همهمات محروم

بقلم: عصام البيضاوي

الحياة ومشاكلها اليومية

كانت تصرخ في مطبخها وهي تعبث بالأواني في إزعاج وجلبة مقصودة كعادتها وهي تقول :
إن الخواطر التي تعطيها وقتا للكتابة وتوليها أولوية للتدوين والتقييد..لن تشري خبزا ولن تدفع إيجارا..ولن تحل واجبات ابنك المدرسية في المنزل، بدل أن تشغل نفسك بالتفاهة، استثمر وقت فراغك فيما ينفع، إصطحب أولادك في نزهة، إبحث عن طرق أخرى لتحسن دخلك وتدفع عنا شيئا من ضنك العيش مثل أسيادك، انظر لفلانة كيف تعيش مرفهة وكيف يعاملها زوجها..وماذا يفعل من أجلها، وأنا غارقة في هذا الهم معك، أقضي عمري في غسل ملابسك وملابس عيالك، وتحضير طعام يومي لاراحة من إعداده إلا بالموت.

كان صراخها مستفزا لاحدود له يلتقطه بآذان ملتهبة وقلب مليء بالسخط والحنق..كانت حالتها اليومية في مزاج النكد والشكوى قد حلت ودق جرسها ..إنه يفعل كل ماتحتج بسببه وتتخذه مطية لتفريغ شحنات الغضب وممارسة هستيريا الاعتراض والامتعاض من أجله.

الزواج والجانب السلبي للحياة الزوجية

يزمجر في داخله ويلعن اليوم الذي فكر فيه أن يتزوج ويؤسس أسرة وعائلة، لم يكن يصدق أن الحياة ستصير إلى هذا الروتين القاتل ولم يعرف حينها أن الحب وحده لا يكفي لكي تستقر سفينة الزواج فوق أمواج السعادة الهادئة..رغم أنه دائما يذكرها عندما يبلغ الصراع ذروته بينهما أنه لم يعدها بحياة مفروشة بالورود وأنه لطالما صرح لها بوضوح أن رفقته ستكون صعبة وشاقة وأنها وافقت بصدر رحب وعينين مغمضتين، شأنها شأن كل النساء في هذه المرحلة من العلاقة حيث تعمى البصيرة.

وتتكلم الأحلام وتبني الأماني قصورا من الوهم، لوحات من عالم الخيال والقصص الرومنسية ترسمها الأنثى لمجرد أن تفوز بزوج تتأبط ذراعه وتفاخربه زميلاتها والمجتمع والعالم.. تتمسكن الواحدة منهن حتى تتمكن من رجل ينتج لها ولدين أو ثلاثة فيتحول الحمل الوديع داخلها إلى وحش كاسر يجعل الحياة جحيما مستعرا لايطفى أواره إلا صبر الزوج على الابتلاء والشقاء طمعا في ثواب ربه وأجره.

الهروب من مشاكل بيت الزوجية

عرف منذ أن أمسك كراسة خواطره في ذلك الصباح ليخربش فيها شيئا أن هذا الفعل لن يمر بدون عقاب أو قرع لطبول الحرب واستجلاب المشاكل العالقة والعقد العنقودية داخل بيت الزوجية العكر، ولكنه مع ذلك غالب ظنونه ولم يقاوم إغراء المحاولة، جمع أوراقه وارتدى ملابسه على عجل ورمى بنفسه على الدرج ودعوات الشر ترافقه بصوتها المبحوح يتردد صداه في المبنى كله.

لمحه جاره وهو يخرج من باب العمارة مسرعا مهمهما بكلمات غير مفهومة،ىفبادره بالتحية، كيف حالك يا أستاذ محروم؟ نظر إليه بشرود ومضى في طريقه دون أن يرد عليه، جلس في مقهى الحي ووضع أوراقه على المنضدة بعد أن طلب قهوته المعهودة، أشعل سجارة وأخذ نفسا عميقا وهو يفرك رأسه ويتأمل قبل أن تلمع في ذهنه الفكرة فأخذ القلم بلهفة ورتب ورقته وكتب في وسطها بالخط العريض عنوان مقالته الجديدة، كيف تكون زوجا سعيدا.

بقلم: ‏عصام البيضاوي

أضف تعليقك هنا