ما الذي تقدمه منظمات الأعمال لعملائها حقا؟

بقلم: سالم العوام

المنظمات تقدم المنتجات كسلع أو خدمات، أليس كذلك؟!
وهذا أمر متعارف عليه ومسلم به!
لكن .. هل يمكن أن يكون هناك رأي آخر؟!
 لنناقش هذا الأمر في هذا المقال لعلنا نصل لفكرة جديدة!

مفهوم المنتج

بدأ مفهوم المنتج في سياقه التاريخي مع السلع، وتوسع ليشمل الخدمات، حيث تمت محاولات فهم وتفسير الخدمات بناءا على افتراض مسبق أنها جزء من المنتجات بجانب السلع، وأن العمليات التي تتم في المنظمات الخدمية هي عمليات إنتاج مثل العمليات التي تتم في المنظمات التي تقدم السلع، وعليه فإذا كانت السلع كمنتجات هي مخرجات ملموسة لعمليات الإنتاج في نظام التصنيع في المصانع، فإن الخدمات كمنتجات هي مخرجات غير ملموسة لعمليات الإنتاج في نظام إنتاج الخدمة في المنظمات الخدمية.
بكلمات أخرى، فإن محاولات فهم وتفسير مختلف أنواع المنظمات وما تقدمه لعملائها تمت ابتداءا بالإعتماد على أنها تحتوي على مدخلات وتتم فيها عمليات معالجة وتؤدي إلى مخرجات، وإذا كانت المصانع مخرجاتها هي السلع الملموسة، فإن المنظمات الأخرى مخرجاتها هي الخدمات الغير ملموسة، وكلاهما منتج، وعليه فإنه ومع تطور المنظمات التي لا تقدم السلع وازدياد حجمها وأهميتها، فإن محاولة فهم وتفسير هذه المنظمات تمت من خلال النظر إلى ما تقدمه لعملائها من منظور المخرجات الذي يفرضه مفهوم المنتج.

المنتج أطلق على السلع بالبداية

وبالتالي فإن ما حصل مع مفهوم المنتج هو أنه أُطلق على السلع في البداية، وبذلك أصبحت المخرجات هي المنظور الذي تم من خلاله النظر ل “أي شيء يعرض في السوق لتلبية حاجة أو رغبة ما”، ثم نما مفهوم المنتج ليشمل الخدمة وفرض عليه ذلك المنظور، ثم نما مفهوم الخدمة ليشمل كل ما ليس بسلعة.
وفي حين كان من السهل فهم عمليات الإنتاج في المصانع ومنتجاتها من السلع المادية الملموسة، وحتى دون إعطاء السلع تعريفا منفصلا، إلا أن فهم الخدمات سبب إرباكا وضبابية انعكست على تعريفاتها المتعددة والفضفاضة، وتم اعتبار أن كون التعريفات فضفاضة هو أمر مقبول ومبرر على افتراض أن هذا ما تفرضه حالة اللاملموسية التي تتسم بها الخدمة.

نقطة ضعف مفهوم المنتجات

وفي الحقيقة فإن نقطة ضعف مفهوم المنتجات والتي يتعذر معها تقديم نماذج أوسع لتفسير “أي شيء يعرض في السوق لتلبية حاجة أو رغبة ما” و تقديم تعريفات جامعة مانعة، هي في اتخاذ المخرجات كمنظور للفهم والتفسير، فما تم الوصول له من نماذج جزئية ومن تعريفات فضفاضة هو أفضل ما يمكن الوصول إليه من خلال هذا المنظور.
وبالتالي فنحن بحاجة إلى استخدام التفكير النظمي بشكل أفضل، وإعادة النظر فيما تقدمه المنظمات لعملائها من وسائل لتلبية حاجاته، بمعنى أننا نحتاج إلى استخدام فكرة النظام بأجزائه الرئيسية الثلاث (المدخلات، عمليات المعالجة، المخرجات)، ولكن بدلا من النظر إلى هذه الوسائل من زاوية المخرجات فقط والتعامل معها كمنتجات فيجب أن ننظر إليها من الزوايا الثلاث المعبرة عن تلك الأجزاء الرئيسية للنظام، ومن ثم فرز ما تقدمه المنظمات من وسائل تلبي حاجات ورغبات العميل إلى ثلاث أقسام، الأول عبارة عن مخرجات تبيعها للعميل، والثاني عمليات معالجة تقوم بها لصالح العميل، والثالث مدخلات تتيح استخدامها لصالح العميل.

ثلاث مجموعات من الأعمال

وفي سبيل ذلك فسنعرض عدد محدد فقط من الأعمال موزعة في ثلاث مجموعات، بحيث تكون الأعمال في كل مجموعة متجانسة من حيث وسائل التلبية التي تقدمها وتقابل جزء من أجزاء النظام الرئيسي، وهذه المجموعات كالتالي:
• المجموعة الأولى تحتوي على أعمال: صناعة الأجهزة الكهربائية، الإنتاج المرئي والمسموع، إنتاج برمجيات وألعاب كمبيوتر.
• المجموعة الثانية تحتوي على أعمال: العلاج الطبي والجراحة، شحن البضائع ونقل الأمتعة، صيانة السيارات.
• المجموعة الثالثة تحتوي على أعمال: تأجير الغرف في فندق، تأجير سيارات، توفير المعدات الرياضية في الصالات الرياضية.
وفقا للفهم السائد فإن الأعمال السابقة في المجموعات الثلاث يتم تقسيمها على أساس أن صناعة السيارات تقدم سلعة وما تبقى فهو يقدم خدمة، أما وفق الفهم الجديد فإن كل مجموعة تعبر عن أعمال تقدم نوع من أنواع وسائل التلبية، فالمجموعة الأولى تقابل المخرجات، والمجموعة الثانية تقابل عمليات المعالجة، والمجموعة الثالثة تقابل المدخلات، وبناءا عليه يمكن التعليق على تلك المجموعات كالتالي:
• الأعمال في المجوعة الأولى يتم من خلالها إنتاج مخرجات وبيعها للعميل ليصبح حر التصرف فيها، وإنتاج هذه المخرجات وتبادلها مع العميل هو جوهر هذه الأعمال، وذلك سواء كانت تلك المخرجات ملموسة مثل الأجهزة الكهربائية، أو كانت غير ملموسة مثل الصوتيات والمرئيات ومثل ألعاب وبرامج الكمبيوتر.
• الأعمال في المجموعة الثانية يتم من خلالها إجراء عمليات معالجة لصالح العميل تحقق له ما يرغب من النتائج، وإجراء عمليات المعالجة تلك هو جوهر هذه الأعمال، فعمليات العلاج الطبي والجراحة هي عمليات معالجة تتم على ذات العميل، وشحن البضائع هي عملية معالجة تتم على بضائع العميل، وصيانة السيارات هي عملية معالجة تتم على سيارة العميل.
• الأعمال في المجموعة الثالثة يتم من خلالها توفير مدخلات وإتاحتها للعميل ليقوم بعملية المعالجة باستخدامها ويحقق بنفسه النتائج التي يرغبها، وإتاحة استخدام تلك المدخلات للعميل دون انتقال ملكيتها له هو جوهر هذه الأعمال، فتأجير الغرف هو إتاحة للمدخلات ليقوم العميل بعملية المعالجة (النوم والمبيت) باستخدامها، وتأجير السيارات هو إتاحة للمدخلات ليقوم العميل بعملية المعالجة (التنقل) باستخدامها، وتوفير المعدات الرياضية هو إتاحة للمدخلات ليقوم العميل بعملية المعالجة (ممارسة الرياضة) باستخدامها.
وبالتالي فما نريد الخلوص إليه هو أنه يوجد ثلاث أنواع من الأعمال تقوم بها منظمات الأعمال، كل نوع من هذه الأعمال يقابل جزء من أجزاء النظام الرئيسية، ويتم من خلال هذه الأعمال تقديم وسائل تلبي حاجات أو رغبات ما، فالنوع الأول من الأعمال يتم من خلاله تقديم مخرجات، والنوع الثاني من الأعمال يتم من خلاله إجراء عمليات معالجة، والنوع الثالث من الأعمال يتم من خلاله إتاحة مدخلات.
بقلم: سالم العوام.

بقلم: سالم العوام

أضف تعليقك هنا