أركان جريمة الخطف في القانون العراقي

بقلم: المحامية در المعموري

ماهو موقف القانون من ذلك الفعل؟ وماهي عقوبة مرتكب جريمة الخطف؟ وهل يمكن الاعتداد برأي الطفلة بانها قد هربت مع ذلك الشخص بمحض ارادتها ومايتبع ذلك من تأويلات للقضية؟

ومن خلال هذا المقال المتواضع سنتناول مثل هذه الاسئلة من الناحية القانونية ونبين رأي شراح القانون وايضاً موقف القانو العراقي منها.

آراء الكتاب والباحثيين بتعريف الخطف

لم يعٌرف قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969 المعدل جريمة الخطف، ولمعرفة ماهية جريمة خطف الاحداث وبيان عناصر الجريمة واركانها، فلابد من الرجوع الى آراء الكتاب والباحثيي القانونين في هذا الشأن.

يعٌرف الخطف بأنه

انتزاع الشخص من بيئته ونقله الى مكان اخر واحتجازه فيه واخفاءه عمن لهم الحق بالمحافظة عليه.

ولجريمة الخطف عدة صور، من أهمها الخطف الذي يقع على الاشخاص الذين لم يبلغوا سن الرشد وهو مايسمى بخطف الاحداث. وتتتحقق هذه الجريمة بقيام الجاني بنفسه او بواسط غيره بفعل او نشاط من شأنه أن يؤدي الى انتزاع المجني عليه (الحدث) من بيئته وقطع صلته باهله ونقله الى مكان اخر واحتجازه فيه ، ويتحقق الخطف سواء تم في بيته او من محل عمله او حتى من الشارع.

بذلك تكون لجريمة الخطف عنصرين هما:

  • انتزاع الشخص (المجنى عليه).
  • وابعاده من بيئته.

فلكي تتم جريمة الخطف لابد ان يقوم الجاني بانتزاع المجنى عليه من بيئته. ولا اهمية للوسيلة التي تم بها انتزاع المجني عليه لكي تتحقق الجريمة، اذ يمكن أن يتم الخطف باحدى وسائل المواصلات او بدونها او بالترصد وانتظار المجني عليه او بسبق الاصرار او بدونه وبواسطة الفاعل او من غيره. وليست هناك اهمية للمكان الذي انتزع منه المجني عليه.

فجريمة الخطف تتحقق بمجرد انتزاع المجني عليه سواء تم انتزاع المجني عليه من بيته او من الشارع او أي مكان اخر. وإضافة الى قيام الجاني بانتزاع المجني عليه، فلابد أن يقوم يقوم الجاني بابعاد المجني عليه من البيئة التي يعي فيها وأن يقطع صلته بعائلته.

أما إذا قام الشخص (أ) بإيواء الشخص (ب) الذي فر من اهله فإن عنصر الانتزاع يتحقق في هذه الحالة ايضاُ، و يعد الأول خاطفا للشخص الثاني، اذا كان الشخص (ب) دون سن الرشد، اذ يعد فعل الشخص الذي قام بإيوائه بعد فراره من اهله انتزاعاً للمجني علي وبه يتحقق الخطف، بمعنى إن جريمة الخطف تتحقق حتى في حالة ترك الشحض لبيئته وقطع صلته بأهله بمحض إرادته وقام شخص آخر بإيواه في بيته او في مكان آخر، إذا كان المجني عليه طفلاً دون سن الرشد فلا عبرة بإرادة الطفل بترك بيته وبالتالي يعد إيواء الجاني له خطفاً.

لجريمة الخطف عدة خصائص منها:

  • إنها اعتداء على حرية الانسان، فجريمة الخطف هي من الجرائم الماسة بحرية الانسان وحرمته وهي من اكثر الجرائم خطورة في مجتمعنا كونها تبعث الرعب في نفوس الافراد.
  • وبها تتحقق النتيجة الجرمية الا وهو الاعتداء على حرية الاشخاص المحمية قانوناً .
  • كما إن جريمة الخطف تعد من الجرائم المستمرة، فالجريمة تعتبر متحققة في كل لحظة تمر على المجني عليه اثناء خطفه.

وأخيراً فإن جريمة الخطف تعد من الجرائم العمدية المنظمة لان الخاطف يكون قد خطط للجريمة وعزم على ارتكابها مع سبق الاصرار والترصد، وبذلك تكون من الجرائم العمدية التي لا يمكن ان تقع عن طريق الخطأ، ولابد من توفر القصد الجنائي في تحقيقها ويتكون القصد الجنائي من العلم والارادة أي ان يعلم الجاني بانه ينتزع انسان من المكان الذي يقيم فيه ويقطع صلته بعائلته ويري ذلك، واذا تحقق القصد الجنائي فلا اهمية للباعث على القيام بجريمة الخطف. فجريمة الخطف تتحقق حتى لو قام الجاني بخطف طفل من بيئته وقطع صلته باهله لينقذه مثلاً من بيئته الفاسدة.

أركان قضية الخطف

من خلال ماتوافرت من معلومات حول حيثيات وملابسات قضية الطفلة (سيمون). نلاحظ بأن جريمة الخطف متحققة لتوافر اركانها:

  • الركن المادي

    • قام الجاني بانتزاع تلك الطفلة (التي تبلغ من العمر 11 سنة وهي بذلك تكون دون سن الرشد القانوني) من امام دارها وابعادها من بيئتها وذلك بنقلها الى مكان اخر غير محل سكنها الطبيعي.
    • كما إن قيام الجاني بابعاد المجني عليها من البيئة التي تعيش فيها وقطع صلتها بعائلتها، فانه يعد ابعاداً للمجني عليها وبالتالي يعتبر الركن المادي لجريمة الخطف متحققاً.
  • الركن المعنوي

    • فإن الجاني على علم بانه ينتزع انسانة من بيئتها ويقطع صلتها باهلها.بل أنه قد سبق له أن دبر وخط لفعلته من خلال تواجده المستمر في منطقة سكن الطفلة كونه بائع متجول ارتاد المنطقة مرات عدة.
  • ركن المحل

    • فإن محل الجريمة هو الطفلة المجني عليها.

عقوبة جريمة الخطف بالقانون العراقي

وتعتبر جريمة الخطف من الجرائم التي تعاقب عليها جميع التشريعات العالمية ولو بعقوبات متفاوتة، وعند الاطلاع على نصوص قانون العقوبات العراقي نلاحظ أنه بالنسبة للإحدا الذين لم يتموا الثامنة عشر من العمر، فإن المشرع العراقي قد ميز في العقوبة بين خطف الذكر وخطف الأنثى. فقد نصت المادة (422 منه ( من خطف بنفسه او بواسطة غيره بغير اكراه او حيلة حدثاً لم يتم الثامن عشر من العمر يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن خمس عشر سنة اذا كان المخطوف انثى وبالسجن مدة لاتزيد عن عشرة سنين اذا كان المخطوف ذكراً ) .

ظروف الجريمة التي بحسبها  يعاقب القانون

فعقوبة الجريمة قد تكون بسيطة إذا كانت خالية من الظروف المشددة وقد تكون جسيمة إذا اقترنت بظرف من الظروف المشددة، ومن هذه الظروف:

  1. الإكراه.
  2. الحيلة .
  3. موت المجني عليه.
  4. مواقعة الأنثى.
  5. إذا طالت مدة الخطف عن خمس عشر يوماً.
  6. تزي الخاطف بزي مستخدمي الحكومة او إبراز سند مزور.
  7. إذا كان الغرض من الخطف الاعتداء على عرض المجني عليه او الكسب غير المشروع.
  8. وقوع الجريمة على موظف أو مكلف بخدمة عامة إثناء تأديته لوظيفته.

وإذا كان اقتران الجريمة بظرف مشدد يؤدي إلى تشديد العقوبة على الجاني فانه بالمقابل اقتران الجريمة بظرف مخفف يستلزم تخفيف العقوبة على الجاني أو الإعفاء منها/ ومن الظروف المخففة أو المعفية من العقوبة:

  • ترك الخاطف المخطوف في مكان أمين دون أذى قبل انقضاء ثمان وأربعون ساعة.
  •  اخبار السلطات واعلامها بمكان وجود المخطوف .
  • زواج الجاني من المخطوفة.

بعض التعديلات على قانون جرائم الخطف بالقانون العراقي

وقد عدلت العقوبة المفروضة على جريمة خطف الأشخاص بكل أنواعها بموجب أمر سلطة الائتلاف المؤقتة المرقم 31 القسم الثان في 13- 9-2003:ظكظ=زمممم

  • حيث الغى التعديل التفرقة التي كانت موجودة.
  • والتي تجعل جريمة خطف الحدث الذكر عقوبة تختلف عن جريمة خطف الأنثى الحدث وكذلك خطف الأنثى البالغة سن الرشد.
  • وأصبحت العقوبة السجن مدى الحياة والغى أيضا التفرقة بين الجريمة المقترنة بظرف مشدد والجريمة الخالية من الظرف المشد وجعلها جريمة واحدة .
  • كما الغي التخفيف الذي جاء به المادة 426 من قانون العقوبات العراقي في حالة اقتران الجريمة بظرف من الظروف المعفية أو المخففة ، كإبلاغ السلطات عن الجناة الآخرين وتمكينها من القبض عليهم أو ترك المخطوف بعد مدة (48) ساعة دون أذى وفي مكان أمين يسهل عليه الرجوع إلى أهله.
  • وجعل المسالة جوازيه تخضع لتقدير القاضي بعد ما كانت وجوبية مقررة بنص القانون ، وكانت عذراً معفياً من العقاب لا ظرفاً مخففاً.
  • كما الغى أمر سلطة الائتلاف النص الذي يقرر وقف الإجراءات القانونية بحق الخاطف الذي يتزوج من المخطوفة زواجاً شرعيا صحيحاً دون حدوث طلاق بينهم بسبب من الزوج لمدة ثلاث سنوات .
  • ثم عدلت عقوبة جريمة الخطف بكل أنواعها بموجب قرار مجلس الوزراء المرقم (3) في 8-8-2004 وجعل العقوبة الإعدام بدلاً من السجن مدى الحياة ولم يشر إلى الظروف المشددة أو المخففة والتي يمكن إن تقترن بالجريمة وهذا يعني إن ارتكاب أي جريمة خطف سواء أكانت بسيطة أم مشددة يعاقب مرتكبها بالإعدام ، دون النظر إلى اقتران الجريمة بظرف مشدد أو خلوها منه أو اقترانها بظرف مخفف أو  لا.

بقلم: المحامية در المعموري

أضف تعليقك هنا