نظرية الأنوناكي

نظريات التطور الإنساني

نظرية الأنوناكي

بقلم: زيد العرفج

كنا قد تحدثنا في مقالٍ سابق عن إحدى أهم وأعتى نظريات التطور الإنساني، أو النظريات التي تكلمت عن نشوء البشرية وأصل الإنسان، وهي نظرية داروين التي ظهرت في القرن التاسع عشر  وقد أرجعت تلك النظرية أصل الإنسان لنوع من القرود التي تطورت لتصل إلى الإنسان الحالي، وقد وضحنا زيف هذه النظرية.

واليوم سنتحدث عن نظرية حديثة نسبياً وما زالت في تصاعد حيث يكثر المصدقون والمنادون بها على مستوى العالم، ثم سنقدم نقداً عليها وما الأسباب لظهور مثل تلك النظريات.

التعريف بالنظرية

تقوم هذه النظرية على الاعتقاد بأن البشر الحاليين هم نتاج تزاوج ما بين كائنات فضائية ذكية جداً ومتطورة وكائنات أرضية شبه همجية، وصاحب النظرية زكريا سيتشين هو كاتب أمريكي يهودي من مواليد الاتحاد السوفييتي، ولد في باكو عاصمة اذربيجان عام 1920 وتوفي في نيويورك عام 1990، درس الاقتصاد في لندن وعاش في فلسطين المحتلة فترة من الزمن قبل أن يغادر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وقد استند في إثبات نظريته على ترجمته الخاصة للألواح السومرية القديمة في كتابيه الكوكب الثاني عشر وكتاب الأنكي المفقود.

تقوم نظرية سيتشين أو ما تسمى بنظرية الأنوناكي على النقاط التالية

أولاً – عدد الكواكب اثنا عشر كوكباً

يرى سيتشين أن الكواكب عددها اثنا عشر كوكباً بما فيها الشمس والقمر، وأن الكوكب الأبعد هو الكوكب نيبيرو ويسميه بالكوكب الثاني عشر وهو من خارج المجموعة الشمسية، ويرتب الكواكب بالمجموعة الشمسية من بلوتو وليس من عطارد فالكوكب الأول هو بلوتو والثاني نيبتون وهكذا … فيكون الكوكب السابع هو الأرض.

ووفقاً لترجمة زكريا سيتشين فإن الكوكب نيبيرو يبتعد عن المجموعة الشمسية كثيراً، ودورته كبيرة جداً فهو يحتاج لــ /3600/ سنة أرضية ليكمل دورته الكونية، ولربما هذا الكوكب يتبع لمجموعتنا الشمسية (أي يدور حول شمسنا) ولربما يدور في أكثر من مدار كوني، وبناءً عليه فإن اقترابه من مجموعتنا الشمسية يستغرق وفقاً لقول سيتشين /3600/ سنة أرضية.

ويرى سيتشين أن الكوكب نيبيرو كان مسكوناً بكائنات بشرية متطورة جداً وصلت لدرجة عظيمة من الحضارة، ونتيجة استخدامهم للموارد المتوفرة في كوكبهم واستنفادها فإن ذلك أدى لحدوث تلف في الغلاف الجوي لكوكبهم، وبعد دراسات وأبحاث قام بها علماءهم لبيان كيفية معالجة هذا التلف أو الثقب، تبين لهم أن المادة اللازمة لرتق الثقب هي غبار الذهب.

ثانياً – اكتشاف الذهب على كوكب الأرض

ولكن المشكلة أن الذهب نادر جداً في كوكب نيبيرو بل يكاد يكون معدوماً، لذلك بدأوا البحث عنه في الكواكب الأخرى، فقام أحد ملوكهم بالمغامرة في الفضاء واجتياز حزام الكويكبات الذي كان يشكل خطراً على كل من يمر به، فوصل للأرض ووجد عليها الذهب فأرسل في طلب المساعدة وحدد لهم إحداثيات الكوكب، فجاءت بعثة مؤلفة من خمسين مستشكفاً ورسوا على الأرض وأنشأوا أول مستعمرة لهم فيها وبدأوا في استخراج الذهب وتصديره إلى كوكب نيبيرو.

واستدعى العمل في مناجم الذهب على الأرض إنشاء محطة هبوط فضائي وتأسيس عدة مدن صناعية لإدارة العمل، وتم إنزال العاملين إليها من كوكب نيبيرو، وسمي الذين يعملون في المناجم الأرضية بالأنوناكي (أي الذين هبطوا من السماء)، والذين يعملون في نقل الذهب بالمركبات الفضائية ما بين الأرض ونيبيرو بالأيجيجي (أي الذين يراقبون العمل من بعيد)، وقد بدأ التنقيب عن الذهب أولاً في البحار والمحيطات إلا أنه كان قليلاً ولم يسد حاجة كوكب نيبيرو، ثم اكتشفوا كميات كبيرة من الذهب في اليابسة واحتاجوا للتنقيب عنه بحفر الأنفاق في أعماق الأرض.

ثالثاً – ثورة الأنوناكي واستنساخ البشر

تطور العمل كثيراً، وقد كان العمال الذين استقدموهم من نيبيرو يواجهون ظروفاً صعبة في العمل وعلى رأسها دوران الأرض حول نفسها والتعاقب السريع لليل والنهار، فقد كان دوران الأرض أسرع بكثير من دوران كوكب نيبيرو، والنهار والليل قصيران جداً قياساً لليل ونهار نيبيرو، وبسبب ظروف العمل الصعبة ثار الأنوناكي ضد ملوكهم، وهنا لمعت في ذهن أحد الملوك فكرة إنشاء جنس بشري يقوم بالأعباء عن الأنوناكي، وكان يعيش على الأرض كائنات تسير على قدمين وتشبه الأنوناكي، فقاموا بتخصيب بويضة إحدى الإناث بدم الكوناكي وأحدثوا نسلاً جديداً أسموهم بالآدميين.

وفي الواقع لم تنجح هذه العملية كثيراً حيث ظلت الكائنات الجديدة عالة على الأنوناكي في تدبير أمورهم، حتى حدث تزاوج بين أحد ملوك الأنوناكي مع أنثى أرضية فأنجب منها ولداً، ثم تزوج بواحدة أخرى فأنجب منها أنثى، وكان هذان المولودان في غاية الذكاء والقوة، لذلك قرر ملوك الأنوناكي أن يتزاوج هذان الشخصان وينجبان سلالة جديدة قادرة على العمل في المناجم وعلى تدبير شؤون طعامها وسكنها، ولذلك قاموا بتعليم البشر الجدد الزراعة وتدجين الحيوانات، حيث أوكل لأحد الأبناء مسألة الزراعة وللآخر الرعي فقتل أحداهما الآخر (كما في قصة قابيل وهابيل).

رابعاً – هلاك البشرية

ولما تكاثر البشر وانتشروا في الأرض ازداد فسادهم فتحدوا أسيادهم بل آلهتهم الأنوناكي فاجتمع ملوك الأنوناكي لتقرير مصير البشر فكان الحكم بالقضاء عليهم بالطوفان، إلا أن بعض الأنوناكي أشفقوا على البشر فأعطوا سر الإنقاذ لأحد كبار البشر، وهو النبي نوح عليه السلام وذلك ببناء السفينة وحمل أهله وأنواع الحيوانات معه، فاستطاع النجاة بمن معه واستمروا في إعمار الأرض، ليقرر الأنوناكي بعد الطوفان ترك الأرض والعودة لكوكبهم نيبيرو.

نقد النظرية

يتبين لنا من النقاط التي أثارتها نظرية زكريا سيتشن أنه اعتمد على أمرين وحاول الربط بينهما وهما: الدين والعلم الحديث، فزكريا سيتشين حاول إسقاط كافة النصوص الدينية في نظريته سواء الوثنية منها أو السماوية على نظريته، ونجده اعتمد بشكل أساسي على معتقدات العراقيين القدامى وعلى رأسها المعتقدات الدينية للسومريين والأكاديين بما فيها ملحمة جلجامش، أما من الأديان السماوية فقد اعتمد على النصوص التواراتية بشكل أساسي.

نظرية الأنوناكي والأديان

تظهر قصة خلق آدم في نظرية زكريا سيتشن من خلال التمييز بين الإنسان الأول الذي تم استنساخه بمختبرات الأنوناكي وبين آدم كأب للبشرية الحالية، وتظهر أيضاً قصة مقتل قابيل لهابيل التي لا تكاد تختلف عما ذكرته الأديان السماوية الثلاث، والحال نفسه بالنسبة لقصة الطوفان.

نظرية الأنوناكي والعلم الحديث

إن أحد أهم الانتقادات لنظرية زكريا سيتشين هي اعتمادها على المكتشفات العلمية الحديثة ومحاولة إسقاطها على العصور الغابرة، فالفرضية التي انطلق منها سيتشين في نظريته المتعلقة بظهور البشرية اعتمدت بشكل أساسي على هبوط مخلوقات فضائية متطورة جداً قامت بخلق هذا الإنسان وتطوير الحياة على الأرض، ولذلك يجب أن تظهر كافة المكتشفات العلمية الحديثة لدى هؤلاء الأنوناكي.

فنجده أظهر في نظريته تطور علم الوراثة لدى هؤلاء الفضائيين الذين هبطوا من السماء، فهم قاموا بتغيير الجينات والتعديل الوراثي لصنع كائن يقوم بأعباء الحياة عنهم، كما اعتمدوا أيضاً على طفل الأنبوب في انتاج الكائن البشري الأول، ثم اعتمدوا على التزاوج بين الأنوناكي وإناث البشر البدائيين.

وزكريا سيتشين أظهر في نظريته كافة التطورات العلمية الحديثة بدءاً من تطورات علم الوراثة والصبغيات إلى طفل الأنابيب بل واستئجار الأرحام من قبل نساء الأنوناكي ولو أنهنّ وهبهنّ أرحامهن بدون مقابل، بل فقط لإنجاح مشروع الاستنساخ.

ولا يبتعد سيتشين كثيراً عن تطورات الفضاء، فالثقب الذي يصيب الغلاف الجوي لكوكب نيبيرو يتشابه تماماً مع ثقب الأوزون، كما أن المركبات الفضائية للأنوناكي تمثل الخيال العلمي للمركبات الفضائية المستقبلية التي ستنتقل عبر الكون من مجرة إلى أخرى وليس من كوكب إلى آخر.

أخيراً – لماذا أطلق زكريا سيتشين هذه النظرية:

إن زكريا سيتشين أطلق هذه النظرية والتي بدأت تلاقي رواجاً في أوساط الثقافة العالمية وبخاصةً الغربية والصهيونية، وكانت الأهداف من هكذا نظرية هي إبعاد أي منشأ حضاري أصيل عن منطقتنا العربية وربطه بأقوام من الخارج، فمنذ اكتشاف آثار السومريين وعلماء الآثار الغربين يدأبون على ربط الشعب السومري بأصول خارج منطقة العراق، فهم رأوا فيهم أقواماً وافدة على المنطقة من أواسط آسيا، ثم تدريجياً وصل الأمر بهم إلى اعتبار السومريين أقوام أتوا من كوكب آخر وأنشأوا الحضارة على الأرض ومنحوها للبشر، فالحضارة الأصيلة التي نشأت في المنطقة العربية كانت ومازالت تثير حسد وغيرة الغرب بل أحقاده، لذلك يحاولون دوماً ربط هذه الحضارات بأصول غير عربية من خارج المنطقة.

فيديو مقال نظرية الأنوناكي

 

 

أضف تعليقك هنا