بقلم: الزّبَرجد بنت علي الشيبانية
جَرَتْ بِيْ الْعَاْدَة، أَنْ أَمْتَطِيْ ذَاْتَ الشُّعُوْرْ الْمُثْقَلْ بِالْأَسَىْ، أَنْ أَقِفْ عَلَىْ ذَاْت الْمِنْبَرْ، وَبَيْنَ حُشُوْدْ الْنّاْسْ، لِأُرْثِيْ الْأَحَبّ، فَتَرثّ الْمَشَاعِرْ، وتَبْهَتْ الْكَلِمِاتْ دُوْنما تَلْفِيِقْ، وَتَدْمَعُ الْآمَاْقْ، فَأَيّ مَنَاقِبٍ وخِصَالٍ نَنْعَتُ بِهَا أبًا “لَوْ كَانَ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ أَبًا مِثْلُهُ أَغْنَاهُمْ بالْمَنَاقِبِ”؟ وَهَاْ أَنَا أَعُوُدْ لِأُحَرّرْ جَيْشَا مِنْ مَشَاعِرٍ أُسِرَتْ مُنْذُ الرَّاْبِعَةْ فَجْرًا، مُنْذ لَحْظَةْ النَّعْيُ الْهَاْلِكْ للأُمَمْ الْمَاجِدَة.
السلطان قابوس فقيد أمم العالم عامة
أَكْتُبُ نَفْيًا لِمَشَاعِرٍ مَأْسُوْرةٍ فِيْ ذَات الفُؤَاْدْ، فَلَيْتَ مَشَاعِرَ الفُقْد تُنْفَىْ مِنْ أَرَاضٍ هِيَ لَيْسِت أِهْلًا لَهِا، أَكْتُبُ حُزْنًا عَلَىْ أَبٍ وقَائِدٍ عَظِيِمْ، أَكْتُبُ لِصَانِعَ عُمَانْ، وَبَاْنِيْ نَهْضِتَهَا، أَكْتُبُ عَنْ الْوَلَاْءَ الْمُمَجّدْ والعَطَاءْ المُجَدّد والسَّلَامْ الْمُخَلّد، عَنْ فَقِيِدْ أُمَمْ الْعَالَمْ عَاْمّةً، وَالْأُمّةَ الْعُمَاْنِيّةْ الْمَاْجِدَةْ خَاْصَّةً.
فسُبْحَانَ مَنْ خَلّدَكُم بِأَفْئِدَةَ الشُّعوبِ مَوْلَانَا، وَالْحَمْدُللهِ حَمْدًا جَزِيْلًا وافِرًا بِقُلُوْبٍ رَاضِيِةْ وَمُؤمِنَةْ، مُيْقِنَةْ تَمَامَ اليَقيْنِ أَنَّ حُكْمَهُ خَيْرًا لَكَ ولَنا ولُعُمَانْ، لا اعْتِرَاضَ عَلَى قَضَاءْ رَبَّنَا وَقَدْ أَنْصَفَ ذَوَاتَنَا وَأَنْهَلَ عُمَانَنَا خَيْرًا مِدْرَارًا، أمّا بَعد..
رحيل السلطان قابوس أبكى المنابر
تَبْكِيْ المَحَابِرُ رثَاْءً، وَتُنَكّسْ الْأَعْلَامْ حِدَادًا، وَيَبْكِيْ شَعْبَ قَابُوُسَ فُقْدَانًا، تُبْتَرْ الثّرْثَرَاتْ، تَلُوُحُ السُّحُبْ، يَلقّ البَرْقْ، يَتَصَاخَبُ الرَّعْدْ، تَلْهَثُ الرِّيَاح، تَبْكِيْ السَّمَاءْ الْوَدْق، وَيَدُقّ شَعْبُكُمْ نَوَاقِيسَ الْأَسَىْ، فَبِرَبَّكُم ياسَيِّدِيْ، هَلْ تُدْرِكُ الأَرْضَ مَا يُذَاْعَ لِتُنْهَلْ الْقُبُوْر؟ تَزُوْلُ لَحَظَاتُ الْحِدَادَ فِيْ الْأَرَاضِيْ وَتَسْكُنْ قُلُوْبَنَا شُهُوْرًا، وَأَعْوَامًا وما بَعْد. نُعَاهِدُكُم يَاسَيّدِيْ، سَنَبْقَىْ كَمَا عَهِدْتُمُوْنَا وَأَرَدْتُمُونَا وجَعَلْتُمُونا، أَسْيَادَ الْحَقِّ وَالسّلَامْ، سَنُقِيِمْ أَرْضَ هَذَا الْوَطَن بِمَا حَبَّذْتُمُوه وَأَرْضَى الله سُبْحَانَهْ، وَنُجَنِّبْهُ الْفِتَن.
سَنَبْقَىْ حُصْنَ هَذَا الوَطَنْ وَدِرْعَهُ الْحَاْمِيْ، وَسَنَرْسُمْ الْحُدُوُدَ أَمْنًا وَسَلَامًا، لَنْ نَبْهَتْ وَلَنْ نَجْرُؤْ عَلَىْ ذَلِكْ، سَنُجَارِي مَسِيرَة الشّمُوُخ والسُّمُوّ، لَنْ نُوَاْكِبْ أَيّ فَلْسَفَةٍ سَاْذِجَةْ، فَهَذِهِ عُمَانُنَا، قَابُوسُ صَانِعُها وَهَيْثَمْ حَامِلَ لِواءَها وَرَايَتهَا، وشَعْبَها أَقْسَمُوا لَهَاْ عَهْدًا بالْوَلَاْءْ، عَلَىْ نَهْجِكُمْ السَّامِيْ الْقَوِيِمْ سَتَسِيْرْ، وَنَسِيْرْ.
عظم الله جميع الشعوب بفقيد الأمم الماجدة
نَشْهَدُ أَنَّكُمْ حَكِمْتُمْ فَعَدَلْتُمْ وَأَمِنْتُمْ فَأَجْزَيْتُمْ هَذَا الشَّعْبَ خَيْرَ الْجَزَاءْ، و أَنّنَا شَاهِدِيِنَ أَمَاْمَ الْمَوْلَى سُبْحَاْنَه أَنَّكُمْ قَدْ صُنْتُمْ هَذَا الْوَطَنْ وَحَفِفْتُمُوهُ بِالأَمَانْ، وَأَنّكُمْ وشَعْبِكُمْ الوَفِيِّ نَجَحْتُمْ فِيْ الْحِفَاظِ عَلَى حِيَادِ هَذَا الوَطَن وَجَنّبْتُمُوهُ الْفِتَنْ.
فَالْأَمْرُ يَاسَيّدِيْ-رَحِمَكُمْ الله- أَنّكُم صَنَعْتُم مِنْ شَعْبِ عُمَانَ شَعْبًا صَابِرًا، مُثَابِرًا، مُجَاهِدًا وَقَوِيًا، والْأَمْرُ إنّا للهِ وإنّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ نَائِبُوْن.
ثُمَّ لانَقُوُلُ إلّا رَحِمَكُمْ الله وطَيَّبَ ثَرَاكُمْ كَمَا طَيَّبْتُمْ ثَرَىْ هَذَا الْوَطَنْ، بُوِّئْتُمْ مِنَ الْجَنّةِ الفِرْدَوْس غَضَاْرَةً ونَضَارَةً وَنَعِيْمٍ وَرَخَاءْ، وحَفِظَ سُلْطَانَنا مَوْلَانَا وَحَاكِمَنَا وَقَاْئِدَنَا السُّلْطَانَ هَيْثَمْ بِنْ طَاْرِقْ، وَأَدَامَ عُمَانُنَا وَشَعْبَهَا آمِنُوْنَ مُطْمَئِنّونَ فِيْ كَرَمِ وَدَائِعِهِ وَدَعَوَاتِ نَبِيِّهْ، تَدُوُمْ.
عَظَّمَ الله جَمِيعَ الشُّعُوُبْ بِفَقِيِدْ الْأُمَمْ الْمَاجِدَةْ.