أساطير فارسية قديمة

بقلم: محمد عبد

في هذا المقال سنتعرف معا على بعض الاساطير الفارسية القديمة، التي كانت سائدة لقرون طويلة. والتي كانت تشكل الاسس البنيوية للثقافة الإيرانية في العصور السحيقة، والمهم جدا التعرف الى ثقافة إيران القديمة، وهي لا شك ثقافة عريقة ومؤثرة وأساس لثقافات الشرق القديم.
تعكس هذه الاساطير سلوك المجتمع الفارسي وتبين بعض ملامحه، مما يزيد من فهمنا للحضارة الفارسية.

الأساطير المشهورة عند الفرس

وقد اشتهروا الفرس بملحمة الشاهنامه التي نظمها شاعرهم الكبير ابو القاسم الفردوسي وقد سجلت تأريخ الأمة الفارسية واساطيرها قبل ألف عام. وأضافة الى ذلك الدين الزرادشتي الذي ظهر في بلاد فارس على يد نبيهم زرادشت والذي دونت تعاليمه في كتاب يدعى الافستا.

هناك اساطير عديدة مشهورة عند الفرس مثل اسطورة الضحاك الذي تحرسه إثنين من الافاعي ويقطع رأسه مرات عديدة فينبت له رأس جديد كل مرة، وسيمرغ أي العنقاء وهو الطائر الكبير الذي يعيش على شجرة تجمع كل بذور النباتات، ورستم القائد الاسطوري الشجاع الذي يتغنى الفرس ببطولاته، ومزدك الذي أدعى النبوة من بعد زرادشت ليستولي على حكم إيران وصار له أتباع كثيرون. وهذه اساطير مشهورة ومعروفة لدى كثير من القراء والمهتمين بالحضارة الفارسية والادب الفارسي.

أهم الأساطير التي وردت في مصادر مختلفة

أولاً

في الأساطير الفارسية القديمة كان (أنغرامانيا) الذي يعني الروح الهدامة أو (أهرمن) هو رئيس قوى الشر والذي أدخل الموت الى العالم وقاد قوى الظلام ضد (سبينتا مانيا) الروح المقدسة التي ساعدت الإله الزرادشتي (أهورامزدا) والذي ينتصر في الصراع الكوني
حسب ما يقوله الزرادشتيين فإن هناك روحان توأمان هما الخير والشر أو قوى الخير وقوى الشر ومن تمازج أو لقاء هاتين القوتين أوجدت الحياة وأوجد الموت.

ثانياً

في اللغة الفارسية القديمة كلمة (هوما) تعني أوكسيد الحياة وهي مرادفة للكلمة الهندوسية (سوما) والمقصود بأوكسيد الحياة أي شراب أو طعام الآلهة السماوية والهوما هي الوسيط بين الأرض والسماء وقد كانت تعطى كغذاء في الطقوس الدينية القديمة عند الإيرانيين بما يشبه القربان وعندما جاء نبيهم زرادشت وظهر الدين الزرادشتي حرم هذا الشراب وأعتبروه قذرا.

ثالثاً

(رشنو) في الأساطير الفارسية هو الحاكم الذي يأمر بالعدل ويحكم على البشر حسب أعمالهم بأوامر يتلقاها من الآلهة العليا وقد كانت أحكامه تطبق على جميع الناس سواسية إن كان فيهم الغني أو الفقير أو الخير أو الشرير.
كان الفرس يعتقدون أن الروح تبقى في الجسد بعد الموت ثلاث أيام ولياليها وخلال هذه الفترة يكون بأستطاعة رشنو ان يصدر حكمه عن مصير صاحب هذه الروح فالشخص الذي كانت لديه أعمال خيرة في حياته ستساعده العذراء الشقراء على عبور جسر الفراق وتذهب روحه بأمان وأما الشخص الذي كانت أعماله سيئة فإن روحه لن تستطيع عبور ذلك الجسر ولن تظهر له العذراء بل يظهر له الشيطان حيث يأخذه الى الحفرة العميقة (دروج) حيث العذاب الأبدي.

رابعاً

يطلق على عبقري السمع والطاعة في الأساطير الفارسية (ساراوشا) وهو اذن الإله الزرادشتي الذي يستمع الى شكاوي المظلومين والمظللين وقد صار الفرس يسمونه (سوروش) بعد الفتح الإسلامي لبلاد فارس.
كان الفرس يعتقدون ان الشر ينزل إلى الأرض في الليل وبعد حلول الظلام يطلع أيشما شيطان الغضب ويقف أمامه.

خامساً

الحاكم الأول والإنسان الأول في الاساطير الفارسية والذي أنسل منه العرق البشري هو (يما) والذي كان يتمتع بهبة الخلود وقد أستمر حكمه نحو سبعة قرون وسيطر على الشياطين وحكم البشر والحيوانات وقد ظل الفرس حتى الفتح العربي يمجدون يما ويشيدون بعصره الذهبي ويعتقدون انه سيظهر في آخر الزمان ويملأ الارض خيرا ويعم السلام على وجه الأرض.

سادساً

وفي الاسطورة الفارسية هناك المنقذ (ساوشيانت) الذي سيظهر في نهاية الزمان لتجديد الحياة ويصرف كل الشرور ويوحد بين الأرواح واجسادها عندما يخلق الحياة الجديدة ثم انه سيبعث بالموتى جميعهم الاخيار والأشرار
وسيسكب بعد ذلك المعدن الذائب الذي يحرق الارض ومن فيها فالبشر الصالحون سيمر عليهم المعدن كالحليب الدافئ واما البشر الطالحون الأشرار فإنه سيحرقهم.

سابعاً

(بيري) هي أجمل إمرأة شريرة في الأساطير الفارسية، ولكنها تدريجيًا أصبحت أقل شرًا وبالمقابل أكثر جمالاً، حتى الحقبة الإسلامية ظلت بيري رمزًا للجمال مثل الحور العين في الجنة.
وإلى جانب ذلك، توجد هناك إمرأة أخرى شريرة، تدعى (باتياريح) التي ترمز إلى البغاء والعاهرات.

ثامناً

تعود أسطورة (كمانغير) أو آراش الرامي إلى العصر الذي كانت فيه الحرب قائمة بين الإيرانيين والتورانيين سكنة آسيا الوسطى
وقد حاصر هؤلاء التورانيون الجيش الإيراني فاقترح ملك إيران آنذاك طريقة جيدة لتنهي الحرب.
قرر الطرفان رسم حدود بينهما، يحدد نقطتها الجغرافية سهم يرميه أحد الجنود الإيرانيين ويقوم ملك توران بأختيار هذا الجندي.
فوقع الأختيار على جندي عادي تحقيرا لخصومه، وكان هذا الجندي هو (آرش)، الذي غيّر التوقعات، فرمى سهمه ليصل لمنطقة بعيدة للغاية مما وسّع حدود إيران، وتقول الأسطورة ايضا إن آرش مات من بعدها لأنه بذل قصارى جهده، وفقدَ طاقته وقواه، وأصبح اسمه رمزا للتضحية في سبيل الوطن.

تاسعاً

تشكل اسطورة کاوه الحداد والملك ضَحّاك التي ذكرها الفردوسي في ملحمته الشاهنامة رمزا للثورة ضد الظلم والجور.
وهي ترتبط بعصر مظلم في تأريخ إيران، حيث كان الضحّاك ملكا، كان يقتل كل يوم شابين اثنين ليطعم ثعبانينه.
واما كاوه الحداد فهو شابٌ استطاع الهرب من جنود الملك الظالم، وعاش بعيدا في الجبال، لكنه عاد وشارك في ثورة عظيمة ضد ضحاك، فقتله بصولجان حديدي صنعه بنفسه، وكان قد حقق مناماً لطالما أرّق الملك الذي رأى أن شخصا يحمل اسم فريدون سيقتله، فبحث الضحّاك عن فريدون في أصقاع الأرض وقتل شبانا كثر، وانضم فريدون لكاوه وعتقلوا الملك، فقتله الحداد بعدها.

عاشراً

(گوچهر) في اللغة الفارسية يعني صورة الجوز أو ما يعني نقطة على سطح القمر ففي العقيدة الزرادشتية جوزهر هو نجم سقط على كوكب الأرض وأحترق، ففاض طوفان من الحمم المصهورة غمر كل البقاع الارض. وبعد انحسار طوفان الحمم، بعث الناس من الأجداث، فكان الأخيار ناعمين كالحليب الدافئ فيذهبون إلى النعيم وتُغسل عنهم خطاياهم.

بقلم: محمد عبد

أضف تعليقك هنا