التأجير التمويلي في فلسطين

يعد التأجير التمويلي(Financial leasing) أحد أهم وسائل التمويل حديثا، وهو من الوجهة الأقتصادية نشاط تمويلي يقوم على تمويل المشاريع، أسوة بغيره من وسائل وطرق التمويل، ولكن بصورة فعالة أكثر وبطريقة أكثر حرصا على مصالح أطرافه، وقد تجنب الكثير من عيوب طرق التمويل التقليدية الأخرى بالإضافة الى أنه جعل فكرة التمويل مشجعة أكثر.

نشاط التأجير التمويلي

وعلى صعيد فلسطين نشأ نشاط التأجير التمويلي حديثا ولا تزال التجربة الفلسطينية حديثة النشأة،  وبقي نشاط التأجير التمويلي بلا تنظيم قانوني حتى عام 2014 عند صدور القرار بقانون رقم (6) حتى يكون أول تنظيم قانوني ينظم التأجير التمويلي من حيث التعريف والأطراف والآثار والتنفيذ والتسجيل[1]، والذي لحقت به التعميمات  والتعليمات الصادرة عن هيئة سوق رأس المال لتنظيم آلية العمل بقطاع التأجير التمويلي.

التنظيم القانوني للعقود

تكمن أهمية البحث والكتابة في هذا الموضوع نظرا لحداثة التجربة الفلسطينية بهذا النوع من التنظيم القانوني للعقود، لا سيما وأن هذا العقد أصبح أحد أهم الوسائل المنافسة والتي تفوق مصادر التمويل المصرفية الأخرى كوسيلة تمويل للاستثمارات والمشاريع الانتاجية، كما تظهر أهمية خاصة نابعة من أهمية تنظيم العلاقة بين أطراف نشاط التأجير التمويلي، وللوقوف على حقوق والتزامات أطرافه.

ما هو الإيجار التمويلي؟

وقد عرف الإيجار التمويلي بحسب القرار بقانون رقم(6) لعام 2014 في المادة الاولى منه:” هو النشاط الذي يمارسه المؤجر والذي يمنحه حق حيازة واستخدام العين المؤجرة إلى المستأجر لمدة محددة مقابل دفعات التأجير”، كما وأنه  في ذات المادة عرف عقد الايجار التمويلي بأنه عقد خطي يبرم بين اطرافه[2]، في حين جاء تعريف الايجار التمويلي بحسب قانون اليونيدروا النموذجي للتأجير التمويلي(UNIDROIT MODEL LAW ON LEASING)  وفي المادة الثانية منه بأنه إيجار مع أو بغير خيار لشراء كل أو جزء من الأصول، والتي يحدد بها المستأجر للأصل ويختار المورد، في حين يقوم المؤجر بشراء الأصول من المورد المختار، ويقوم المستأجر لاحقا باستأجرها مقابل دفعات[3].

اتفاقية اليونيدروا المتعلقة بالتأجير التمويلي

لكن اتفاقية اليونيدروا المتعلقة بالتأجير التمويلي الدولي(أوتاو1988م)[4]، خالفت القانونين السابقين في طريقة عرضها لمفهوم التأجير التمويلي، حيث أنها لم تخصص تعريف للايجار التمويلي بل أنها عرفت بشكل تفصيلي أطراف عقد الايجار التمويلي بأنه يكون محل لذلك في حال كان هناك مؤجر يدخل في اتفاقية التأجير مع المستأجر يتيح له استخدام المعدات والأصول التي يتملكها المؤجر بموجب عقد التوريد الذي يبرمه مع المورد، لكن اشترطت المادة أن المواصفات يضعها المستأجر وهو أيضا من يختار المورد، كما نصت المادة على أن يقوم المستأجر بتقديم دفعات لقاء استأجره الأصول والمعدات ويؤخد بعين الأعتبار حالة وطريقة استهلاك المعدات بشكل جزئي أو كلي[5].

المادة الأولى من اتفاقية اليونيدروا

في حين شملت المادة الأولى من اتفاقية اليونيدروا بيان نشاط التأجير التمويلي، حيث بينت بأنه يحوي أكثر من عقد وهما عقد تأجير(the leasing agreement) ذو طبيعة خاصة، وعقد توريد(the supply agreement)، في حين بينت بأن الأطراف هم المؤجر(the lessor) والمورد(the supplier) والمستأجر(the lessee)،  كما ووضحت بأن المستأجر من يحق له فقط تحديد مواصفات الأصول والمعدات(the equipment) وهي محل عقد الايجار التمويلي كما له الحق في اختيار المورد، كما وبينت واجب المؤجر في تأدية الدفعات لقاء التأجير الحاصل.

الناحية الفقهية الاقتصادية

بينما من الناحية الفقهية الاقتصادية عرف عقد الايجار، بأنه يعتبر من عمليات التمويل، حيث تقوم المؤسسة المالية(المؤجر) بتمويل المشاريع التجارية أو الصناعية أو المهنية أو الزراعية أو الفنية وسواها، بشكل أدوات انتاج التي تحتاجها[6].

نظم القرار بقانون الفلسطيني الخاص بالتأجير التمويلي حقوق أطراف عقد الإيجار التمويلي، ويهدف هذا التنظيم في الغالب لتخفيف حجم الخلافات التي تقع بين أطرافه وإيجاد الحلول المسبقة لها، كما أنها تشكل ضمانات لطرف على الآخر ولخصوصية هذا العقد واختلافه عن غيره من العقود، كانت التزامات أطرافه تختلف عن الإلتزمات العقود الأخرى واحيانا تتفق وأياها، أما دوليا فقط نظم قانون اليونيدراو النموذجي للتأجير التمويلي حقوق والتزامات اطراف عقد الايجار التمويلي بطريقة غير مباشرة  لكن بالمقابل نظمت اتفاقية اليونيدروا بشأن  الايجار التمويلي بطريقة مفصلة خصت فيها حقوق والتزامات أطراف العقد بمواد محدده وواضحة.

عقود التأجير التمويلي

وتعتبر عقود التأجير التمويلي بنوعيها عقود معاوضة حيث على كل طرف التزامات وله حقوق، كما أن لعقد التأجير التمويلي عدة صور، منها ما نص عليها القرار بقانون الفلسطيني، وهي الشراء وإعادة التأجير والتأجير من الباطن وصور أخرى لم ينص عليها المشرع الفلسطيني وهي كالتأجير الرأسمالي والتأجير البدلي، كما وأن هذا العقد تجاوز قاعدة نسبية آثار العقود والتي مفادها بأن أثر العقد يقتصر على طرفيه، بمعنى أن الألتزامات الناشئة لا تنصرف إلا إلى المتعاقدين وأن الحقوق المتولدة عنه، لا تنصرف كذلك إلا إلى المتعاقدين[7]، بينما  بتجاوز هذا العقد لهذا المبدأ بحيث امتد أثره الى دائنو المستأجر وخلفاؤه والمتضريين ومشتري العين المؤجرة وكل من له حقوق في الأموال المؤجرة (الأصول)[8]، وغدوا أطراف لهذا العقد بطريقة غير مباشرة.

إعداد مشروع قانون  للتأجير التمويلي

[1] سابقا  لهذا قامت هيئة سوق رأس المال بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية  باعداد مشروع قانون  للتأجير التمويلي والمطالبة بوضع التشريعات اللازمة لممارسة هذا النشاط.

[2] قرار بقانون رقم (6) بشأن التأجير التمويلي،الوقائع الفلسطينية،ع107،ص5،28/5/2014.

[3] قانون اليونيدروا النموذجي الخاص بالتأجير التمويلي،،2008: http://www.unidroit.org/instruments/leasing/model-law,5/7/2017,12:30pm.

[4] تم اعدادها من خلال لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي(الاونسيترال ومؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص والمعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص اليونيدروا).

[5] :1988,المادة الأولى ,اتفاقية اليونيدروا المتعلقة بالتاجير التمويلي الدولي(أوتاوا)

http://www.unidroit.org/leasing-ol/leasing-english ,article(1),5/7/2017,3:01pm.

[6] الياس ناصيف، عقد الليزنغ أو عقد الإيجار التمويلي في القانون المقارن،منشورات الحلبي الحقوقية،2008،ص54.

[7] مزوغ يقوته،نطاق مبدأ نسبية أثر العقد بين الفقه الإسلامي والقانون المدني الجزائري، جامعة وهران  أحمد بن بلة”بحث منشور”الجزائر،2015،ص37: http://theses.univ-oran1.dz/document/THA3914.pdf  ,8/5/2017,5:15pm.

[8]  نصت المادة (10)من القرار بقانون رقم(6) لسنة 2014 بشأن التأجير التمويلي بأنه:”تعتبرالحقوق والتعويضات الخاصة بأطراف

عقد التأجير التمويلي نافذة في مواجهة كل من:

  1. مشتري العين المؤجرة.
  2. دائني أطراف عقد التأجير التمويلي بما في ذلك المصفي في إجراءات التصفية.
  3. أي شخص له حقوق في الأموال غير المنقولة، التي ترتبط بها العين المؤجرة موضوع التأجير التمويلي.

فيديو مقال التأجير التمويلي في فلسطين

 

أضف تعليقك هنا