لماذا يجب علينا أن نقرأ؟

بقلم: شهد خالد بن عجاج

نزلتّ على نبي الأُمة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام أول آية من القرآن الكريم بقوله تعالى:(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)[العلق:1].مرّ العِلم بمراحل عديدة عبر العُصور والحضارات الإنسانية التي وُجِدت على كوكب الأرض وتطور من خلالها تطوراً هائلاً جداً، وكثُرت الكُتب والمراجِع وأصبح الوصول إلى أي معلومةٍ ما متاحاً وسريعاً وسهلاً، لا يحتاج إلى بذل الكثير من الوقت والجهد كما كان سابقاً.

ومن أهم الأمور التي ساهمت في كل هذه الإنجازات العظيمة هي “القراءة”، فلقد كانت هيكل الأساس الذي يستند إليه أي علم أو بحث في مختلف المجالات.لو نتوقف قليلاً ونسأل أنفُسنا، ما معنى القراءة تحديداً؟ هل هي مهمة في وقتنا الحالي أم أنها شيءٌ باقٍ من الماضي؟ وهل لها أنواع عِدة أم أنها نوعٌ واحدٌ فقط؟ هذا ما سنتطرق إليه في مقالتنا هذه.

تعريف القراءة

عُرفت القراءة لغةً بأنها الصوت الذي ينتُج من نطق المرء بالكلام المكتوب، أما اصطلاحاً فهِي عملية يتم من خلالها التعرُف على الصلة بين لغة الكلام والرموز الكتابية، ويستخدم فيها المرء العديد من الحواس أهمها “حاسة البصر”.

أنواع القراءة

صُنفت القراءة لأنواع عديدة أبرزُها:

  1. القراءة الصامتة

وهي قراءة تعتمد بشكل أساسي على العينين، وتفتقد إخراج أي صوت فلا يحرك فيها القارئ شفتيه.وتستعمل هذه القراءة في:

  • الفهم وتلخيص المقروء بشكل أسرع.
  • زيادة حصيلة القارئ اللغوية والفكرية من خلال تأمل العبارات والتراكيب.
  • تنمية الرغبة القرائية.
  1. القراءة الجهرية

عكس القراءة الصامتة فهي قائمة على نطق الحروف وإخراجها من مخارجها، ويجب فيها الالتزام بالقراءة الصحيحة الخالية من الأخطاء.ومن شروط هذه القراءة:

  • أن تكون القراءة ذات جودة عالية في النطق والأداء السليم.
  • التقيد بالوقف الملائم عند كُل علامة ترقيم مختلفة.
  • يجب أن يتمتع القارئ بالسرعة المطلوبة للفهم والإفهام.
  1. قراءة الاستماع

هي قراءة تختلف عن النوعين السابقين بأنها تعتمد على عملية السمع فقط وتلقي ما يقرأًه الآخرين، ويستعمل هذا النوع القرائي غالباً في المراحل الدراسية فلهُ فوائد ومميزات من أهمها:

  • تساعد المستمع على تطوير مهارة الاستماع لديه.
  • تُزيد من قدرته على التركيز.
  • أنها طريقة تُعين المكفوفين على تلقي العِلم.

أهمية القراءة

قال الشاعر المعروف أبو الطيب المتنبي:

أعزُ مكان في الدنى سرج سابح

وخيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ

وقال الحافظ بن الجوزي رحمه الله:<إذا وجدتُ كتاباً جديداً، فكأني وقعتُ على كنزٍ>من هنا يتبين لنا أن القراءة أداةٌ للاكتشاف الدائم والمعرفة النافعة والتعلم المُستمر الذي يطور الفرد ويُحسن من جودة حياته، ويُساعده على اكتساب خبرات ومهارات جديدة.

فالقراءة يمكن أن تكون بمثابة طائرة تطيرُ بنا بعيداً إلى عوالِم أُناسٍ آخرين، وإما أن تكون بمثابة غواصة تغوصُ بنا في دواخلُنا فتُساعدنا على معرفة أنفسنا واكتشافها.وهي أيضاً خير عونٍ لنا على التغيُر للأفضل وتحفيزنا على إخراج الطاقات الكامنة في دواخلنا، لصنع فارق في حياتنا وحياة الآخرين، ووضع بصمة تُثبت أننا وُجِدنا على هذه الأرض وتُذكِر الأجيال القادمة بإنجازاتنا.

وللقراءة قدرة هائلة في تحفيز المرء على التفكُر والتأمُل بما يحيط من حوله، وهي أيضاً تُمرن عقله وتزيد من نشاطه.ترتبط القراءة باللغة العربية ارتباطاً وثيقاً فهي المهارة الثانية من المهارات الأساسية في اللغة العربية، وعامل مهم جداً في زيادة الحصيلة اللغوية للقارئ.وفي الوقت ذاته يجب علينا أن نعلم بأن ليس كل من يقرأ هو شخص مثقف عالِم بكل شيء ومعصوم عن الخطأ والنسيان، فمن يظن بأنه يملِك كل الأجوبة فهو الأكثر جهلاً، كما قال أبو نواس:

فقُل لمن يدعي في العلم فلسفةً

علِمت شيئاً وغابت عنك أشياءُ

وقال مجاهد الشافعي رحِمهُ الله تعالى: (لا يَتَعَلّمُ العِلْمَ مُسْتَحٍ ولَا مُسْتكبرٌ).

مشكلات القراءة وحلول لمعالجتها

لكي نحصل على أكبر قدر من الفائدة يجب علينا أن نتعرف على بعض الأخطاء في القراءة التي تُسبب التعثُر القِرائي للمرء، وهي:

  1. جهل القيمة المعنوية للكُتب.
  2. عدم التركيز وتشتت الذهن أثناء القراءة.
  3. القراءة دون هدف واضح.
  4. عدم البحث عن قُرناء يشجعون على القراءة.
  5. الاستعجال في رؤية النتيجة.

ولهذه المشاكل بعض الحلول التي يمكن أن نجِد بها ضالتنا في التقدم والتطور القرائي، وهي كالآتي:

  1. قراءة ما تميل له نفس المرء مع التدرج في زيادة مستوى المقروء.
  2. تهيئة الجو المناسب للقراءة.
  3. مجالسة عشاق القراءة والمهتمين بها.
  4. تحديد هدف واضح ومشجع للقراءة.

وأخيراً كما ذكرنا فيما سبق أن القراءة عُنصر هام وأساسي في حياة الفرد، ويجب على كُلٍ منا أن يعِي مشاكله الخاصة والصعوبات التي تواجهه ويبحث عن الحلول الأمثل له ومن ثم يقوم بتطبيقها بفاعلية حتى يحصل على أكبر قدرٍ ممكن من الفائدة.

بعد انتهائك من قراءة هذا المقال عزيزي القارئ، هل تعِد نفسك بأن تطورها وترتقي بها إلى أعلى المستويات من خلال إشعال شغف القراءة في داخلك؟ أم أنك ستتجاهلها وتدفن الطاقات الهائلة الكامنة فيك؟ تذكر أن الاختيار بيدكِ دائماً.

المراجع:

كتاب “تشجيع القراءة” للكاتبة لطيفة حسين (1425هـ -2004م) تشجيع القراءة.ط1، الكويت.

كتاب “الإضاءة في أهمية الكتاب والقراءة” للكاتب خالد بن عبدالعزيز النصار.

بقلم: شهد خالد بن عجاج

 

أضف تعليقك هنا