وهم الديمقراطية -#الجزائر

بقلم: رؤوف بن الجودي

في لقاء تلفزي قديم، قدّم الفيلسوف علي حرب أطروحته عن الأوهام الخمسة، والتي ضمنها كتابه «أوهام النخبة».. وما يهمنا هنا أنه يرى أن لا وجود قنوات لنماذج جاهزة تكرس من خلالها  الديمقراطية؛ إنما الأصل أن يصاغ “إبداع في التطبيق”.
وقد قرَّر من خلال مثال جدير بالتأمل أن بلدًا كاليابان،

لم يبدع في سلك العلوم الإنسانية (سيما الفلسفة)، ولا في العلوم الوضعية (خاصة الفيزياء) لكنه أبهر العالم من خلال التطبيق! فأتى بالعجب العجاب في الميادين التقانة وصناعة الأجهزة الكهرومنزلية والهواتف الذكية والسيارات وغيرها مما هو معروف ومتداول “ثمَّ ساق مثالا آخر عن مسرحي تونسي، الذي انتقى نصًّا فلما انتهى من تمثيله على المسرح، قال بأنه غيره تماما”

يقول الزاوي حمزة في مقال ناقش به أطروحات عالم الاجتماع الجزائري عبد القادر جغلول: “وليس معنى النقد الهدم لأن الدولة الوطنية الانتقالية لا تحتاج إلى الهدم بل إلى ترميم وتحالف وهو عملية من فعل المثقفين الذي يقومون بإعطاء وتأسيس القواعد الثقافية لها”.

معطيات سلبية وإجابية عن الواقع العربي

وهذا كلام رجلين عاقلين ينطلقان من مقدمات، هي واقعنا الذي نعيشه بكل معطياته السلبية والإجابية ليصلا إلى نتائج مرجوة، التي يجب ترتيبها حسب الأولويات وحسب الممكن والمستحيل.. ومن المستحيل تخيل متلقٍ من الشعب غير موجود بالأساس، نلبسه النظريات الضيقة.
وعندما نزمع تطبيق فحوى النظرية عليه نصدم بأننا كنا ننسخ خيوط وهم لذيذ، رصصنا خلاله كلمات شاعرية تروم مثالية أفلاطونية، منقبة عن جمهورية كجمهوريته المتوهمة.. وماذا سنكون قد جنينا عندئذ غير تكديس خيبات تعمق نكستنا وتؤلب اليأس والخذلان على أطروحاتنا: لا خبرات تُرص رصا كلبنات واعية وحقيقية لبناء أفكار مستقبلية تبدأ في رتق الشرخ الحاصل على جميع الأصعدة أولا، ثم تركز قواها لتؤسس منظومة أفكار تكون النهضة بعد الركود.

أزمة تعيشها الأمة العربية والإسلامية 

ولعل وعسى يأتي يوم، تشيِد فيه صرح تميزها انطلاقا من شخصية الأمة العربية الإسلامية، ذات الهويات المتعددة، والأيدلوجيات المتنوعة، تنوعا يترافق ترافقا ناعما يخدم الصالح العام، ويلقي بالمصالح الفردية دبر الظهر وتحت النعل!

فأرجو أن تصل هذه الرسالة إلى بعض إخواننا الذين يريدون استنساخ التجارب التي تحدث في الشرق والغرب، ناسين أو متناسين أن لهذا الشعب الجزائري خصوصياته، وله إمكاناته الخاصة والمحدودة، وكذلك ظروفه المعقدة.. ومن دون انتهاج منهج تطبيقي خاص بنا، يراعي ما مر من تلك خصوصيات لن نخرج من هذه الأزمة، بل سنغرق في تفاصيل التفاصيل..!

بقلم: رؤوف بن الجودي

أضف تعليقك هنا