن، بل حمل كل فرد بيده أدوات السلاح الفتاكة، لا ليحارب بها، ولكن ليستقبل منها ضربات العدو المباشرة! فهل عرفتم هذه الحرب؟

حرب الإباحية

إنها حرب الإباحية يا سادة..هذه الحرب القديمة الحديثة..ولكنها في الزمن الماضي كانت مقتصرة على تجنيد العملاء، وشراء الذمم، أما الآن ومع الثورة المعلوماتية الحديثة، والنت السريع، صارت حربا ضروسا، أوقعت الكبار والصغار، والشيب والشباب؛ بل وضيعت حياء الكثير من النساء!ولله در الدكتور عبدالوهاب المسيري في كتابه (من هم اليهود؟ وما هي اليهودية) عندما أبدع هذا المصطلح: “الدولة الصهيونية وأسلحة الدمار الناعم”!

ولن أزيد في بيان خطور “الكوكايين البصري” و “إدمان العصر”، ولكن أنقل لكم هذه التغريدة التي غردها “أندرو يانغ” المرشح الأمريكي الديمقراطي للانتخابات الرئيسية 2020، يوم السبت 21 من سبتمبر 2019، والتي ترجمتها:”الوصول المتفشي إلى المواد الإباحية يمثل مشكلة حقيقة للأطفال الصغار” وطالب بتمكين العائلات من مراقبة وتحديد ما يراه الأطفال.

وقد لاقت تغريدته تفاعلا كبيرا من المجتمع الأمريكي، ولا غرو، فالولايات المتحدة الأمريكية تنتج ٨٩٪ من المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت، بل إن عائد هذه الأفلام –حسب ما ذكره شون راسيل في كتابه كيف تقلع عن الإباحية- يفوق عائد أكبر شركات التقنية مجتمعة مع بعضها (مايكروسوفت، جوجل، ياهو، أمازون، نيت فليكس، أبل).

بل وأشار شون راسيل في كتابه إلى بعض الإحصائيات، مثل:

  1.  كل ثانية هناك 30000 شخص يشاهدون الإباحية.
  2.  (56 %) من حالات الطلاق تتضمن شخصا مشاهدا للإباحية.
  3. يوجد يوميا 68,000.000 بحث عن محتوى إباحي على الانترنت.
  4.  متوسط عمر المشاهدة يبدأ من 10 سنوات.
  5. وهذا نذير شؤم بتصدع بنيان المجتمع الداخلي، وتفسخ مبادئه الأخلاقية.

بارقة أمل

ولكن وسط هذا الظلام الدامس الذي غلف العالم، وأزكم الأنوف، وأتلف الأدمغة، إذا ببارقة أمل، تظهر مع هؤلاء الجنود المخلصين، الذين أتوا من خلف الصفوف؛ ليصبحوا أول جيل في التاريخ يواجه قضية الإباحية بهذه الكثافة، متسلحين بالمعارف العلمية، المبنية على الحقائق والدراسات الجادة..جاء (فريق واعي) ملوحا للجميع بهدفه: لقد اجتمعنا من أجل هدف واحد وهو نشر الوعي والفضيلة، ومحاربة الرذيلة؛ من أجل مجتمع نظيف وآمن وصحي. ورددوا شعارهم: اكتشف/ي نفسك بدون إباحية.

استجابة الفطرة

وإذا بدعوتهم العلمية الواعية، تتجاوب معها الفطر السليمة، وإذا بفريقهم يصبح في سنوات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة عابر للقارات، ويعزف في تناغم موسيقي (من مصر والأردن والجزائر والمغرب والصومال والكويت وليبيا والسعودية والبحرين وقطر وفلسطين وسوريا وفرنسا وبلجيكا وأستراليا وأمريكا والعراق) نغمة واحدة، يجتمع حولها ملايين من الشباب، مهما كانت ديانتهم وأعراقهم وأوطانهم.

وإذا بالحلم يبدأ يتحقق، وإذا بآلاف الشباب الحيارى لا يصدقون أنهم بدأوا مشوار تعافيهم، وإذا برسائل الشكر والثناء تنهال عليهم من كل مكان، تلهج بالشكر والثناء، والدعاء لهم بعد أن انتشلوهم من هذا الوحل، وأنقذوهم من هذه الطامة.وبدأ (فريق واعي) يتسلل نوره في هدوء، فيبدد بنور عفافه ظلمات الإباحية، ويجلو بضيائه عتمة سجنها، ويهدم بفأس خلاصه جدرانها التي أسرت خلفها الملايين.

كشف حساب

لا أخفيكم سرا أنني كنت منبهرا عندما شاركت في فاعلية فريقهم بدولة الكويت، وزاد انبهاري أكثر، أنني مررت بعدة اختبارات، وقراءات متنوعة ومتعددة، أضعاف ما قرأته في مرحلتي الثانوية، لا لشيء؛ إلا ليقبلوني عضوا في فريقهم المتميز!وها هو الفريق يقدم لنا كشف حسابه بعد مرور هذه السنوات القليلة، فنجد فيه هذه الإنجازات العظيمة:

*تقديم مادة علمية تساعد المتعافي على فهم أثر الإباحية على دماغه وكيفية التعامل معها.

  • تقديم مئات الأبحاث المترجمة عن أضرار الإباحية والاستمناء على الدماغ والعلاقات والمجتمع.
  • توعية الآباء والمربين بخطر الإباحية، وكيفية حماية الطفل منها.
  • تقديم الدعم النفسي والعلمي للأزواج الذين يعانون من إدمان شركائهم للمواد الإباحية ليساعدوهم في التعافي.
  • تقديم نماذج وخبرات عربية في التعافي، ممن خاضوا تجربة التوقف عن الإباحية والاستمناء.
  • إقامة مجتمع آمن على الانترنت تمثل في مجموعات التعافي، التي تضم الآلاف الذين يتناقلون الخبرات والتجارب، ويحاربون “المخدر الجديد”.
  • تقديم تشجيع للناس في العالم العربي على التحدث بحرية وبدون خجل وبشكل علمي عن مخاطر الإباحية وقضايا التعافي بصورة لم يسبق لها مثيل.
  • معافاة عشرات الآلاف على أيديهم، ومازال عطاؤهم مستمرا لم ينقطع.

كل هذا الكشف الذي هو علامة فارقة في عصرنا، ومازال الفريق مؤسسة غير رسمية، تقوم على الجهود الذاتية!

يا عقلاء العالم

ضعوا أيديكم في يد هذا الشباب العفيف، الذي خرج بجهوده الذاتية، لا لمكسب ولا مغنم، ولكن من أجل أن تحيوا حياة سعيدة، لا يشوبها القلق والتوتر والأمراض النفسية..كل هدفهم رؤية شباب يتمتع بصحة نفسية، وأسر تتمتع بسعادة تملأ أركان بيتها..

فضعوا أيديكم في أيديهم، ساعدوهم بكل ما تستطيعون، من جهد وبذل وعطاء ووقت..فكل ما ينفق في هذه الحرب يعجل بحياة كريمة للبشرية..كل ما ينفق في هذه الحرب يبقى ذكرى خالدة في هذه الدنيا..كل ما ينفق في هذه الحرب يذهب إلى الله قائلا: يا رب أنا صدقة فلان.

فيديو مقال الحرب الناعمة

أضف تعليقك هنا