الإعلام الجديد (المفهوم_الوسائل_الخصائص)

بقلم: كوثر حسن الياسري

يكاد ينفرد علم الإعلام عن بقية العلوم الأخرى بتأثيره الشديد ومسايرته للتطورات التقنية المتسارعة التي يشهدها العالم منذ ظهور وسائل الإعلام التقليدية إلى الوقت الحاضر بعد أن ارتفعت وتيرتها بشكل كبير في مطلع القرن الحادي والعشرين، ولاسيما في مجال الإتصالات اذ القت التكنولوجيا الحديثة اثارها على عملية الاتصال ونماذجه ووسائله ورسائله المختلفة من خلال الشكل والمضمون والفاعلية [1].

تطور الإعلام

تطور الإعلام في العصر الحديث واتخذ معنى واسعا، فأصبح علما قائما بذاته ويحمل اسم (علم الإعلام)، كحال العلوم الاخرى كعلم الاجتماع والسياسة وغيرها، ويشمل على الميادين بالنشاطات الاعلامية جميعها، ومع ذلك فأن مفهوم الاعلام غدا يثير كثيرا من النقاشات، ولاسيما انه يختلط بمفاهيم اخرى ويأتي في مقدمتها (الاتصال) او على نحو ادق (الاتصال بالجماهير)[2].

ويعرف الاعلام بصورة عامة على انه (النقل الحر الموضوعي للأخبار والمعلومات بإحدى الوسائل لتوصيل ذلك من اتجاه لأخر سواء كان وجها لوجه ام بالوسائل السمعية ام المرئية ام الالكترونية).اما الإعلام الجديد يمثل مظهراً جديداً كلياً، ليس في إطار دلالات علوم الاتصال فقط، ولكن في مجمل ما يحيط بهذا النوع المستحدث من الإعلام من مفاهيم خاصة كونه ما زال في معظم جوانبه حالة جنينية لم تتبلور خصائصه الكاملة بعد. وبرغم التطور الذي شهدته تكنولوجيا الإعلام الجديد إلا أنها لم تلغي وسائل الاتصال القديمة ولكن طورتها بل غيرتها بشكل ضخم، وأدت إلى اندماج وسائل الإعلام المختلفة والتي كانت في الماضي وسائل مستقلة لا علاقة لكل منها بالأخرى بشكل ألغيت معه تلك الحدود الفاصلة بين تلك الوسائل، حيث أصبحت وسائل الاتصال الجماهيرية تتسم بالطابع الدولي أو العالمي[3].

ویكتسب الإعلام ضمن إطار ثقافي وتاريخي وحضاري سمات العصر الذي یولد فیه وخصائصه، وفي الواقع، أن عصر المعلومات أفرز نمطاً إعلاميا جديدا یختلف في مفهومه وسماته وخصائصه ووسائله عن الأنماط الإعلامية السابقة، كما یختلف في تأثراته الإعلامية والسیاسیة والثقافية والتربوية الواسعة النطاق لدرجة أطلق فیها بعضهم على عصرنا هذا اسم (عصر الإعلام)، لیس لأن الإعلام ظاهرة جديدة في تاريخ البشرية، بل لأن وسائله الحديثة قد بلغت غایات بعیدة في عمق الأثر وقوة التوجيه وشدة الخطورة أدت إلى تغییرات جوهرية في دور الإعلام، وجعلت منه محوراً أساسا في منظومة المجتمع.

أولاً: مفهوم الإعلام الجديد

يعد مفهوم الاعلام الجديد ظاهرة إعلامية جديدة، مرتبطة بثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فأصبح المشهد الإعلامي أقرب لأن يكون ملكاً للجميع، وفي متناول الجميع، بعد أن كان مقتصراً على فئة محدودة من الناس، وصار المحتوى الإعلامي أكثر انتشاراً وسرعة في الوصول إلى أكبر عدد من القراء، وبذلك تكون الصحافة الإلكترونية قد أنارت آفاقاً عديدة، وفتحت أبواباً مغلقة، وأصبحت أسهل وأقرب للمواطن؛ مما كان له عميق الأثر سواء على صناع القرار من ناحية، أو من ناحية تشكيل الرأي العام، فلم يعد الرقيب حكومياً كما كان بالأمس بل الرقيب هو أخلاقيات العمل الصحفي والرسالة الإعلامية الموضوعية.

ولكن في الآونة الأخيرة طرحت عدة تساؤلات حول مستقبل الصحافة المطبوعة والتحديات التي تواجهها والحاجة إلى تطوير تقنيات وأساليب جديدة في ظل استمرار الانخفاض على طلبها مؤخراً تزامناً مع ظاهرة انتشار ورواج الصحف الالكترونية، حيث أظهرت النشاطات والندوات التي ناقشت هذا الموضوع على الساحة العربية خلال العامين الماضين مدى الاهتمام بمستقبل الصحافة الورقية في ظل التطور المذهل لشبكة الإنترنت، وذلك بالرغم من أن عدد مستخدمي الإنترنت في الدول العربية منخفض نسبياً حيث يصل إلى حوالي 7.5% من إجمالي عدد السكان في الشرق الأوسط في حين يصل في بعض المناطق مثل أمريكا الشمالية إلى 67.4%، وفي أوروبا إلى 35.5% طبقاً لأحدث الإحصائيات. وحسب بعض الإحصائيات فإن نسبة مشاهدة المواطنين في العالم للصحافة الإلكترونية تقارب الـ 60%، فما عاد المواطن ينتظر الصحيفة المكتوبة ليوم غد؛ فهو يحتاج أن يعرف الأخبار أينما كان وفي أي وقت ومجاني، فالمستفيد من الصحافة الإلكترونية هم الجميع .

فالأعلام الجديد أو الاعلام الرقمي هو مصطلح يضم كافة تقنيات الاتصال والمعلومات الرقمية التي جعلت من الممكن إنتاج ونشر واستلام وتبادل المعلومات التي نريدها في الوقت الذي نريده وبالشكل الذي نريده من خلال الاجهزة الالكترونية (الوسائط) المتصلة أوغير المتصلة بالأنترنت والتفاعل مع المستخدمين الاخرين[4].

كذلك يقصد بالاعلام الجديد في هذه الدراسة المواقع الالكترونية على الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والمدونات والبوابات ومواقع المحادثة أو الدردشة وغيرها على شبكة الإنترنت التي يعتمد عليها الطلبة في الكتابة والنقاش حول مواضيع الرأي العام [5] .

ثانياً: وسائل الإعلام الجديد

تعددت وسائل الإعلام الجديد وأدواته، وهي تزداد تنوعاً ونمواً وتداخلاً مع مرور الوقت، ومن هذه الوسائل: المحطات التلفزيونية التفاعلية، والكابل الرقمي، والصحافة الإلكترونية، ومنتديات الحوار، والمدونات، والمواقع الشخصية والمؤسساتية والتجارية، ومواقع الشبكات الاجتماعية، ومقاطع الفيديو، والإذاعات الرقمية، وشبكات المجتمع الافتراضية، والمجموعات البريدية، وغيرها.
بالإضافة إلى الهواتف الجوالة التي تنقل الإذاعات الرقمية، والبث التلفزيوني التفاعلي، ومواقع الانترنت، والموسيقى، ومقاطع الفيديو، والمتاجرة بالأسهم، والأحوال الجوية، وحركة الطيران، والخرائط الرقمية، ومجموعات الرسائل النصية والوسائط المتعددة.

ثالثاً: خصائص الإعلام الجديد

يتميز الإعلام الجديد بالعديد من الخصائص ومنها [6]

  1. التفاعلية: حيث يتبادل القائم بالاتصال والمتلقي الأدوار، وتكون ممارسة الاتصال ثنائية الاتجاه وتبادلية، وليست في اتجاه أحادي، بل يكون هناك حوار بين الطرفين.
  2. المشاركة والانتشار: يتيح الإعلام الجديد لكل شخص يمتلك أدوات بسيطة أن يكون ناشراً يرسل رسالته إلى الآخرين.
  3. الحركة والمرونة: حيث يمكن نقل الوسائل الجديدة بحيث تصاحب المتلقي والمرسل، مثل الحاسب المتنقل، وحاسب الانترنت، والهاتف الجوال، والأجهزة الكفية، بالاستفادة من الشبكات اللاسلكية.
  4. الكونية: حيث أصبحت بيئة الاتصال بيئة عالمية، تتخطى حواجز الزمان والمكان والرقابة.
  5. اندماج الوسائط: في الإعلام الجديد يتم استخدام كل وسائل الاتصال، مثل النصوص، والصوت، والصورة الثابتة، والصورة المتحركة، والرسوم البيانية ثنائية وثلاثية الأبعاد، إلخ.
  6. الانتباه والتركيز: نظراً لأن المتلقي في وسائل الإعلام الجديد يقوم بعمل فاعل في اختيار المحتوى، والتفاعل معه، فإنه يتميز بدرجة عالية من الانتباه والتركيز، بخلاف التعرض لوسائل الإعلام التقليدي الذي يكون عادةً سلبياً وسطحياً.
  7. التخزين والحفظ: حيث يسهل على المتلقي تخرين وحفظ الرسائل الاتصالية واسترجاعها، كجزء من قدرات وخصائص الوسيلة بذاتها.

رابعاً: الفرق بين الإعلام الجديد والإعلام التقليدي

وسائل الاعلام التقليدية يعرفها صالح دياب بأنها: مجموعة المواد الادبية والفنية المؤدية للاتصال الجماعي بالناس بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال الادوات التي تنقلها أو تعبر عنها مثل الصحافة والاذاعة والتلفزيون ووكالات الانباء والمعارض والمؤتمرات والزيارات الرسمية وغير الرسمية [7]. ويمكن إيجاز أهم الاختلافات بين الإعلام الإلكتروني الجديد والإعلام التقليدي فيما يلي:[8]

  1. التفاعلية:حيث أصبح للمتلقي دور في الاتصال والمشاركة، بعكس ما كان يحدث في الإعلام القديم؛ حيث إن المتلقي لم يكن له دور في المشاركة.
  2. تفتت الجماهير:فلم تعُد كتلاً ضخمة غير متجانسة، بل تحولت إلى وحدات صغيرة، وكل فرد يتلقى ما يناسبه من مواد، ولا يجبر أي فرد على متابعة ما لا يهمه.
  3. قابلية الانتقال:أي يمكن استخدامها لأغراض أخرى، مثل الحاسب المحمول الذي يمكن تزويده بطابعة، وأصبح متناولاً في كل وقت وفي أي مكان.
  4. الانتشار:فوسائل الإعلام الجديدة لا تقتصر على نطاق نخبوي أو فئوي بل تنتشر على نطاق اجتماعي واسع.
  5. العالمية:فقد سهلت سبل الاتصال ولا تقتصر على دولة أو إقليم، بل تعدى ذلك لإمكانية الاتصال بكل العالم وبتكاليف بسيطة عكس ما كان سابقًا.
  6. الحرية:أتاحت وسائل الإعلام الجديدة حرية التلقي للمستخدِم والمستقبِل لرسائلها والخروج من الاحتكارات الرسمية للمعلومات والأخبار والمادة الإعلامية ككل.
  7. التطوير:الإعلام الجديد دافع كبير للتعلم والتطوير في الثقافة العامة والتخصص، وربط الصنعة بالصنعة، وتحويل الهواية للاحتراف بإعطائها الوقت الكافي لها، وفي الإعلام الجديد فرصة كبيرة للتطوير والتعلم وطرح الأفكار بكل سهولة.

فضلا عما تقدم  يتميز الاعلام الجديد عن القديم بخاصية الحوار بين الطرفين، صاحب الرسالة ومستقبلها، ومع ذلك فأن الفواصل بين الاعلام القديم والجديد ذابت، لان القديم نفسه اعيد تكوينه وتحسنه ومراجعته ليلتقي مع الجديد في بعض جوانبه [9].

المراجع

[1] عمار طاهر محمد، دوافع وانماط استخدام الشاب العراقي لشبكات التواصل الاجتماعي، مجلة آداب المستنصرية، جامعة المستنصرية، العدد (68)، 2015.

[2]علي حسين حسن، السياسة العامة في النظام السياسي العراقي والعوامل المؤثرة فيها بعد عام 2003، دار المرتضى، ط1، 2015.

[3] حسن عماد مكاوي ومحمود سليمان علم الدين، تكنلوجيا المعلومات والاتصال، مركز جامعة القاهرة_القاهرة، ط1، 2000.

[4] ينظر: نضال فلاح واخرون، الاعلام والراي العام، دار الاعصار العلمي للنشر والتوزيع_عمان، ط1، 2014.

[5] بحري جمال الدين تارش، الرأي العام بين وسائل الاعلام التقليدية والاعلام الجديد، رسالة ماجستير(منشورة)، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة قاصدي مرباح ورقلة، 2016.

[6] ينظر: احمد صبحي سعيد، تأثير الاعلام الجديد على الرأي العام، مكتبة النهضة المصرية_القاهرة، ط1، 2014، ص120،  كذلك ينظر: هدى إسماعيل غانم، تحديات الاعلام الجديد، دار الشروق_القاهرة، ط1، 2010.

[7] نضال فلاح واخرون، مصدر سبق ذكره.

[8] عدي عباس مزاحم، الفرق بين الاعلام القديم والاعلام الجديد، بحث منشور في تاريخ (2014/2/15)، على شبكة المعلومات الدولية (الانترنت)، على الرابط الاتي:

http://pal-mix.blogspot.com/2014/02/blog-post_15.html

[9] ينظر: مصطفى انطاكي، رؤى واستشراقات مستقبلية حول الاعلام، مركز الدراسات الاستراتيجية_دمشق، ط1، 2005.

 

بقلم: كوثر حسن الياسري

أضف تعليقك هنا