“فيروس كورونا” نشأته والوقاية منه بمنظور الطب النبوي

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

في الآونة الأخيرة طرق آذاننا مسمى مرض عضال يجوب أنحاء شرق آسيا وتحديداً الصين، مخلفاً العديد من الصرعى والحالات الحرجة، مما جعل دولة بحجم الصين تعلن مؤخرا عن عزل مدن بأكملها بغية الحد من انتشار هذا الوباء، واسمه وباء لأنه خرج عن حد السيطرة، وبات ينتشر بين الناس انتشار النار في الهشيم، أكثر من ٤٤٠ حالة خطيرة خلال فترة وجيزة، في حين صرح المركز الدولي لمكافحة الأمراض في لندن بأن هناك اكثر من ٤٠٠٠ إصابة في مدينة ووهان الصينية وحدها، فيما انتشر مؤخرا إلى مدن أخرى كـ بكين وشنغهاي وهونغ كونغ، بل تعدى الأمر لتظهر حالات في بعض الدول المجاورة كتايلاند واليابان والفلبين وغيرها.

متى كان أول ظهور لفيروس كورونا؟ 

بعد أن استشعرنا خطر هذا الفيروس المتمثل بسرعة انتشاره ووصوله في النهاية لوفاة العديد من مصابيه، فلا بد أن نعرف ماهية هذا المرض ومصدر نشأته، فهذا الفيروس ليس حديث النشأة ولم يظهر لأول مرة في الصين كما يُظن، بل قد ظهر منذ بضع سنين في الشرق الأوسط وتحديداً في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية عام ٢٠١٢م، وسأذكر تفصيلا أكثر حول هذا، ثم سنناقش بعدها سبل الوقاية منه أو من الأمراض المشابهة له حسب نصوص الوحي الكريم والطب النبوي الحديث، مبينا خطأ بعض المصادر العلمية في تحديد منشأه بالاستناد إلى مصادر علمية أخرى أكثر بحثاً ودقة، وسنتطرق بالطبع للحديث عن التوصية النبوية للتعامل مع مثل هذا المرض الفتاك، فإن الشريعة الإسلامية لم تكتفِ بتبيين طرق الوقاية من الأمراض بل وأرشدت في نصوصها إلى الحل الأمثل في حال تفاقمت هذه الأمراض وتحولت إلى ما هو أشبه بالوباء العام.

ما هو فيروس كورونا؟

فيروس كورونا أو كورونا الشرق الأوسط، ويعرف علمياً بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، بالإنجليزية:
( Middle East Respiratory Syndrome )

هو فيروس تاجي، ظهر في السعودية لأول مرة، وتم الكشف عنه بواسطة طبيب عربي عقب وفاة المريض إثر ضيق حاد في التنفس وفشل كلوي، ولهذا الفيروس أنواع شتى ظهرت فيما بعد، كفيروس سارس الذي أعلن عنه في هونغ كونغ الصينية عام ٢٠١٤ م.

كما تم الإعلان عن إصابات بفيروس كورونا في العديد من الدول العربية كتونس والإمارات وقطر وأخرى أجنبية كبريطانيا وألمانيا، والتي قد رجح بعض الباحثون أن مصدر انتقالها إلى تلك الدول جميعها كان من السعودية، ورغم كل الإصابات المنتشرة فقد اعتبرت المملكة صاحبت أعلى معدل حيث وصلت النسبة إلى (٤١٪)  من مجموع الإصابات الكلية.

بداية ظهور فيروس كورونا الشرق الأوسط

ومع ذلك فلا يمكن الجزم التام باعتبار المملكة هي الأرض التي نشأ فيها هذا الفيروس، فكما هو معلوم بأن هذه الدولة تحوي الكثير من المغتربين على أراضيها يقدرون بـ ١٣ مليون مغترب من دول عربية وأجنبية، من بينهم على سبيل المثال ٤ مليون نسمة هم من الهنود فقط، ولكن بعض الباحثين اعتبر هذه حقيقة مؤكدة وبدأ بالفعل يبحث في السعودية عن سبب تكون هذا الفيروس وانتشاره، وقد عزى كثير من الخبراء هذا الفيروس إلى الحيوان، واعتبروا مصدره حيوانياً انتقل إلى البشر في وقت ما، مما جعل جمال البادية وإبلها في دائرة الاتهام، لقد افترضت دراسة أعدها فريق هولندي نشرت في صحيفة (لانست) للأمراض المعدية: أن الإبل وحيدة السنام التي تستخدم من أجل اللحوم والحليب والسباق قد تكون السبب وراء هذا الفيروس، وبينوا سبل التعامل معها باتخاذ تدابير وقائية مرتبطة بالنظافة.

ما حقيقة أن للإبل دور في انتشار فيروس كورونا؟

في الحقيقة لا يمكننا قبول هذه الدراسة من النظرة الأولى ففي الوقت الذي يوصون بالتعامل مع الإبل بأساليب وقائية شديدة نوعاً ما، هناك من المسلمين من يقوم بشرب أبوالها للعلاج من بعض الأمراض، عملاً بحديث النبي عليه الصلاة والسلام الذي ثبت في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما، من حديث أنس بن مالك قال: (قدم رهط من عرينة وعكل على النبي صلى الله عليه وسلم، فاجتووا المدينة، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “لو خرجتم إلى إبل الصدقة فشربتم من أبوالها وألبانها” ففعلوا… ) يرشدنا هذا الحديث إلى التداوي ببولها – ويمكننا الإشارة هنا إلى أنه ثبت بدراسة علمية نشرت على موقع (NCBİ) أن أبوال الإبل تحتوي على مواد مضادة للسرطان – على كل حال لم يُجزم بعد بصحة نسبة هذا الفيروس للإبل وعلى افتراض صحتها مستقبلاً فالوحي لدينا قد أرشدنا بالفعل إلى الطهارة عموماً، وأما فيما يتعلق بالإبل خصوصا فقد أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بالوضوء بعد أكل لحم الإبل، كما قد نهى عن الصلاة في مباركها، والأصل في ذلك ما في صحيح مسلم عن جابر بن سمرة: ” أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا توضأ. قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم فتوضأ من لحوم الإبل. قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: نعم. قال: أصلي في مبارك الإبل؟ قال: لا.”

وهذا مما ينبغي العمل به، سواء ثبتت الدراسة التي تزعم أن الإبل مصدر الفيروس أو لم تثبت.

كيف يزعمون أن للتمر ارتباط بانتشار الفيروس و هو من أبرك ثمارنا؟

وبالنظر أكثر حول مصدره نجد أن من قد ذهبوا إلى هذا المنحى من الأطباء والخبراء قلة، بل الأقل منهم من قد خص مصدر هذا الفيروس بكونه نباتياً، وليس حيوانياً منسوباً للجمل أو لغيره، وبالعودة إلى ما ذكرناه من ميل العديد من الخبراء إلى اعتبار منشأ الفيروس هو السعودية، أخذوا يبحثون في التمر، باعتباره الثمرة الأكثر تداولا فيها، وبالفعل قامت حملات ومجلات بالتحذير من أكل التمر دون غسله وتجفيفه؛ خوفاً من اعتباره المصدر المجهول الذي يجري البحث عن اكتشافه.

لكنهم قد تناسوا عمليا أن التمر هو من أبرك ثمارنا إن لم يكن أبركها حقا، هو طعامنا وطعام أجدادنا، بل هو قوتنا ومؤنتنا وفطورنا وسحورنا، أوصى به النبي الكريم ونعمّا ما به وصّى، روى البخاري في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: “من اصطبح كل يوم سبع تمرات عجوة لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل” فكيف يكون ما يستعان به على الوقاية سببا في مرض بُعدا لذلك.

إن كان مصدر المرض حيواني فعلاً، فما هي الحيوانات الناقلة له؟

ولكي يكون هذا الموضوع علمياً فلا نستطيع نفي هذه الخيارات تماما إلا بأدلة علمية مؤكدة، كما لا يمكننا قبولها إلا بذات الأمر نفسه، ولكن مما يوافق الفطرة السليمة والعقل الراشد أن ينسب الخبث إلى الخبائث، وهنا ينبغي أن نمعن النظر ونصرف شوارد الذهن حيث سيتبين لنا الآن الدراسة الأكثر قبولا بين الأطباء الباحثين حول الفيروس و مصدر نشأته الذي يساهم بانتشاره، وذلك مما يتوافق مع الطب النبوي حول نظرته إلى أثر الخبائث على الأبدان البشرية.

ربما يذهب القارئ إلى السؤال عن المقصد من كلمة خبائث في خضم هذا المسلك، ومن حقه معرفة أن المراد بها هنا هي ما تستقذره النفوس وتعافه من الحيوانات، وذاك باعتبار أن حديثنا عن المصدر الحيواني للفيروس، ويقودنا هذا المراد الآن إلى العديد من الأبحاث التي نسبت مصدر هذا الفيروس بأنواعه وأماكن انتشاره إلى الخفافيش، وفي الحقيقة فإن هذا الأمر ليس مستغرباً فإن هذه الحيوانات قديمة العهد بنقل الأمراض وسمعتها غير جيدة بالنسبة لهذا الأمر، فقد ثبت أنها مصدر رئيسي لانتشار فيروس (ابولا) وداء (السعار) سابقا.

وفيما نحن بصدده ففي دراسة حديثة تمكن فريق طبي مشترك من وزراة الصحة السعودية مع جامعة كولمبيا الأمريكية من عزل فيروس (كورونا الشرق الأوسط) من إحدى عينات الخفافيش بالمملكة، وذكرت الدراسة أن التحليل الخاص بالفيروس قد أجري على عينات جرى جمعها من ٩٦ خفاشا حيا تمثل سبع فصائل مختلفة، وأضافت أن عينة واحد من خفاش حي آكل للحشرات أظهرت وجود تركيبة جينية مطابقة تماما للفيروس.

هذا بلا شك يساهم في توجيه أصابع الاتهام جميعها إلى الخفاش وقد يساهم في تبرئة الإبل أيضا.

ما علاقة الآيات القرآنية التي تضبط سلوكنا الغذائي بالحد من انتشار الأوبئة؟

إن المطلع على حال بعض الدول في التعامل مع خبائث الحيوان، سيظهر له انجرافها إلى مستنقع الأذواق الرديئة، التي لا يمكننا الجزم بسلامة فطرة من ينجرف إليه، ستجدهم يتناولون كل ما يعرض لهم من المستخبثات كاليرابيع والفئران والضفادع والحشرات والعقارب إلى غير ذلك مما يثير اشمئزاز النفوس السليمة، بل قد يعدو الأمر للحوم الكلاب والثعابين – ومما يجدر ذكره هنا أن الثعابين أيضا قد جرى البحث حول إمكان مساهمتها في انتشار هذا الفيروس.

والقول المستقيم أن قد نص الشارع على حرمة أكل جميع هذه المستخبثات حين أنزل تعالى آيه {ويحل لكم الطيبات ويحرم عليكم الخبائث} [الأعراف١٥٧]{يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات}[المائدة٤] ومذهب جمهور الفقهاء على حرمة أكل الهوام والحشرات، بل قد نص الشارع على قتل بعضها سواء وجدت في الحل والحرم، فكما أثر عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “خمس من الدواب كلهن فواسق، يُقتلن في الحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور”. [رواه مسلم].

إن المسلم المميز ليعلم مدى ضرر العكوف على مثل هذه المأكولات، ولا يشك معافى بأن مثل هذه الهوام هي مما يستخبث في الطبع، بل إن مما عرض لي حول وباء الصين: أن إحدى الفتيات التي كانت من أوائل من أصيب بالمتلازمة وتوفيت إثر ذلك، كانت من فترة قريبة قد نشرت تسجيلاً مصوراً لها وهي تتناول طبقاً أعدته، الطبق الذي كانت تتناوله بفخر هو (حساء الخفاش)، والعجيب أنها وضعت الخفاش بعد طهيه في صحن المرق كما يوضع الطير السليم تماماً !

هل كان هذا الوباء ابتلاء إلهي لكثرة الفواحش؟

لا يُستبعد بعد هذا انتشار وباء في مثل هذا البلد فضلاً عن التردي الأخلاقي الذي وصلت له بعض البلدان، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا” [سنن ابن ماجه].

لماذا يتفشى الوباء في الصين كثيراً قياساً بغيرها من الدول؟

وقبل أن نشرع في الحديث عن عزل الصين لملايين المواطنين لديهم، وعلاقة ذلك أصولا بالحجر الصحي النبوي، ينبغي أن أنوه إلى أن الحالات العارضة في السعودية وغيرها من الدول العربية والأجنبية لا تقارن البتة بما تشهده الصين في الوقت الحاضر، فما كان في تلك الدول حالات معدودة ومحدودة منذ سنوات، أما ما تعاينه الصين الآن فهو وباء عام، إضافة لذلك فقد أعلنت دول كالسعودية والأردن مؤخرا عن عدم تواجد أي حالات إصابة بهذا الفيروس لديها في الوقت الحالي.

ولا يمنع أن تكون الحالات السابقة هي بفعل الخفافيش المتواجدة في السعودية كمثال، فهناك نسبة ليست بقليلة، وأنوه أيضا إلى أن من الأطباء من عبّر عن إمكانية إصابة بعض التمور بالفيروس في حال كانت هذه الثمار عرضة للخفافيش، يعني أكلها والعيش حولها، ربما هذا يفسر لنا بالفعل سبب توجه بعض الخبراء إلى التحذير من إهمال التمر.

ينبغي أن نسلط الضوء الآن على حجم الكارثة التي تمر بها الصين والتي تحاول إخفاء مدى خطورتها، فحين تقوم دولة مثلها بعزل ١٠ مدن يقارب تعداد سكانها مجموعة ١١ مليون نسمة فاعلم أن الأمر ببالغ الخطورة، لذا سارعت الصين لاتخاذ كافة التدابير للحد من هذا المرض، فبنت على سبيل المثال مشفى ضخم في بكين يتسع لألف سرير لمحاولة علاج مرضى الكورونا حصرا، وكان أهم إجراء اتخذته هو الحجر الطبي للمدن او ما يسمى بالعزل.

أهم إجراءات الحجر الصحي (العزل):

١- المنع من السفر خارج المنطقة.

٢- المنع من التواجد في الساحات العامة.

٣- إلغاء الأحداث العامة

٤- إغلاق أنظمة النقل الداخلية الكبيرة.

٥- تشديد الرقابة الصحية.

مفهوم الحجر الصحي و جذوره التاريخية؟

بالنظر إلى مفهوم الحجر الصحي فإن ما قامت به الصين مؤخرا من فرضه في بعض المدن، أو ما تقوم به بعض الوكالات الغربية من التعريف به وبأهميته ليس بالأمر الجديد علينا نحن كمسلمين، فإن هذا النظام الطبي يعود في أصله  إلى حضارة تمتد جذورها لأربعة عشر قرناً ماضين، إن تلك الحضارة كانت متقدمة في جميع الجوانب وعلى كافة الأصعدة بما في ذلك الصعيد العلمي الذي كان يولي أهمية كبيرة للمجال الطبي والرقي فيه.

إن حضارات اليوم مدينة لحضارة الإسلام بكثير مما يفتخرون به الآن، ولا نبالغ حين نقول بأن تقدمهم العلمي في هذه الأيام بني على جهود علماء مسلمين فيما مضى، وإن لجوءهم عند الكوارث والأزمات لحل يعتبر من وضع النبوة لهو إقرار غير منطوق بفضل الإسلام على البشرية، والأمثلة عديدة والإنجازات كثيرة، وسنقوم بدورنا بإبراز الحجر الصحي من منظور الطب النبوي الوقائي، وهذا ليس بجديد أيضا فقد تحدث عن هذا الموضوع العديد من علماء الإسلام وأطبائه.

ولكن في الوقت التي تلجأ فيه دولة تعتبر كبرى في العالم إلى حلول يظنها غير الممعن غربية أو مستحدثة فهذا قد ظلم نفسه، ينبغي على أقل الأحوال أن نعرف أننا كمسلمون لدينا حلول جميع الأزمات التي تمر بها الدول الكبرى فضلا عن غيرها، سياسيا واقتصاديا وحتى طبيا، كما قامت طائفة من الدول الأوربية بتنبي بعض هذه الحلول والعمل عليها، ومن الحسن ذكر قسم منها، غير أن المقام لا يتسع.

ما هي  النصوص النبوية حول الحجر الصحي:

عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع وأنتم بأرض فلا تخرجوا منها فرارا منه)  [رواه البخاري]

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا توردوا الممرض على المصح) [رواه البخاري]

وروى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تفنى أمتي إلا بالطعن والطاعون ، قلت : يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه ، فما الطاعون ؟ قال : غدة كغدة البعير ، المقيم بها كالشهيد ، والفار منها كالفار من الزحف )

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الفار من الطاعون كالفار من الزحف، والصابر فيه كالصابر في الزحف) [رواه أحمد]

الإعجاز الطبي النبوي علامة فارقة في تاريخ الحضارة الإسلامية

يتضح لنا من الأحاديث السابقة أن النبي عليه الصلاة والسلام قد وضع أول قاعدة وقائية للبشرية من الأوبئة المميتة، ويتجلى الإعجاز النبوي بأن الوقت الذي أظهر فيه النبي صلى الله عليه وسلم قواعد الحجر الصحي وأسس التعامل مع الوباء العام كان الناس فيه لا يزالون يعتقدون أن الأمراض تنتقل بفعل الأرواح الشريرة، وما زال هذا الاعتقاد سائداً لدى العديد من المجتمعات حتى اكتشاف المكروب في القرن السابع عشر، إن وصية النبي صلى الله عليه والسلام قامت بكسر موجات الطاعون التي أصابت بعض بلدان الإسلام بعد وفاته، فيما غزى الطاعون أوروبا، وأهلك فيها ربع سكان تلك القارة.

لقد قام المسلمون بتطبيق ما نص عليه الوحي في هذه المسألة حرفياً، واستطاعوا التغلب على الصعوبات التي واجهتهم آنذاك، وإن الرجل ليظن بداية أنك تسلبه حقه في الحياة والهروب من الموت، حين تمنعه من السفر بعيداً عن أرض السقم، ولكنه في الحقيقة يمنح الحياة للجميع، لقد اتضح أن الذين يخرجون من أرض الوباء ولا تبدو عليهم آثار الإصابة بالمرض، هم أخطر من المرضى الظاهرين، حيث أنهم أقل تجنبا من الناس، ويساهمون بشكل كبير في نشر المرض خارج حدوده.

أهمية الحجر الصحي في الحد من انتشار العدوى

قال الدكتور محمد علي قاره : إن الحجر الصحي يعتبر من أهم وسائل مقاومة الأمراض الوبائية، ومفهوم الحجر الصحي مفهوم حديث لم تعرفه البشرية إلى أوخر القرن التاسع عشر وأوائل العشرين، ولا تزال تتعثر في تنفيذه إلى اليوم.

انتهاء إخواني ينبغي أن نعلم بأن الخير وصلاح أمر الدارين يكمن في امتثال نصوص الوحيين والعمل بمقتضاها، سواء أُدركت الحكم والعلل من أحكامها أم لم تدرك، والبراهين على ذلك كثيرة.

فيديو مقال “فيروس كورونا” نشأته والوقاية منه بمنظور الطب النبوي

أضف تعليقك هنا