ما لن يتمكن العلم من معرفته!

لئن حققت كل العلوم نجاحات عديدة، نجاحات في كل ميادين العلم، من علم الفلك و الفيزياء إلى البيولوجيا و علم الإنسان ، فإن هذه النجاحات جعلت من فلاسفة العلم ، أو الإبستيمولوجيين _ بكونهم مهتمين بدراسة تطور العلم _ يتسائلون عن إمكانية الإجابة عن كل أسئلتنا من خلال العلم، أي : هل سيتمكن العلم من معرفة كل شيئ؟ أم أن العقل البشري الذي يُنير حياة الإنسان غير قادر على كشف العديد من الأشياء الهامة و العويصة في هذا الكون؟

وجهة نظر بعض العلماء بموضوع تطور العلم في أواسط القرن التاسع عشر

كتب ” أوغست كونت ” _ هذا الفيلسوف الفرنسي المعروف بمذهب الوضعية POSITIVISME _ و أكد بأننا لن نتمكن يوماً ما ، بطريقة ما لإكتشاف مكونات النجوم ، لكن بعد مدة زمنية ليست بالطويلة إكتشف العلماء طريقة لمعرفة كل مكونات النجوم ، هذه الطريقة معروفة بما يسمى ” التحليل الطيفي ” Le Spectroscopie ou Spectrométrie وهي تمكننا من التعمق في أعماق كل نجوم الكون وصولاً إلى الشمس، معنى ذلك هو أن الإنسان لا يجب عليه أن يؤكد بإستحالة وجود طريقة نتعرف بها عن ألغاز هذا الكون ، لكون المسألة التي نسعى لحلهاَ بعيدة عنّا و صعبة المنال .

في بداية القرن العشرين

تحديداً سنة 1900 أكد ” اللورد كيلفن ” _ عالم الفيزياء المعروف _ بأنه لم يبقى هنالك شئ جديد في الفيزياء أو للفيزياء أن تكتشفه ، أي بطبيعة الحال لن يستطيع أي فيزيائي معرفة إكتشافات جديدة في هذا المجال ، لكن ما يثير الدهشة هو أنه في نفس السنة 1900 أطلق الفيزيائي الألماني و أستاذ الفيزياء النظرية  في جامعة ميونيخ ” ماكس بلانك ” Max Planck شرارة البداية لدخول عالمٍ جديد في الفيزياء و هو ما يعرف بفيزياء الكم>

و بعد ذلك بخمس سنوات أي سنة 1905 أطلق ” ألبرت أينشتاين ” نظريته الخاصة للنسبية ، و بعد عقدٍ من الزمن أكمل ” النظرية العامة للنسبية ” سنة 1915 ، و إكتشفنا بعد ذلك تمدد الكون مع ” إدموند هابل ” ثم ” نظرية الإنفجار الكبير ” BIG BANG THEORY مع البلجيكي ” جورج ليمتر ” ، وهذا إن دلّ على شئ فهو يدل على أن الإنسان لا يجب عليه أن يبالغ  عندما يعتقد بأنه تمكن من معرفة كل شئ ، أي كل الحقائق ،  و عدم المبالغة أيضاً عندما يعتقد بأنه لا يمكن إيجاد أجوبة شافية فيما يتعلق ببعض الأسئلة المعقدة .

الأشياء التي لا يمكن للعلم أن يبحث فيها

هنالك أشياء خارجة عن العلم، لا يمكن للعلم أن يبحث فيها مثل: القيم و الأخلاق La Morale و مسألة الوجود أيضاً ، الحياة بعد الموت ، العقاب الإلهي ،،، و المسائل عديدة و متعددة ، كذلك و في هذا السياق تمكن العالم النمساوي ” كورت غوديل ” من وضع مبرهنة يثبت فيها أن الأنظمة الرياضية لا يمكن أن تكون مكتملة أو متناسقة ، منسجمة مع بعضها في نفس الوقت ، و تعتبر هذه بالحقيقة العلمية التي أتى بها غوديل.

كذلك أثبت لنا علم الفيزياء ، بأن هناك عديد المسائل التي لا يمكن للإنسان أن يصل إليها و أن يقيسها بكل دقة ، و هذا فحوى أفكار عالم الفيزياء الألماني ” فيرنر هايزنبرغ ” الذي يؤكد على مبدأ وحيد يسير هذا الكون ، هو ” مبدأ اللايقين ، فلا يمكن أن نقيس سرعة الإلكترون ، و أن نحدد موقعه بكل دقة في نفس الوقت ، أي إذا حددنا موقعه بكل دقة ، فهنالك خطأ كبير سنصل إليه في تحديد سرعته و العكس صحيح .

نظرية الفوضى “CHOAS THEORY”

يثبت لنا ” جيمس جلايك ” James Gleick بأن أي تغيرات قليلة ستؤدي في فترة وجيزة إلى تغيرات كبيرة جداً على مستوى الظواهر ، كالطقس مثلاً ، و كأن العلماء يقولون هنا بأنه ، لا يمكن لنا أن نتنبأ بكل شئ في هذا العالم ، كذلك و نحن نزاحم في أروقة هذه المسألة لابد أن نتسائل : هل يمكن معرفة كل مكونات المادة ؟ فمثل ماهو معلوم تتكون الذرة ATOM من نواة و إلكترونات متكونة من بروتونات و نيوترونات التي بدورها متكونة من كواركات ، و هنا لابد أن نتساءل : هل الكواركات متكونة هي الأخرى من مكونات أخرى ؟ فمعرفة وجود قاعٍ في المادة هو في حد ذاته من علامات الإستفهام الكبرى في العلوم اليوم .

هل يمكن لنا أن نثبت أن هنالك أكوان متعددة؟

وهي فرضية العالم ” هيو أيفيرت ”  كذلك يطرح العلماء و الفلاسفة اليوم عدة أسئلة معقدة ، مثل : متى بدأت الحياة ؟ هل فعلاً كان ذلك قبل 13،8 مليار سنة ؟ كيف كانت لدينا بعض المركبّات العضوية ، بعض الجزيئات المعقدة و تفاعلت فيما بينها و أنتجت شيئاً حياً ؟ فبض الناس يجيبون بأن الله هو الذي خلقها  ، و هذه الإجابة تنتظر تفسيراً يشبه التفسير الكوني ، و الأدلة على خلق الله كل هذا الكون ، لهذا لسنا من المُخطئين عندما تساءلنا على كيفية ظهور الحياة من جماد إلى شيئ حي.

وجهة نظر العالم الكيميائي ” جورج ويتسايدس “

هذا السؤال تفاعل معه العالم الكيميائي ” جورج ويتسايدس ” عندما أكد بأنه لا يمكن لنا أن نصل في يوماً ما لمعرفة و فهم هذا الموضوع ، فالمسألة معقدة لدرجة أننا لا يمكن لنا أن نفكر فيها ، و هنا لابد الإشارة بأن بعض العلماء لا يتفقون مع ” ويتسايدس ” في هذه المسألة ، كذلك : هل سنتمكن يوماً ما من فهم الوعي البشري ؟  هل الحيوانات تمتلك جزءاً من هذا الوعي ؟ ماهو الوعي أصلاً ؟  ، هذه المسائل معقدة و ربما سنصل يوماً و نكشف أسرارها و نفهمها ، كذلك ، ماذا نعني بالزمن ؟ نحن نعلم بأنه من بُعد الأبعاد ، مثلما يؤكد ذلك أينشتاين ، لكن بعض العلماء الأخرين يعتبرونه ” وهم ” ULISION ، فالزمن هو الإحساس .

هذه المواضيع معقدة، و لكن مطروحة الآن على الفيزيائيين و الفلاسفة ، و كل العلماء بصفة عامة ، لكن لسنا متأكدين بأن العلم سيصل يوماً ليحلها ، لسنا متأكدين بأن العلماء سيجدون حلاً جذرياً للقضاء على أفة السرطان ، لسنا متأكدين بأن العلم سيعيد المشي لكل المرضى الذين يعانون الشلل ، لكن لابد أن لا نيأس ، هذا ما يمكن أن نستخلصه في هذا الموضوع .

فيديو مقال ما لن يتمكن العلم من معرفته!

أضف تعليقك هنا