نظرية التطور: الجوانب العلمية

لا شك أن ” نظرية التطور ” للعالم البريطاني ” تشارلز داروين ” تبقى من أهم النظريات العلمية خلال القرن الماضي ، و خلال هذا القرن ، بل هي من أهم المسائل المطروحة علمياً، و أيضاً من حيث تداعياتها الدينية، لذلك إن أول سؤال يأتي في أذهاننا و نحن نُفكر في هذه المسألة العويصة و الهامة ، هو سؤال : ماهي الجوانب العلمية لنظرية التطور الداروينية ؟ بعيداً عن الدين ، هل يُثبت العلم هذه النظرية أم ينفيها ؟ كذلك ما الذي نعنيه بالتطور؟ هذا المفهوم الغامض الذي كثيراً ما يقف المرء في إحراج عندما يسأل عنه؟

فكرة التطور عَرفت عدة تأويلات على الساحة العلمية

إن التطور يؤكد على أن جميع الأجناس الحية، سواء كانت حيوانية ، نباتية ، و بما فيها الإنسان تغيرت عبر الزمن ، فكرة التطور هذه عرفت عدة تأويلاتٍ على الساحة العلمية ، فهنالك من يرى بأن هذه الفكرة لم تأتي قبل ” تشارلز داروين ” ، وهنالك من يرى بأن داروين نفسه جاء بهذه الفكرة لكي ينفي فكرة خلق الله لكل هذه الكائنات الحية ، سواء كانت بشرية أو غير بشرية ، و كلاهما هاذين الفكرتين ، خاطئتين.

التطور نجده منذ القدم، منذ عصر الإغريق

فالتطور نجده منذ القدم ، منذ عصر الإغريق ، و تحدث عنها ” أفلاطون ” و ” أرسطو ” و فلاسفة أخرين ، و نجدها أيضاً عند العلماء المسلمين مثل ” الجاحظ ” الذي تطرق إليها في كتاب ” الحيوان ” إذ يؤكد بأن الحيوانات تتأقلم مع كل الوضعيات التي تجد نفسها فيها ، كذلك نجد عند ” أخوان الصفا ” اللذين يؤكدون بأن هنالك تدرج في الخليقة و أكثر من ذلك هنالك تدرج من جنسٍ إلى أخر ، أي النبات بإمكانه أن يصبح حيوان ، كذلك أكد العلماء قبل داروين بأن الحياة الإجتماعية للإنسان تشبه الحياة الإجتماعية للقردة ، التي تحب بعضها و تدافع عن نفسها بكل شراسة ، هنا نفهم بأن هذه الفكرة العميقة حول ” التطور ” موجودة قبل داروين ، بل أكثر من هذا موجودة عند جد داروين ” أرسموس ” ERASMUS DARWIN _ وهو معروف في تاريخ العلوم _ لكنه لم يقدم أراء هامة حول هذا الموضوع .

إن أهم عالم قبل داروين هو الفرنسي جون باديست لامارك

إن أهم عالم قبل داروين هو الفرنسي ” جون باديست لامارك ” jean_Baptiste Lamarck الذي أتى بنظرية كانت سائدة في ذلك الحين ، و فحواها أن الطبيعة تفرض نفسها و تؤثر على كل جنس التغير حتى يتأقلم ، تبيّن بعد أن هذه النظرية و هذه الأراء خاطئة ، و هنا لابد أن نطرح بعض الأسئلة الهامة ، أسئلة من قبيل : ماذا قال داروين ؟ و بماذا جاء هذا العالم حتى صارت أراءه هامة جداً إلى حد هذه اللحظة؟

لقد لاحظ داروين شيئاً هاماً جداً ، و أكد بأن الحيوانات إذا تأقلمت مع بيئتها ، فإنها ستتكاثر و تعيش ، و إذا لم تتأقلم ، و كان المحيط غير مناسب بالنسبة لها فهي سوف تندثر ، فهو يؤكد بأن جميع الأجناس بإمكانها أن تلد بأعداد كثيرة ، و من المؤكد أن هنالك تغيرات بين الأجناس ، و هنا نتحدث عن فكرته الأهم و هي ” الإنتقاء الطبيعي ” إن الطبيعة هي التي ستُنقي الأفضل ، و كأن الطبيعة هنا تؤكد على أن البقاء للأنسب لا للأقوى ، فداروين في كتابه ” أصل الأنواع ” THE ORIGIN OF SPECIES يؤكد بأن الأنواع مختلفة تتغير تدريجياً ، و البيئة تفرض التغيرات لتنتقي فيما بعد الأنسب.

ماهي أفكار النظرية الداروينية بشكل مُبسط؟

  • أولاً : هنالك عدة تغيرات من خلال الطفرات في الجينات التي ثؤثر على الكائنات الحية.
  • ثانياً : هنالك إنتقاء طبيعي .
  • ثالثاً : هنالك تأقلم مع البيئة .

لماذا أغلب العلماء في هذا العالم يقبلون بهذه النظرية ومقتنعون بها قناعة تامة؟

إن الإجابة عن هذا السؤال يُلقينا بشكل مباشر داخل المجتمع الديني المحافظ ، الذي يرى بأن معظم العلماء اللذين يدافعون عن هذه النظرية ، هم علماء لا يؤمنون بخلق الإله لكل الكائنات التي نجدها في الطبيعة ، كذلك إن الإيمان بهذه النظرية يعود لوجود عدة أدلة علمية تثبت صحتها ، مثل وجود حفريات كثيرة تؤكد على أن هنالك تطور في الخليقة عبر الزمن ، مثلاً نجد Tik Taalik الذي أكتشف في شمال كندا سنة 2004 و يبين بأنه حيوان إنتقالي ، كذلك إن نظرية التطور تؤكد بأن أنواع القردة لديها أصل مشترك مع الإنسان ، يعني من نفس الصنف لكنها تفرعت حسب البيئة و صارت مختلفة ، لدرجة أننا عندما نضع جماجم مختلفة تجمع بين البشر و القردة لا يمكن لنا التفريق بينها بسهولة.

هنالك تطابق أيضاً بين جينات الرئيسيات و جينات البشر

هنالك تطابق أيضاً بين جينات الرئيسيات و جينات البشر لدرجة تصل إلى 95 % / ” الكروموزوم ” Chromosomes / البشر 23 زوج أي 46 كروموزوم / Champanzee تمتلك 24 زوج أي 48 كروموزوم ، كذلك ” علم دراسة الأعضاء ” يؤكد التشابه بين أعضاء القردة و أعضاء البشر ، فخلاصة القول ، أن النظرية الداروينية هي نظرية متماسكة بدرجة رهيبة ، رغم كونها _ في بعض الأحيان _ تشتغل ضد المنطق و قريبة للخيال ، لهذا إن التوسع في هذه النظرية لا يمكن أن يكون في كلماتٍ مختصرة ، بل لابد أن يكون في صفحاتٍ كثيرة و كتبٍ و مجلدات علمية عديدة ، لهذا كانت هذه اللمحة المختصرة عبارة على محاولة جدية.

فيديو مقال نظرية التطور: الجوانب العلمية

 

أضف تعليقك هنا