المليشيات الإيرانية..غايات وأهداف

بقلم: محمود أبو عبد العزيز القيسي

ليس غريباً أن تبلغ الجُرأةُ بمليشيا الحشد الشيعي أن تُهدد رئيس الجمهورية بدعوى أنه قد خرق الدستور,  وسيادة البلد , غير عابئة بشعب أو حكومة , كما إن الحكومة بجميع مؤسساتها لم تتجرأ أن ترد على فصائل الحشد لأنها خشيت أيضا أن تلحقها نفس التُهمة , وهذا ليس من باب الخشية من التهمة نفسها وإنما لأن فصائل الحشد لها القُدرة التامة لإسقاط الحكومة بأي وقتٍ كان , وبأي طريقةٍ كانت بذرائع كثيرة ؛ مبررةً كانت أو غير مبررة.

إيران هي الراعي الرسمي للحكومة ولمليشيا الحشد

ذلك إن إيران هي الراعي الرسمي للحكومة ولمليشيا الحشد , فالحكومة تمثل في نظر إيران حكومة في الظاهر .. ليس إلا .. وهي مسؤولة على قراراتها أمام العالم فقط ,دون أن تُقحم إيران في تلك المسؤولية مع الأخذ في نظر الإعتبار أن هذه الحكومة لايمكنها أن تتخذ قراراً يناقض الخطوط العامة التي رسمتها لها الحكومة الإيرانية , وبهذا الإعبتار فإن العراق يعتبر وبلا شك محافظة إيرانية وان لم تصرح إيران بذلك لما يلحقها من تبعات دولية وحقوق سياسية وقانونية, أما مليشيا الحشد فإنها تنفذ أوامر ولي الفقيه دون النظر إلى التبعات الدوليه أو الحقوق السياسية التي تترتب على حكومة الظاهر العراقية.

ماذا جرى بين الأمس واليوم؟

وإذا كانت مليشيا الحشد أنكرت وهددت الرئيس صالح لمجرد تلبيتهِ دعوة ترامب لحضور مؤتمر دافوس  ومصافحته إياه فهي التي دعت بالأمس لخروج القوات الأجنبية من العراق ماخلا إيران .. إذ أنها صاحبة الدار .. ولقد كان  كبار رجالات الشيعة إذ بان الإحتلال يتسابقون لتلبية دعوة  موظف في حكومة الاحتلال  – بول بريمر – بل كانوا يتسابقون لاقامة له الولائم سرا وجهرا وتقبيله من فمة وليس مجرد مصافحة يده , فما الذي جرى بين الأمس واليوم حتى تنقبلب تلك الموازين عند هؤلاء الذين ليس لهم مبدأ أودين.

الإجابة هي أنّ إيران أحكمت سيطرتها على العراق

والإجابة على هذه السؤال سهلةٌ جداً ؛ وهو أن إيران قد حلبت البقرة أمريكا , وأخذت منها كفايتها من القوة , وأحكمت سيطرتها على العراق بصورة تامة من خلال الدولة الظاهرية والتي تمثل الحكومة , ومن خلال الدولة العميقة والتي يمثلها الحشد الشيعي , ولم يعد بإمكان الشعب من إزاحة تلك الحكومة المدعومة بفصائل الحشد إلا إذا ذهب الشعب إلى خيار الحرب الأهلية, وكذلك لم تعد أمريكا لها القدرة .. أو هكذا يُظن ..على ردع تلك المليشيات إذ أنها سوف تسبب خسائر كبيرة لأمريكا وجيشها إذا ماشاءت أن تُعيد الأمور إلى نصابها إذ لاقدرة لامريكا على تحمل ذلك ,  أو بعبارة أصح ليس لديها الرغبة في ذلك.

وجود الحشد الشعبي مهم بالنسبة لإيران لسببين:

إن وجود هذه الفصائل ضروري للأمن القومي الإيراني,  وهو في ذات الوقت يخدم  الأمن القومي لإسرائيل وذلك من خلال أمرين أثين:

الأول: إجتثاب الأغلبية السنية والتي تشكل كابوساً وصداعاً مزمنا لإسرائيل

الأول : إجتثاب الأغلبية السنية والتي تشكل كابوساً وصداعاً مزمنا لأسرائيل ..  ذلك أن الديموغرافية السنية المحيطة بإسرائيل في تصاعد مستمر وخاصة في العراق ,  وسوريا , ولبنان , والأردن ,  ومصر , إذ لو إستمرت تلك الديموغرافية السنية في التصاعد فإن إسرائيل خلال عشرات السنين ستغرق في تلك الديموغرافية , وربما إلى الأبد , وهذا ماصرح به كثيرٌ من الباحثين الأسرائيليون , لذلك ومن أجل تحقيق أمن إسرائيل نرى العالم كله يتسابق لمحاربة أهل السنة , ونرى سعيهم المتواصل لأبلستهم من خلال نشر الأفكار المتطرفة ودعمها , حتى تتوفر لهم الذريعة لإجتثاثهم  , ومن هؤلاء الذين يسعون لأبلسة أهل السنة :

  • البروتستانتية , والتي تمثلها الولايات المتحده الأمريكية , والمانيا , وكذلك فرعها الكاثوليكي والذي يمثله فرنسا وايطاليا وعامة أوربا , وفرعة الارثودكسي والذي تمثله روسيا , وهذا يعني أن الحضارة الغربية المسيحية برمتها في حالة صدام تام مع الشعوب السنية .
  • اليهود وممثلتهم اسرائيل مع الصهيونية العالمية .
  • شيعة العالم وخاصة ممثلتهم إيران بما تمثلهُ من أهداف وطموحات لتزعم وتشيع العالم الإسلامي .
  • الوثنية الهندية
  • العالم الصيني .

الثاني: أنَّ إسرائيل ستبقى مهددة بالزوال مادامت مجاورةً للمحيط السني

الثاني : إن إسرائيل ستبقى دائما مهددة بالزوال مادامت مجاورةً لهذا المحيط السني العريض  ,وإنه لاشك أن السلام الذي بينها وبين تلك الديموغرافية السنية العريضة شكلي وهش , , وأن كل مسلم سني غير مستعد للاعتراف بإسرائيل وأنه سيورث ذلك لأبناءه وللاجيال التي تليه , في حين أن الشيعة لايكنّون حقداً أو عداوةً إتجاه الشعب اليهودي بل إننا وجدنا ومن خلال إستقرائنا لتاريخ الدول الشيعية , أن بين الطائفة الشيعية , والشعب اليهودي كثيرٌ من الروابط والمشتركات , ليس هنا موضع بسطها ., ثم أن القدس والذي هو محور الخلاف والنزاع بين الشعب اليهودي والأمة السنية لايشكل شيئاً في الموروث الديني والروائي الشيعي , إذ إنه لاحقيقة أن بيت المقدس في فلسطين  عند الشيعة , وإنما هو بيت في السماء الرابعة كما صرحت بذلك مروياتهم , ومادفاعهم الظاهري المزعوم عن بيت المقدس , وعن فلسطين إلا رافعة تاريخية للدين الشيعي.

كذلك تعد إسرائيل أقلية في وسط هذه الديموغرافية السنية

ثم إن إسرائيل تعتبر أقلية  في وسط هذه الديموغرافية السنية وبذلك تكون جسم غريب لم  ولن يحقق التآلف بالرغم من مرور عشرات السنين , لذلك فإنها بحاجة إلى أقليات تماثلها في الهدف والغاية تعقد معها تحالفاً , وتكون بذلك جسما طبيعياً لاجسماً غريباً مهدداً بالزوال , و ليس أفضل من الأقلية الشيعة لتحقيق هذه الغاية , لذلك فإننا نجد أن الغرب الصليبي قد بارك هذا الحلف الذي خططت له إسرائيل , وهو يشكل في ذات الوقت أمر أساسي في الأستراتيجية الإيرانية والتي حققت الكثير من أهداف هذا الحلف عن طريق تلك المليشيات أو تلك الفصائل المسلحة .

بقلم: محمود أبو عبد العزيز القيسي

 

أضف تعليقك هنا