ضبط المشاعر

الكاتب صلاح الشتيوي

الله خلق الناس باختلافهم ألوانهم مختلفة، أصواتهم مختلفة، أجسادهم مختلفة، عقولهم مختلفة وكذلك عواطفهم وأحاسيسهم وهذا موضوع مقالنا، فالناس تختلف في التحكم في عواطفها فهناك الذي ينفعل بسرعة وهناك من هو هادئ حسن المزاج.

ضبط المشاعر

تختلف الأشخاص في ضبط العواطف اختلافاً كبيراً، فبعضهم حاد المزاج سريع الانفعال الاخر عكس ذلك فالعواطف تختلف من شخص الى آخر ومن مظاهرها الخوف والفزع والحزن والشجاعة.

وكذلك الشأن في الأمم فهي تختلف في حدة عواطفها وبرودتها ومقدار انفعالاتها أمام الحوادث والاحداث، ان حدة العواطف وقوتها تشكل خطرا على المجتمع، فالانفاعل يادي الى العنف ويتسبب في القيام بجرائم خطرة قد تصل الى القتل لاسباب تافهة وبسيطة، فما نراه اليوم في تونس من اجرام وقتل فضيع هو سببه صعوبة التحكم في العواطف العنيفة وإذا نظرنا للأمر بعقل رصين وهادئ سنستغرب لماد حصل هذا الاجرام الغير المبرر.

المشاعر العنيفة

وقعت لي حادثة بعد الثورة مباشرة سنة2011في الصيف ببرج السدرية كنت في دورية مراقبة للملك العمومي البحري وتوقفت بسيارتي الادارية بالشاطئ للتفقد وإذا بشخص وكأنه فيل وبيديه سيف يضرب السيارة ويطلب مني ترك المكان ومنعني من القيام بعملي.

ركبت السيارة ورجعت الى الوراء وكان حارس نزل قبالتي سألته ما به اجابني وامرني ان ابتعد عنه انه مجرم وخارج من السجن ويريد ان يعود، بقيت مستغربا من طبع الرجل والعنف الكامن بداخله، وفهمت ان سبب كثرت الجرائم بعد الثورة هو من مثل هؤلاء الذي أطلقوا سراحهم من دون ان يأهلوهم ويدربوهم للتحكم في مشاعرهم العنيفة.

اقتنعت ان الجرائم سببها حدة العواطف فقتل انسان في نزل زاره للاحتفال بعيد ميلاده دليل على ذلك.

أحاسيسنا بين البرودة والحدة

كلما ازدادت حدة عواطف الانسان تسببت في مصائب وكوارث، لكن نلاحظ ان مشاعرنا قد تبرد امام اشياء اخرى فمثلا لا نلاحظ حرارة في الافعال امام جمال الطبيعة او الكلام الانسان يغضب ويثور لكلمة جرحته ولا يغضب لاحد ملقى في السجن ظلم وباطلا.

والذي يغتاظ لسرقة ماله ولا ينفعل إذا شتم او اهين غيره، فعواطفنا تتحرك لما نحب ولكن تتجمد ولا تتحرك هاته العواطف عندما ترى جمال الطبيعة، فالإنسان على ما يبدوا لا ينفعل كل الانفعال الا للأمور الشخصية التي تمسه لا غير.

ننسى الجميل وتبقى الاثار النفسية السيئة تلاحقنا في كل مكان   في البيت في الشارع في وسائل النقل في المدارس في المحاكم.

العواطف المتطرفة

ان الانفعال الشديد في المجتمع قد يتسبب في العديد من الكوارث في الحياة ويبعد عنا السعادة وراحت البال. ان حدة العواطف وشدة الانفعال في الأمة تسبب لها متاعب كثيرة في الحياة، وتفقدها سعادتها.

اننا نرى ان العواطف المتطرفة قد طغت على تعاملنا في كل مكانف المنزل صار الغضب هو الذي يدار به الحوار بين الابناء والاباء ويصر المنزل جحيما لا يطاق ونفس الشيء والخلاف نجده في الشارع بين الاجوار والأصدقاء وكذلك اماكن الشغل في المدارس في المشافي في الادارة في المصانع الكل غاضبوا ننسى الاحزاب والعداء المستفحل بينهم وانغلاق الحوار.

فلو عودنا عواطفنا على ضبطها والتحكم في انفعالاتنا في العديد من الاحوال لانتهت الامور بسلام ولكن هل يمكننا اصلاح هاته الاخطاء.

الغرائز والانفعالات

إذا راقبنا تصرف الحيوان لاستنتجنا انه يسير بغريزته وانفعالاته الوقتية، كالإنسان البدائي الذي تطور وصارت تصرفاته مرتبطة بفكره وعقله فكلما تطور وارتقى مستوى الانسان تمكن بفكره من السيطرة على عواطفه، فالإنسان مرتبط بمدى قدرته على جعل فكره يلطف عواطفه وينحكم فيهاكما يمكنه ان يزيد حرارتها ومستوى الشر فيها.

ان قاعدة التفاهم هو العقل فلا يجب الانصياع وراء العواطف دون تحكيم العقل فالانفعال السريع والمؤقت بترتب عنه الفشل الاليم ويكون العكس ان كانت عواطفنا مرتكزة على التفكير والتأمل، فاذا رأيت الناس الذين يتبعون عواطفهم للاحظة ان عاقبتهم الفشل والخساران النجاح في الحياة يستوجب عواطف يراقبه الفكر وافكار تلهبها العواطف.

يجب ان نتحكم في عواطفنا فنتغلب عن الغيظ والغضب وكذلك التوازن في عواطفنا عند الحزن والفرح.

علينا ان نمعن التفكير قبل اصدار الاحكام واتخاذ القرار فكم من الامم تضررت بسبب انقيادها وراء عواطفها دون تحكيم العقل.

السيطرة على العواطف كيف تكتسب؟

البعض يرى ان العواطف هي تغييرات نفسية موجودة فينا كدقات القلب او التنفس وهي تتغير حسب طبيعة الطقس والموطن.

الا انه لي راي يخالف ذلك فالعواطف هي تغييرات نفسية يمكن السيطرة عليها وتدريبها وتوجيهها ودليل ذلك اننا نعيش في نفس الظروف المناخية ولطن تجد منا من يتصرف برصانة فيضبط عواطفه وهناك من يغضب لأبسط الامور.

لتحكم في عواطفنا يجب ان نبدأ بالتمرن على ذلك فيكظم غضبه ثم يكظم حتى يتعود ويصبح حليما. وبما ان حدة العواطف سببه قصر النظر وضيق التفكير.

ويواصل اصلاح نفسه فيتحكم في سروره وحزنه ويتغلب على حدة عواطفه والتي تكون حدتها ناتجة عن قصر النظر وتبلد للعقل.

فان تمطن الانسان من توسيع تجاربه في الحياة اكتسب التجربة ونجح في ضبط نفسه.

وعندما يحتقر الانسان الغضوب بسبب سرعة غضبه والجبان لخوفه والمرج لاستهتاره والحزين لجزعه فان طباع الامة ستتحسن وتقوى الامة وتصلح عواطفها وتعتدل في انفعالاتها.

الكاتب صلاح الشتيوي

أضف تعليقك هنا