السر أمانة

إن الثقة أصبحت من الأمور التي يصعب علينا إعطاؤها ومنحها بكل سهولة أو سرعة، فنحن نحتاج إلى تجربة من حولنا إن كانوا يستحقون ثقتنا أم لا؟! وذلك راجعٌ إلى الذي تعرضنا له من خلال ثقتنا في البشر الذين بكل برودة وخداع خانوا ثقتنا واستغلوها لأغراضهم الشخصية التي تخدمهم هم وفقط، كل هذا جعل الثقة صعبة المنال والحصول في عصرنا هذا وزمننا هذا الذي أصبح كالغابة إن لم يكن بوحشية الغابة فهو به وحشية  وخاصة المصلحة الخاصة التي طغت على كل شيء وهلكت أصحابها والغير.

الثقة تعتبر أمانة

فالثقة تعتبر أمانة؛ لأننا من خلالها نعطي أمور خاصة جداً تعنينا نحن أكثر من أنها تعني أي شخص آخر، وهذا ما يعرف بالسرِّ الذي خزانته وصندوقه بداخلنا بسرنا لا بجهرنا إلا أننا دوماً ما نشعر بحاجة مشاركة من حولنا أسرارنا وهمومنا وألامنا وأفراحها وكل شيء يحتاج بالفعل الى المشاركة، وهذا أمر عادي وطبيعي إلا أن هناك أسرار لا مشاركة فيها وإن كانت تسمح بالمشاركة فلن تكون مع أي أحد إلا الذي نحن بالفعل نثق فيه وندرك عز الإدراك أنه أمين على السر الذي سيكون بيننا، صادمنا في هذه النقطة هو أننا لم نحسن الاختيار في من يحمل ثقل السر معنا.

اختر لسرِّك صندوقه الصحيح من القلوب

إن السرَّ أمانة وإن لم تجد الأمين الذي سيكون أمينا كل الأمانة على السر فدع السر بداخلك وبصندوقك الخاص السري الذي لا يفتحه الا أنت ما دمت غير مرتاح ومطمئن بأن الذين من حولك لن يكون أمناء على ذلك السر مثلك كأقل شيء فلا داعي لإخراجه من صندوقه، والأفضل الحفاظ عليه بينك وبين نفسك وهذا في حالة ما إذا كان السر لا يستلزم الكشف عنه لأنه يخصك أنت وفقط ولا يعني الغير لا من قريب ولا من بعيد.

متى يجب إعلام الناس المعنيين بالسرّ؟

إن هناك أسرار لا تكون خاصة مئة بالمئة لاشتراك الأطراف فيها، ومن يحق لهم معرفة ذلك السر فهنا لا بد من الكشف عنه لأنه سينقلب إلى الضد خاصة ما اذا كانت حياة وأمور بعد الناس متوقفة على ذلك السر ففي هذه الحالة لا بد من كشف الستار عنه واخراجه من دائر الكتمان والستر إلى الجهر والعلانية ليس بالضرورة العلنية التي تجعل الجميع يعلم بالسر وإنما في إطار المعنيين فقط بمعرفته.

متى يجب الكشف عن السر؟

إن السرَّ قد يخدمك وقد لا يخدمك؛ لا يخدمك في حالة ما إذا كان في الأمور التي وجب الستر فيها كما أمرنا الله سبحانه وتعالى وحثنا عليها رسولنا الكريم محمد “ص” هنا السر بمثابة الثوب الساتر المانع للفضيحة وللمشاكل وللمصائب ولحلول الأذى والضرر، فهذا السرّ وجب حرقه لا الاحتفاظ به لأن لا فائدة منه، والسر الذي يخدمنا هو المنتمي الى السر الجالب للخير والنفع، وهناك أمور عالقة بسببه ولا يتم فكها وحلها إلا من خلال السر الذي ينهي عن منكر ويخلص أشخاص ويجنبنا مصائب ومشاكل، فهذا السر فيه خدمة قيِّمة ومهمة وجب كشفه بحالته وثوبه وبكل ما يخصه أو الاكتفاء بكشفه بالشكل الذي يخدم الوضع لا أكثر ولا أقل.

ما هي ضوابط البوح بالسر و كشف الغطاء عنه؟

للسر وقته ومكانه وزمانه الذي لا يجوز بالخروج عنه فلا بد منا اختيار الوقت والمكان والزمان المناسب واللائق الذي من خلاله يخرج السر للنور فيؤدي الغرض المطلوب والخدمة اللازمة، غير ذلك يتم تأجيل السر لوقت آخر فليست كل الأوقات مناسبة لكشف الستار عن السر ولا كل الأماكن يجوز فيها قول كل شيء، فلا بدَّ من التريث والتحلي بالذكاء والهدوء والحكمة التي ستخدم تفكيرك وقرارك كثيراً في تحديد زمان ومكان خروج السر من العالم الخاص السري الى العالم العام.

السرُّ قنبلة موقوتة فكن حذراً كي لا تخلف ضحايا لها

مسألة السر تعود لحسب نوع السر ومدى تأثيره وفعاليته الإيجابية على صاحبه ومن حوله، فليس بالإمكان تفجير السر كالقنبلة التي تخلف ضحايا وخسائر كارثية تؤذي وتدمر وتخرب فقط.
السر أمانة والأمانة تبدأ من صاحب السر فهو الأمين الأول الذي بحكمة وبرجاحة ورزانة العقل يتم اختيار الأمين المتساوي لأمانته أو المخلف له عند الغياب أو الأمين الثاني الذي يليه ليكون السر بين أيدٍ آمنة ويحافظ على جوهره وأساسه.

فيديو مقال السرُّ أمانة 

 

أضف تعليقك هنا