تدمير الشعوب

بقلم: الكاتب صلاح الشتيوي

هل أن صندوق النقد الدولي أداة من أدوات التعمير وإصلاح للدول أم أداة لتدميرها وتوريطها… سؤال نبحث في إجابته من خلا هذا المقال.

“وشهد شاهد من أهلها”

إن كان الفساد ينخر هذا البنك بشهادة رئيسة الخبراء أفي القانون بالبنك الدولي التي تفطنت الفساد بالبنك الدولي والتي تم فصلها فيما بعد فكيف يمكنه إصلاح بلدان تعيش فساداً في كل ميدان.

تقول “كارين هودس” في شهادتها على فساد البنك: ( عندما تم تجديد مقر البنك الدولي في عام 1997 حاول المهندس المعماري المكلف منع الفساد في هدر70% من الكلفة الناجمة عن سوء الإدارة، هل يمكن أن تتخيل هذا المنظمة التي تعلم الجميع كيفية تشغيل المشاريع تتجاوز التكاليف لديها أكثر من220مليون دولار عن التقديرات؟ على أي حال المهندس الذي حذر من التجاوزات والفساد في هذا المشروع تمت إقالته، أين هذا الرجل الآن؟ إنه يدير المشاريع في الصين).

تجويع الشعوب

إن الحديث عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ودورهم في تجويع الشعوب يجرنا إلى الحديث عن منظمة ثالثة مساهمة في تدمير الشعوب الضعيفة تعمل لصالح أثرياء الرأسمالية وهي (منظمة التجارة العالمية).

تخدم منظمة التجارة العالمية مصالح الشركات العابرة وشعوب البلدان الغربية، ولا تخدم الشعوب في البلدان النامية، إن مبدأ المنظمة المتعلق بعدم التمييز في المعاملة هو في صالح الشركات بصورة كبيرة ويعني أن تلقى الشركات الأجنبية المعاملة نفسها التي تلقاها الشركات المحلية ويمنع على الحكومات التمييز في المعاملة بينها.

وهذا المبدأ الذي وضعته المنظمة له الأحقية على حساب المصلحة الوطنية مثل التنمية وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والبيئة. وتبقى مصالح المواطنين في العالم الثالث في مرحلة أخيرة بعد تحقيق نمو السوق الحرة كما كما يمنع منح العضوية في المنظمة العالمية للتجارة إلى البلدان النامية التي ترغب في الاشتراك إلا إذا قامت بجهد في تحرير اقتصادها، ولقد تم كل ذلك بضغوط الشركات العابرة القومية التي تضع القواعد الجديدة للتجارة العالمية، لقد تراجع دور الحكومات وتقلص دورها الاقتصادي والاجتماعي في السنوات الأخيرة ولهذا نما دور الشركات العابرة سيطرة على التجارة.

لقد أصبحت الشركات العابرة القومية نافذة يحسب لها ألف حساب وبسبب سياسات هذا الثلاثي يموت 200 مليون كل سنة من الجوع… تخلق العولمة الاقتصادية الثروة للنخبة فقط الذي يربحون من عمليات الدمج والنشاط المالي.

برامج صندوق النقد والبنك الدولي لعولمة الجوع والقضاء على الفقراء

لقد كان يعتقد أنه ببرنامج الثالوث صندوق النقد والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية أن كل القوارب ستصل بأمان وسينتهي الفقر في العالم، ولكن خلال نصف قرن منذ بدأ هذا المشروع الثلاثي والعالم يعيش الفقر أكثر فأكثر، وأوضاع العالم الثالث تزداد سوءا على سوء ومرضا على مرض.

كل ساعة يموت 1000 طفل من أمراض يمكن الوقاية منها، وأثناء الحمل يموت الكثير من النساء، ويعتبر الفقر المدعق القاتل الأكثر قسوة في العالم. 

البنك الدولي وتدمير أنظمة الرعاية الصحية: أفريقيا الإبادة البشرية واستفحال مرض الايدز (الموت بسبب الديون).

لقد تسببت سياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في الأضرار بأنظمة الرعاية الصحية في القارة الافريقية وازدياد الفقر والحاجة لدى الناس … إن هاته المؤسسات مسؤولة عن دورها في التسبب في أكبر كارثة صحية في تاريخ البشرية التي تواجه افريقيا… إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) ودستور منظمة الصحة للعالمية(1946) يؤكد على أن الصحة حقا أساسي من حقوق الإنسان، لكن سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أضر بصحة الأفارقة من خلال السياسات التي يفرضها؛ حيث أجبرت الحكومات الافريقية على توجيه اقتصاداتها نحو التكامل مع الأسواق العالمية على حساب الخدمات الاجتماعية وخفضت الإنفاق الحكومي في الصحة.

 البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالميةومعاداتهم للديمقراطية

إن الاستعمار في دول العالم انتهى برحيل الغزاة، ولكن غزاة اليوم هم هذا الثلاثي الذين يقيمون التقدم بمؤشرات الثروة المالية كارتفاع الأسعار للأسهم ومؤشرات إنتاج السلع والخدمات وانخفاض نصيب الفرد من الدخل في العالم الثالث، إن هاته المؤشرات تعمل بشكل جيد وهذا يدل على أن برامج الثلاثي هو إثراء النخبة على حساب العامة.

إن المؤشر للناتج القومي لا يهمه صحة أطفالنا أو تعليمهم، ولا فرحة عيدهم، وسعادة لعبهم، هاته المؤشرات لا تقيس حبنا لوطننا وتمسكنا بأرضنا تقيس كل شيء إلا الحياة بكرامة وعزة. هذا الثالوث لا يهمه لا يمكنه أن يجعل الحياة جديرة بان تعاش، إن المؤشرات تهم الشركات فقط… لكن مؤشرات الشعب تغرق كل يوم بوتيرة مخيفة.

إن العالم الثالث ينمو نحو الفقر بسرعة بسبب “ديمقراطية” المنظمة. الذي كان لها منذ تأسيسها تأثير كارثي على العمل والأجور وعلى البيئة والصحة والأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية وحقوق الإنسان والتجارة والاستثمار… لذا لا تستغرب صمت حكام دول العالم الثالث وإعلامهم خوفا على مناصبهم ومكاسبهم والنتيجة غياب الدمقراطية.

إن شعوب العالم الثالث لا يعرفون بأن حياتهم وسبل عيشهم وغذائهم وبيئتهم وثرواتهم الطبيعية ومستقبلهم وسياسيهم يتحكم فيها هاته المؤسسات القوية التي لا تعرف الديمقراطية بل المعادية لها.

البنك الدولي وتخريب الديمقراطية وإسقاط الأنظمة العربية

إن السياسات الاقتصادية لبلدان العالم الثالث لا تتم كما أرادتها الشعوب أو حكامها بل إن السياسات الاقتصادية والمالية تعتبر من تعليمات المؤسسات المالية الدولية وخاصة صندوق النقد الدولي، والبنك العالي، وهما أداتين إيديولوجيتين قبل أن تكونا أداتين ماليتين بيد الرأسمال العالمي المهيمن على العالم.

لقد فرض على الدول في إطار ما يسمى بالعولمة نمط إنتاج واستهلاك وتحكم مباشر في عوامل الإنتاج وعلاقاته وهذا حد من دور الدولة وتسبب في إسقاط دول وتغير أنظمة وهاته المرة بما سموه بالربيع العربي.

وهذا له تاثير وانعكاس مباشر على المؤسسات التي تشكل النظام الديمقراطي من أحزاب وبرلمان وحكومة ومجتمع مدني. لقد أصبحت الرأسمالية اليوم بقوتها المتزايدة تهدد القيم الليبرالية، والتي تواجدت منذ قرون، وهذا النفوذ المتزايد تسبب في تراجع دور الدولة وتأثيرها على الديمقراطية وعلى الشرعية مشروعية المؤسسات التي تفرزها.

إن الوضع الصحي يتأثر بعوامل اقتصادية، وكذلك بنظام الرعاية الصحية من قبل الدولة إلا أنه هناك عامل آخر وهي السياسات التي فرضها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي حيث تسببا في ازدياد الفقر والجوع في إفريقيا؛ مما تسبب في الأضرار بالقطاع الصحي في القارة كلها.

بقلم: الكاتب صلاح الشتيوي

 

أضف تعليقك هنا