هَذِبوا العِقاب

 بقلم: ياسمين ناصر أبو العون

تُعتبر المدرسة من أهم المؤسسات التي توكلها المجتمعات الإنسانية مهمة تربية الأفراد وتكوين شخصياتهم, لذا تضع المهمة كبيرة على عاتق المعلم, إذ أن مُهمته لا تقتصر على حشو الأذهان بالمعرفة والمعلومات, بل وأيضاً في تكوين شخصية الطلاب, فلا تزال صورة المعلم النمطيّة مرتبطة في أذهاننا بالعصا التي يحملها وهو بذلك يمثل رمزاً للسلطة التربوية في المدارس، سواء في العهد القديم أو الحديث, فعادةً ما يلجأ المعلم إلى أساليب عدة بحجة فرض النظام والانضباط داخل الصف ومن الأساليب الشائعة في معظم المؤسسات التربوية التعليمية, أسلوب العقاب بنوعية الجسمي و المعنوي.

حسنات العقاب

  1. الاستخدام المنظم للعقاب يساعد الفرد على التمييز بين ما هو مقبول وما هو غير مقبول.
  2. يؤدي استخدام العقاب بشكل فعال إلى إيقاف أو تقليل السلوكيات غير الكيفية بسرعة مما يجعله محبباً أكثر للآباء و المعلمين.
  3. يسهل في بعض الأحيان عملية التدريب و التعليم.
  4. يقلل من احتمالية تقليل الاخرين.
  5. إن معاقبة السلوك غير المرغوب يقلل من تقليد ذلك السلوك .

سيئات العقاب 

  1. قد يولد العقاب خاصة إذا كان عنيف الحقد والعدوان والعنف بين المعلم و المتعلم .
  2. العقاب يكبح سلوكيات غير مرغوبة ولا يولد سلوكيات جديدة .
  3. يتولد عن العقاب انفعالات غير مرغوبة مثل الصراخ والبكاء وغيرها .
  4. يكبح السلوك غير المرغوب به.

من أنواع العقاب:

أولاً: العقاب البدني

إن العقاب البدني بمفهومه البسيط يُعرف بأنه سلوك يحتوي على عنف جسدي يقوم به المعلم تجاه الطالب بهدف تهذيب وتعديل سلوكه, فالعقاب البدني يشكل خطراً كبيراً على جميع عناصر العملية التعليمية؛ فالعقاب البدني يسبب التوتر لدى المعلم، ولن يمنح المُعلم إلا طفلاً مضطرباً نفسياً مما يسبب انعكاسات نفسية وجسدية واجتماعية عليه و كما  بجانب ما يلحقه العقاب البدني  من انعكاسات السلبية و قد يحول دون إيجاد علاقة حميمة بين المعلم والمتعلم؛ وقد يمتد لمراحل متقدمة من تعليم له, وهذا لا يؤدي بأي حال من الأحوال للنهوض بالعملية التعليمية.

لذا نجد من الخطأ من اعتقد أن العقاب البدني يفيد دائماً في العملية التعليمية, ففي أغلب الأحوال يكون ضرره أكبر من نفعه فالنفع الوحيد وراء هذا الأسلوب هو التنفيذ المؤقت للمطلوب, فمعظم النظريات النفسية تؤكد على التأثير السلبي للعقاب البدني و على المستوى التعليمي , فقد يُولد العقاب البدني العدوان، و العنف، والهجوم المضاد، وفقدان الثقة، وقد يصبح المعلم الذي يستخدم العقاب بكثرة في نهاية المطاف منفراً للطلاب.

مما يؤثر بالسلب على المستوى التحصيلي لهم, لذا على المعلم ان يدير عملية التدريس بحكمة وهدوء، و يستخدم مجموعة من الإجراءات البديلة للعقاب البدني، كالنصح والإرشاد و الثبات الانفعالي و توضيح الخطأ وغيرها. لذا يجب  أن تكون  العقوبة هي الوسيلة الأخيرة التي نحتاج اللجوء إليها وبعد نفاذ جميع الوسائل والحلول والتي ربما أدت إلى تصحيح ذلك المسار الخاطئ.

ثانياً: العقاب النفسي

لم  يتوصل الباحثون الى تعريف للعقاب النفسي الذي يلجأ اليه المعلم و الأهل مع أطفالهم, ولكنها تتلخص بثلاث طرق تعنيف تؤثر على نفسية الطالب منها استخدام المعلم ألفاظ بذيئة امام زملاء الطالب، والإساءة الى المشاعر، والتخويف عن طريق العزل، والتهديد بالمعاقبة و الإقصاء مما يجعله يعيش في قلق و رعب وخوف و توتر.

ثالثاً: العقاب اللفظي

هي تعبيرات لفظية توبيخية وتهديده لاذعة, ومؤلمة نفسياً, فتأثيرها أكبر من العقاب البدني, وإن أكثر ما يستخدم العقاب اللفظي في المواقف الحياتية المختلفة, بقصد تقليل ظهور أشكال السلوك غير السوي, وأكثر ما تكون هذه التعبيرات و الألفاظ مثل الإشعار بالخزي والعار، والسخرية أو الاستهزاء أو الشتم، واستخدام كلمات قاسية الامتناع عن تقديم المكافآت، وتكون هذه التعبيرات أكثر قسوةً و إيلاماً إذا ما ارتبطت بالعقاب البدني.

ففي نهاية الحديث نحن كمربين وأولياء أمور ومجتمع مسئولون أمام الله عن تربية النشء, لقول رسول الله صلى لله عليه وسلم ( كُلكم راعٍ و كُلكم مسؤول عن رعيته) وانطلاقاً من هذا المبدأ يجب أن نكون أهلاً لهذه الأمانة التي حمّلنا إياها رسولنا الكريم و ولأن أطفال اليوم هم  رجال الغد علينا أن نهتم بهم و نحمل أمانتهم فوق رؤوسنا.

بقلم: ياسمين ناصر يحيى أبو العون

 

أضف تعليقك هنا