ليس للوطن أصدقاء للوطن مصالح

هذه العبارة الخالدة في الذاكرة والعلوم السياسيه أطلقها كيسنجر ثعلب السياسة الأميركية كما يسمى ليست مجرد كلمات أو خطاب عابر كما هو الحال لدينا في الوطن العربي.

ليس هناك عدو دائم وليس هناك صديق دائم

إنها مدرسه ووفكر وعقيده ترسم خارطه طريق للسياسات الاستراتيجيه للدول بعد الحرب العالميه الثانيه ليس هناك عدو دائم وليس هناك صديق دائم ايضا هناك مصلحه هي من تحدد القرب والبعد من هذا الطرف او ذاك هذه العلاقه تنصهر في مفهومها كل العقائد والافكار والروابط بين البشر ويجتمع الشعب حول مصلحه الوطن التي تتغير باختلاف المواقف والرؤى طبقا للاحداث هذه الفكره اعتمدتها المؤسسات الاميركيه كمنهجا في التعامل بسياساتها الخارجيه.

فترى تغير المواقف الاميركيه لقضايا المنطقه والشرق الاوسط والعالم باجمعه بحسب مقتضيات المصالح الاميركيه العامه فمره تدعم اميركا حركه طالبان التي انشاتها بالتعاون مع انضمه عربيه لقتال الروس في افغانستان ومره تحاربها كمنضمه ارهابيه بعد ان استنفذت مهمتها وكذا الحال مع كل الأنضمه العربيه المدعومه اميركيا فهي تتخلى عنهم بسرعه لانها لا تؤمن بتحالف عقائدي او عاطفي انما تبعا لمصالحها.

ماذا يجسد الربيع العربي؟

وفي تجارب الربيع العربي الكثير من الامثله والادله نعم قد يلاحض المراقب ان اميركا تعد اسرائيل وامنها قضيه ثابته غير قابله للبراغماتيه السياسيه ولكن هذا لان اسرائيل هي مسأله استراتيجيه لها الاولويه في المصالح الاميركيه في المنطقه فهي ضمن دائره المصالح نفسها رغم انها تحمل ابعاد ايديولوجيه دينيه لكنها ليست المبدا الثابت الذي يقود سياساتها فهي لا تمانع من التعامل السياسي مع الضد النوعي لمثل هذا الكيان اقصد “اسرائيل” لو امعنا النظر في السياسات الخارجيه للدول الكبرى نجدها تتخذ نفس الاستراتيجيه في علاقاتها.

ولكن بالمقارنه مع الكثير من الانضمه العربيه سواء السابقه او الحاليه يلاحض ان هذه السياسه والثقافه غائبه فالعقل العربي لازال يعيش في اوهام عفا عليها الزمن فنجد البعض من الانضمه ممن رهن قراره ومواقفه بالموقف الاميركي تبعا لرأي “الحليف الدائم والابدي ” مع علمهم بأن اميركا تخلت عن حلفائها السابقين لان ضروف المصلحه الاميركيه قد تغيرت وأنها غير مستعده للدفاع عن انضمه هاويه ولأنهم لا يؤمنون اصلا بحليف دائم الا بدوام المصلحه.

أسباب هذا التعامل العربي

  • هذا التعامل العربي لا ينطلق من غباء او عدم درايه فقط.
  • بل لان شكل الانضمه فاسده فترى الرئيس او الملك او الأمير يضع مصلحته وبقاءه بالسلطه في مقدمه الاولويات هذا الوصف قد يكون مناسب لانضمه سابقه.
  • وبعضها لازال لكنها تعيش ضروف استقرار سياسي بخلاف الواقع العراقي الذي يعيش حاله من الفوضويه بعد سقوط الدكتاتوريه في نيسان ٢٠٠٣ فوضى انتجت نضاما هجينا للسلطه يفتقد الرؤيه الواضحه “لهويه الدوله” التي رسمها الدستور.

هذه الهويه الضبابيه نضريا زادتها “احزاب تقاسم السلطه والنفوذ” ضبابيه وفوضويه حيث فشلت على مدى اكثر من ١٦ سنه في تكوين هويه واضحه جامعه تعبر عن المصالح العراقيه نتيجه لاختلاف الافكار التي تحملها الاحزاب وبالاخص الاسلاميه منها التي كان البعض منها مؤمنا بنظريه “ولايه الفقيه الدينيه ” التي اسسها روح الله الخميني في ايران وبعضها لم يتعدى عمله السياسي كمعارض فقط دون رؤيه مستقبليه تسارع الاحداث بعد سقوط النضام السابق انتج مرحله جديده.

المرجعية الدينية العليا “للشيعة”

فقد دخلت المرجعيه الدينيه العليا “للشيعه ” في النجف على الخط بعد ان كان دورها مغيب ومحسور في الماضي ضروف الاحتلال والفوضى والطائفيه افرزت دستورا انتج نضاما هجينا كما اسلفنا وزادت الاختلافات الطائفيه والقوميه من تضييعها “للهويه الجامعه ” رغم ان بعض نصوص الدستور واضحه ولكنها غيبت بالاداء السياسي للاحزاب الحاكمه
الهويه الجامعه التي نقصدها هي عقد مجتمعي وطني يتفق عليه العراقيون جميعا ويتجاوز الطائفه والدين والقوميه و(الافكار العقيديه العابره) لينضوو تحت مفاهيم تتخذ من المصلحه الوطنيه ستراتيجيه للعلاقات.

التنوع العرقي والديني والمذهبي كان له اسباب طبيعيه للفوضى الى حدما في اوقات سابقه لكن التجارب القاسيه اعطت درسا واضحا وخصوصا بعد حرب داعش الاخيره الخطر يكمن اليوم في الافكار الأمميه العابره والتي تتجاوز جغرافيه الوطن او تلغيها من الاساس فنجد ان ولايه الفقيه تجد لها اتباعا ومؤمنين كثر بالعراق كونت الأساس الاخطر في مد التفوذ الاجنبي في قبالها لم تستطع القوى العلمانيه او المدنيه الاخرى ان تبلور افكار لشكل الدوله وهويتها.

لماذا لم تستطع القوى العلمانية أو المدنية الأخرى أن تبلور أفكار لشكل الدولة وهويتها؟

لانها فشلت في كسب ثقه الشارع وقدمت نفسها على انقاض الفشل للاحزاب الدينيه ولم تقدم بديل ناجحا ولانها متهمه بالاشتراك بالفساد مع خصومها من الاسلاميين ولم تستطيع قوى النخب الفكريه والثقافيه ان تبلور نفس الفكره ربما لانها لا تمتلك تاثير واضحا في الجمهور لاسباب تخص المزاج العراقي لكن المتابع لاراء وتوجيهات المرجع السيستاني ومواقفه يرى بوضوح انه ينظر لمشروع للدوله يتخذ من المواطنه والقانون اساسا للعقاب والثواب هذا التنظير لمشروع الدوله طرح جديد على المدرسه الاسلاميه الشيعيه خصوصا انه ينطلق من شخص ليس بالعادي فهو اكبر مرجع للشيعه ودوره مؤثر على المستوى الوطني لم يسبق لمرجع شيعي ان دعى الى دوله وطنيه على حد علمي.

اراء السيستاني وافكاره هي المخلص الحقيقي للازمه التي نعيشها كعراقيين لانها يمتلك صفه المرجع ويمتلك تاثيرا كبيرا على الشارع والنقطه الاهم انها تاتي كضد نوعي لمشروع نظريه ولايه الفقيه في العراق ولكل الافكار العابره التي تتجاوز جغرافيا الوطن التي تعتمدها بعض الدول كجزء من سياساتها لاغراض التوسع والنفوذ ايران ليست المتهمه الوحيده بتصدير افكارها فالسعوديه عملت بنفس المنهج مستفيدة من الوضع التاريخي لمكانتها ولوجود مكه وقبر الرسول فهي تحاول تزعم العالم الاسلامي “السني ” ولكن تركيزنا كان على الدور الايراني لانه الأخطر

فيديو مقال ليس للوطن أصدقاء للوطن مصالح

 

أضف تعليقك هنا