سائح مهموم في وطنه

بقلم: ريم الربيعي

إن المواطن المهموم بشؤون وطنه يبكي حاله و يشفق على وطنه معا، أصبح يقتات من بقايا خيرات وطنه، وطنه هذه الكلمة حمالة المعاني ، الملكية تنسب له الوطن بالهاء فقط.

فالمواطن البسيط “الي يجري وراء لقمة عيشو ” لا يسع للتغير بل يفضل الموجود رغم حبه للمنشود لأنه سعى و سعى دون جدوى ، بسيط يريد فقط الحفاظ على بقاءه “شد مشومك لا يجيك ما أشوم منو ” بخير الدخل المحتشم عن البطالة و الأكل القليل عن الجوع.

فأبناء الوطن أصيبوا بالملل ، ملل من المطالب المعلقة و الأصوات المنخفضة رغم علوها و حريتها … يعلمون أن الحياة الثابتة ليست الأفضل لكن ليس بيد حيلة.

المواطن المسكين يصرغ

لا تطلب من المواطن المسكين أن يصرخ في وجه الظروف القاسية حتى لا تقسو عليه أكثر، يمر يومه مرور الكرام ، يوم تعيس يحكي تفاصيله لأصدقائه “من غدوة” في المقهى الشعبية ، المقهى المعتاد الذي يحتضن أوجاع المساكين “القهوة فيه ماتفوتش 900 فرنك باش تنسيه هم الدنيا ”

القهوة التي تغلب عليها المرارة كما هي حياة المواطن المسكين، إن مثل هذا المواطن لا يمكن أن تحدثه عن معنى المواطنة و لا على طعم السعادة .. يجب أن تخجل حين تناديه “بمواطن” .

فمتطالباته على بساطتها غير متوفرة ، لا يريد الجلوس في الأماكن الفخمة و لا ارتداء أغلى الملابس .. تخيل لا يريد امتلاك سيارة .. فقط يطالب بتوفير حافلة “كار” في الوقت المحدد ” موش كار الستة تجي الثمانية و تزيد تتعاد و ماتقفش” حتى يصل إلى عمله في الوقت المناسب “فمايسمعش صياح عروفاتو و مايتنقابلوش النهار” .

من المواطن؟

إن هذا التكرار اليومي الملل يجعل من المواطن يعاني ضغطا نفسيا .. يمشي للطبيب ” هذا ربما مارددته بداخلك، طبيب ماذا؟ مامعنى طبيب؟ هو يعرف عبارة “سبيطار” في معظم الأوقات “يمشي مريض يروح مريض أكثر” .

هو لا يملك المال لسداد كراء المنزل “مول الدار قريب يطردو” و لا لعلاج ابنته التي تسهل لأيام، هو ذاك المواطن الأب لأربعة أبناء ، لا يستطيع توفير حاجياتهم المدرسية فانقطع الأكبر عن الدراسة عله يساهم و لو بالقليل “يخدم في المرمى ربي يعينو خدمة النهار مافيها عار” هو المواطن ذاته الذي ينام إلى حدود منتصف الليل و “إلا يمكن للفجر ” يفكر في “الماء و الضو” و “كيفاه باش يخلصو”.

معانات المواطن

فالنموذج الأسري يكاد يكون متكررا و كل أسرة تحتاج إلى مال بل أموال و لهذا السبب تجد الأسرة إما مفككة و لا رابط لها و إما مغرقة في التعاسة.
المواطن الذي جرفته المياه لأن البنية التحتية هشة أو تكاد تكون منعدمة .. هو أيضا الذي تجده يتسول “في المتروات و إلا قدام الجامع” و الحافلة التي تأتي متأخرة تنقلب بالمواطن ،، فينتقل إلى جوار ربه . و قائمة المعاناة طويلة.

ثم نتساءل عن أسباب  تفشي الجرائم منها السرقة ..فأنت ترى الشعب في كل بقعة من هذا الوطن يعيش علاقة توتر _ استفزاز _ صراع. المواطن صار عدو المواطن .. ردة فعله و ضغط يومه.

يكون تجاه غيره “لدرجة الناس الكل على عصابها” و الكلمة الطيبة تغيب تماما بل صارت تجلب الإنتباه، إن هذا المواطن المسكين ماهو إلا سائح مهموم في وطنه ينتظر متى يغادره بكل وجع لكنه يظل يحب تراب الوطن 🌹
سنظل الكتابة لهؤلاء ، من أجل هؤلاء ، مع هؤلاء بكل حب ، بكل وجع ، بكل حزن و لكن أيضا بكل أمل عسى أن يكون “غدوة خير ”

 

بقلم: ريم الربيعي

أضف تعليقك هنا