العلوم الشرعية بين التخصصية والنسقية

سؤال النسقية والتخصصية؟

تكتسي العلوم الشرعية طابع النسقية في علاقتها ببعضها من جهة وفي علاقتها بالعلوم الإنسانية من جهة أخرى، إلا أن إشكال التمييز بين هذه العلوم وتصنيفها يثير جدلية النسقية والتخصصية فيها، الأمر الذي يضعنا أمام سؤال جوهري: هل التخصص في علم من العلوم يعود على خاصية النسقية بالإبطال؟

دواعي الفصل بين العلوم الشرعية

للإجابة عن هذا السؤال نشير إلى أهمية التزام النظرة التكاملية الموضوعية بين العلوم الشرعية باعتبارها بناء لولبيا ووحدة متناسقة تهدف إلى خدمة النص الشرعي قرآنا وسنة ،فهما واستدلالا،  بأي وجه من الوجوه،وأن الفصل بينها فصل منهجي فرضته ضرورة التدريس وعوامل اخرى،

علاقة العلوم الشرعية بعضها ببعض

ويتضح هذا التكامل مثلا في كون الفقيه يحتاج إلى  الأصولي ليضع له قواعد الاسنباط، وأن المفسر بحاجة إلى القواعد الأصولية المتفق عليها أو المختلف فيها، بل ومن العلماء من عد العلم بأصول الفقه من شروط المفسر.

كما يحتاج هذا الأخير إلى المحدث أيضا لإجراء القواعد الحديثية على المرويات التفسيرية، وتبين  مدى صحتها من ضعفها ونخلها من الإسرائليات المكذوبة، مع الإشارة إلى الارتباط الوثيق بين التفسير والحديث في عهد التدوين حيث دونت معظم قضايا التفسير في كتب الحديث قبل ان يصير علما مستقلا بذاته.

والمحدث لا يستغني عن الفقيه في الوقوف على معاني الأحاديث ودلالاتها(فقه الحديث).

كما تظهر قضية التأثر والتأثير بين العلوم الشرعية بشكل جلي في كتابات العلماء المتقدمين، حيث نجد الواحد منهم يصنف في الفقه وأصوله وفي العقيدة وعلم الكلام كما فعل الإمام الجويني والإمام الرازي وغيرهم كثير.

العلوم الشرعية والإنسانية أي علاقة

ومن جهة أخرى  ورغم الاختلاف الجوهري بين العلوم الشرعية ونظيرتها الإنسانية من حيث طبيعة الأهداف والدقة في النتائج. إلا أن هذا لا ينفي التكامل المعرفي بينهما، فمجال البيوع والمعاملات المالية مثلا ذو صلة وثيقة بعلم الاقتصاد ونظرياته المعاصرة، وعلم أصول الفقه مرتبط بالمنطق العقلي، والمنظومة القيمية الاخلاقية في الشريعة الإسلامية مرتبطة بعلوم التربية وعلم النفس ،وعلم السياسة الشرعية يؤصل للنظريات السياسة المعاصرة و علم مقاصد الشريعة الإسلامية  مرتبط بالحقوق والحريات.

دعوة للإنفتاح على العلوم الإنسانية

وخلاصة القول ان خاصية الشمولية للشريعة الإسلامية تحيل على الحمولة الدلالية المختلفة للنص الشرعي ،بحيث يتحرك بتحرك الوقائع والمستجدات اللامتناهية، ما يفرض علينا الانخراط في مشروع الكشف عن الجوانب الاجتماعية والإنسانية والنفسية والفكرية في القرآن والسنة. للإجابة عن الإشكالات الواقعية المعاصرة  المرتبطة بهذه المجالات، ومن جهة أخرى إبراز جهود وإسهامات العلماء المسلمين في خدمة العلوم الإنسانية وأوجه الارتباط بينها وبين العلوم الشرعية.

فيديو مقال العلوم الشرعية بين التخصصية والنسقية

أضف تعليقك هنا