مستوى الخطاب الإسلامي والتصوير الإعلامي وتأثيرهما على تكوين الفرد وتطور المجتمع

مقارنةً بالأمم الأخرى نرى في هذه الحقبة من الزمن تراجعاً مخيفاً على المستوى الفكري والحضاري لأفراد ومجتمعات الأمة الإسلامية و انحساراً لتأثيرها المكاني والزماني، فهل هناك أسبابٌ يمكننا أن نضع أيدينا عليها حتى ننطلق منها إلى آفاقٍ جديدة والتي من الممكن أن تبدأ من مراجعة تأسيس الفرد المسلم ومراحل تكوّنه ونضجه ليصبح نواةً مؤثرةً في محيطه ومكوّناً فعّالاً من مكوّنات المجتمع التي يمكن لها أن تصنع مستقبلاً منافساً للأمم الأخرى و تستعيد موقعها في الصدارة.

الفرد المسلم بين النقل العاطفي والتطبيق العملي

مع استمرار الدعوة و الخُطب و المحاضرات و المناظرات الإسلامية في شتّى أنحاء العالم إلّا أنه ما يزال العلم الشرعي الاصطلاحيهوالعنصر المسيطر على فحوى و طريقة الخطاب الديني والذي يعتمد على الترغيب والترهيب في لغته والتوجيه العاطفي باستدلاله علىالأحداث التاريخية الكبرى منها والصغرى وترجمتها بطرق تردّدية تختلف من وقتٍ لآخر باختلاف المراد والمآل وهو الذي كان يحشد فيهاالحشود ويوحّد فيها الصفوف فيما قبل عالم الإنترنت والانفتاح على العالم الخارجي.

العلم السطحي

يغلِب على أفراد الأمة منذ زمن ليس بالقريب أخذهم للعلم السطحيعلم المفرداتوعلم الإطاراتوتفسيره والعمل به ونقله على فهمهالفردي من دون الغوص والبحث في تفاصيله ومكنوناته والتأكد من صحته ومناسبته وسببه وموضعه وذلك أدى إلى موجة من التناقضات و الاختلافات بين الأفراد مما أحدث الانقسامات والطوائف و الأحزاب والتي من سبيلها تفكك الأُمّة إلى أشلاء يسهل التهامها وإخفائها وهذايحدث اليوم للأسف.

من أساسيات تكوين الأمة

إنّ غياب أو تغييب العلماء المسلمين اليوم عن تأصيل الأصول وتفسير المفردات والجمل القرآنية وتبيين استدلالات الزمان والمكان والحال وبحث التفصيل و الإجمال وتحليل الإطارات بتجميع قطع الصور الصغيرة وشرح شكل الصورة الكبرى وبيانها والتأكيد عليها وتشريح العلومالإسلامية إلى أقسام شرعيةأدبيةو علوم طبيعيةعلميةومقارنتها مع التطور العلمي في الغرب و الشرق والنزول بمستواها التوعوي والإرشادي والمنهجي إلى مستوى فهم الفرد العادي لصناعة جذورٍ قويّة تحمل هذا الدّين فهماً وعملاً إلى آفاقٍ جديدة وفي غياب هذاالنمط والنسق فإن الارتقاء والمنافسة تكون غير مجدية لأن الفرد هو نواة المجتمع والمجتمع من أساسيات تكوين الأمة.

مواكبة الحضارة الإسلامية للمتغيرات

تزخر الحضارة الإسلامية على مرّ العصور بالكثير من المكتسبات على كافة المستويات سواءً الدينية أو العلمية أو الثقافية أو الإجتماعية أوالسياسية أو الإقتصادية والتي تعد من أحدث المناهج والقيم والرسالات التي لو تم الاستثمار فيها بإيمانٍ راسخ و تسخير كل الإمكانيات التقنية والعلمية الحديثة و إعادة إخراجها إخراجاً سليمًا وترويجها ترويجاً عصرياً لجذبت إليها جميع سكان العالم بمختلف انتماءاتهم وعقائدهم كما فعل الأمويون في الأندلس.

ممارسات الإعلام

إنّ ممارسات الإعلام في كل الدول الإسلامية هي ممارسات لحظية تهتم بالشعور العام والتوجيه الممنهج لأهدافٍ أغلبها سياسية ليس أكثر،بينما يغيب اليوم عنّا جميعاً في كل أنحاء العالم الإسلامي أسلوب العمل المشترك والتكامل المبني على أسسٍ علمية لربط جميع المجتمعات في هذا العالم ببعضهم البعض بالرغم من اتحادهم واتجاههم نحو قبلةٍ واحدة واتباعهم لدينٍ واحد حصل فيه من التفريع والتفريغ والتجويف والتفريق شيئاً كثيراً إمّا بسبب النقل أو الإحداث أو الابتداع أو الجهل والذي كان من الطبيعي أن يتلقّاه الفرد ويترجمه في طريق فهمه السطحي و ربّما العمل به في غير اتجاهه الصحيح كما ذكرنا آنِفا.

الترويج لرسائل الغرب والشرق باختلاف مناهجه

إنّ الترويج لرسائل الغرب والشرق باختلاف مناهجه كان و ما يزال أغلب ما يعرض على قنوات ووسائل إعلام دول عالمنا الإسلامي من برامج و أفلام الأطفال إلى المسلسلات الدرامية والكوميدية والتاريخية حتى برامج علم الطبيعة والاكتشاف وبرامج تلفزيون الواقع امتداداً إلى رسائلالمشاهير من الممثلين والفنانين و إبرازهم كشخصيات تؤثر في المجتمع على حساب فطاحلة الدين واللغة والأدب والعلوم المختلفة من مخترعين ومفكرين.

التاريخ والحضارة الإسلامية

إنّ التاريخ والحضارة الإسلامية تزخر بكثيرٍ من المفكرين والمخترعين والدعاة والكُتّاب والشعراء والمؤلفين والمؤرخين وفي الجانب الآخر تزخربكثيرٍ من الآثار والعمارة والمخترعات التي استفاد منها المحتل في فترةٍ من الزمان ليعيد صناعة حضارته اليوم، في حين أنّ بيننا في الوقت نفسه من المبدعين والتقنيين والفنيين والمهرة والمهندسين والباحثين من إذا وجدوا مكاناً يحتضنهم وكياناً أو كيانات متكاملة تستثمر في تلك المكتسبات فقد يكون تأثير ذلك محسوساً وملموساً وفي وقتٍ وجيز و سينتشر ذلك في العالم ويأسر القلوب لمزيدٍ من التقدم والارتقاء.

فيديو مقال مستوى الخطاب الإسلامي والتصوير الإعلامي وتأثيرهما على تكوين الفرد وتطور المجتمع

أضف تعليقك هنا