ثورة بلا أدب

تقول الممثلة الفرنسية الجميلة “كاميلي”:” الفن هو شكل من أشكال الكفاح من أجل الاستيقاظ من كابوس الطبيعة”.والفن والأدب توأمان لا ينفصلان لا شكلاً ولا مضموناً ولا يعيش واحد دون الآخر في رحلة “كفاحهما” ضد كل الكوابيس.ولطالما كان الأدب ابن الفكر ومرآة المجتمع، يعبر عن اختلاجاته مهما كانت دقيقة وعميقة في محاولة للإفصاح عن تجارب إنسانية خاصة وقابلة للتعميم في آن.

أين الأدب من الثورة الآن؟

ولكن أين الأدب من الثورة الآن؟ وهل تستطيع هذه الانتفاضة أن تغير من طابع لبنان الأدبي وتمهد لموجة حداثة أدبية وفنية كما فعلت القضية الفلسطينية بدءاً من خمسينيات القرن الماضي؟ هل سيولد في لبنان جبرا ابراهيم جبرا وتوفيق صايغ ومحمود درويش من جديد؟

إن الثورات عبر التاريخ كانت تغييراً جذرياً في بنية الوطن بكل نواحيه، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وحتى الثقافية. فلا يمكن أن نستثني الأدب من حراك الثورة لما للأدب من قدرة تأثر وتأثير عميقتين في النفس وفي العاطفة. وقد لعب الأدب دوره التأثيري هذا في العديد من الثورات كثورة الجزائر التي كان أدب الثورة حاضراً فيها ممتزجاً بكل قطرة دم وبكل صرخة مناضل وما زالت قصائد أبي القاسم الشابي تغرد فوق شفاه كل ثائر عربي. وكذلك كان للرواية دور عميق في توطين الحس الاستقلالي في نفوس الشعب الجزائري وتوجيه الفكر النضالي باتجاه معين كرواية زمن العشق والأخطار للروائي محمد مفلاح وغيرها كرواية “اللاز” و “ريح الجنوب”.

مرحلة الصمت الأدبي

لكن مع الأسف، فإننا اليوم في لبنان لا نرى أثراً لأدب الثورة ولا لفنها، فكل المحاولات تبقى خجولةً أقل من الحدث وانتشاره وأقل زخماً وتفجراً من مشهد عظيم تمثل بتوحد الشعب اللبناني بكل فئاته تحت مطالب واحدة محقة. هذه الوحدة ليست. حدثاً عارضاً أو استثنائياً بل هي نجاح الثورة الحقيقي ط، فشعبٌ تناحر لسنين طوال في حروب دامية رمى دماءه خلفه وخلع عنه الماضي وخرج للمستقبل بصدر عار لا يرتدي إلا ثوب الحرية.

هذا المشهد العظيم كفيلٌ بأن يفجر مشاعرنا وهذا الشعور لا بد أن ينعكس أدباً وفناً غزيراً وصاعقاً وجديداً بكل ما فيه متناسقاً مع فكر جديد لاح في الأفق اللبناني ولكننا مع الأسف لا زلنا في مرحلة الصمت الأدبي.

انتشار الأدب خجول وتذوقه شحيح

إن هذا الهدوء على الساحة الأدبية ربما يعود لسببين في رأيي أولهما ضعف الوعي والحس الأدبي في مجتمعنا اللبناني مما يجعل انتشار الأدب خجولاً وتذوقه شحيحاً وإحجام الأدباء عن الكتابة إنما هو ضعفٌ في دمج العاطفة مع الخيال والواقع مما يجعل الخلق الأدبي ضعيفاً أما الثاني فربما هي الصدمة التي صاحبت هذا الحدث المتفجر، فالأدب لم يستوعب بعد ثورة بهذا الحجم والعمق في بلدٍ فسيفسائي كلبنان وهذا يجعل الأدب فب مرحلة الصدمة التي تسبق الإنفجار وعلينا أن ننتظر انتهاء هذا الجمود الأدبي لينضج الأدب في عناقيده الثورية فهل سيكون عنباً حلواً أم حصرماً مراً؟.

أضف تعليقك هنا