هل سيحكم الرئيس التشادي (إدريس ديبي) 44 عاما؟

تشاد الدولة الإفريقية التي شهدت استقلالها عام 1960 مازلت تعاني من عملية عدم الاستقرار السياسي الذي يعود لأسباب كثيرة منها عدم الانتقال السلمي للسلطة بسبب تمسك الحكام بزمام السلطة واحتكار المشاركة السياسية الفعلية التي تعتبر أساس العملية الديمقراطية.

في هذا المقال سنحاول من خلال المادة الدستورية 66 من الدستور التشادي لعام 2018 الطرق لتفاصيل وخفايا المادة التي تنظم فترة الولاية الرئاسية لرئيس الجمهورية وكيفية ترشحه وانتهاء ولايته.

العملية الرياضية من خلال المادة الدستورية 66 من الفصل الاول من دستور الجمهورية الرابعة,ورد في نصها(ينتخب رئيس الجمهورية  بالاقتراع العام المباشر لولاية ست(6)سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة).

فترة حكم الرئيس التشادي إدريس ديبي

بدأت فترة حكم الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو الحالي منذ عام 1990 بانقلاب عسكري ومازال حتى عام 2020، 1990-2020=30 عاما
عام 2016 الفترة التي فاز بها في الانتخابات الرئاسية.1990-2016=26،  عام 2022 ستنتهي الولاية الرئاسية الخامسة ويترشح لولاية سادسة1990-2022=32، تكون  بداية سريان الولاية الاولى التي نص عليها الدستور لعام 20182022-2028=38، تكون فترة الولاية الأخيرة وفق المادة الدستورية 2028-2034=44، المجموع ابتداء من 1990 -2034=44 عاما.

الرئيس التشادي إدريس ديبي والاستمرارية

هذه العملية الحسابية التي قمنا بها ربما يتساءل أحدنا أين المؤشرات والأدلة لكل هذه الاستمرارية؟

الخطوة الأولى:

2022 هو عام الانتخابات الرئاسية القادمة التي تكون استمرت لمدة 6 سنوات وهي انتهاء الولاية الخامسة لرئيس الجمهورية الحالي مرشح الحركة الحركة الوطنية للإنقاذ.

فالوقت الذي تم فيه تعديل الدستور القديم دستور 1996 وإصدار الدستور الجديد (دستور الجمهورية الرابعة لعام 2018)قد مضى من فترة الولاية الخامسة سنتين 2 عام 2016-2018 وتبقي على انتهاء الولاية  4

فالبداية الفعلية للعملية الحسابية ستكون بأثر تقدمي وليس بأثر رجعي (يسمح الحكام في القوانين تطبيق القوانين بأثر رجعي و لا يسمحون تطبيق ولايتهم بأثر رجعي).

فخلاصة النقطة الأولى من هذا التحليل أن الولاية تنتهي عام 2022 ,ومن هنا نقول أن حكم استمر من عام 1990-2022=32عاما.

الخطوة الثانية:

تبدأ العملية الحسابية للمادة الدستورية  عام 2022 وتستمر إلى عام 2028 فيصبح المجموع=38 عاما.

وبعد عام 2028 تكون قد انتهت الولاية الرئاسية التي أشارت إليها المادة 66 وهي ست سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.

يبدأ التجديد قبل انتهاء الولاية الرئاسية (يعني قبل عام 2028)وتكون هناك ولاية جديدة مستندة على اساس دستوري تبدأ من عام2028 وتستمر -2034 ويكون المجموع =44 عاما.

الأدلة من الواقع السياسي القائمة بناء على الملاحظة:

  • ضعف الأحزاب وعدم فاعلية المعارضة السياسية:إن ضعف فاعلية الاحزاب السياسية في دولة مثل تشاد لم ترى الهدوء السياسي أو الاستقرار السياسي منذ عقود, باب واضحا من خلال عدم فاعلية الأحزاب في البرلمان وعدم فاعلية  برامجها السياسية.
  • -إنجرار الأحزاب السياسية(الأحزاب الزبدة)مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الى الحزب الحاكم من خلال عمليات الانضمام والتحالف الكامل من رئيس رئيس الحزب الى آخر فرد من اعضاء الحزب الى الحزب الحاكم وإظهار الولاء الكامل له من أجل الحصول على المصلحة الموعودة وهي إما ان تكون مناصب سياسية او ادارية أو مبالغ مالية,فالبضاعة بحسب مركز الحزب وكثرة أعضائه وفاعلية رئيسه(كلما كان الحزب أكثر فاعلية وأكثر عددا كلما كان المردود الفعلي والمتحصل من عملية الانضمام والولاء  أكثر فائدة).
  • عدم وجود مبادئ للأحزاب السياسية ففي خلال الحملة الانتخابية لعام 2016 تحالف مع الحركة الوطنية وهو الحزب الحاكم 180 حزبا ,لدعم الحزب الحاكم وهذا التحالف والتجمع مؤقت وليس دائم ينتهي بانتهاء الانتخابات الرئاسية وحصول كل حزب على حصته وعودة المياه الى مجاريها وهكذا في كل انتخابات رئاسية من قبل الاحزاب الفاشلة.
  • -النظام السياسي والدستوري في دستور 1996 لم يكن رئاسيا وكان يشكل نوعا من الخناق الدستوري والقانوني للسلطة السياسية فالبتالي للخروج من هذا الخناق لابد من وجود حل دستوري وقانوني ,وكان وقتها الحل الوحيد هو التعديل الدستوري شبه الكامل (التغيير شبه الكامل للدستور)بوضع دستور جديد باسم جديد (دستور الجمهورية الرابعة).
  • السيطرة الكاملة وتحديد صلاحية المعارضة السياسية وتقليل نشاطها.
  • -النتائج الانتخابية التي أجريت في  2016 والتي فار بها في الجولة الاولى دون أية منافسة قوية من بين المرشحين 13 .أن أغلبية المرشحين للرئاسة لم يحظوا  بتأييد الشعب بسبب عدم جدوى ما يحملونه ممن برامج سياسية فارغة إن صح التعبير وبعيدة كل البعد عما يتطلع اليه الشعب من مستقبل وعيش كريم.
  • ضعف النسبة التي حصل عليها المرشحين المنافسين لمرشح الحركة الوطنية التي  أعلنتها اللجنة الوطنية للانتخابات  في “الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية ب 61,56 بالمائة من ألأصوات كما أن زعيم المعارضة صالح كيبزابو حل في المرتبة الثانية ب 12,80 بالمائة .
  • تدخل الدولة التشادية في قضية مكافحة الجماعات الإرهابية في أكثر من دولة من دول الجوار وكسب الرئيس التأييد الدولي والإقليمي ساعده في عملية الاستمرار في السلطة.
  • في إحدى خطاباته صرح بأن دولة تشاد تفتقد لكادر يقودها واجزم بأنه الوحيد الذي مؤهل لقيادة البلاد ولا يتولى منصب الرئاسة دونه.
  • عودة بعض المعارضين السياسيين إلى داخل تشاد بعد عملية العفو العام (العفو السياسي)الذي اعقب عملية اصدار دستور الجمهورية الرابعة أثر ذلك في حراك المعارضة السياسية في الخارج بشكل عام والوضع السياسي في الداخل بشكل خاص.
  • تضييق نشاط وصلاحية النقابات العمالية من خلال المواد الدستورية المتعلقة بحق الإضراب كتقصير مدة الإضراب وتقييد حق الإضراب ووضع آثار سلبية تترتب في حالة الخروج عنها ,وتم ربط هذه المواضيع بقانون خاص سمي بقانون الإضراب ولم يقم الدستور الجديد بشرح تفاصيل حق الإضراب كما هو في الدستور السابق وإنما أحال التفاصيل الدقيقة إلى القانون المختص,وأثر هذه الإحالة يعود سلبا على القانون باعتبار ان السلطة السياسية تملك الأغلبية البرلمانية وهذه الاغلبية لها وزنها في عملية التصويت على القوانين الخاصة بحق الإضراب.
  • اندثار المعارضة التشادية المسلحة من الساحة السياسية وعودة غالبية قادتها والمشاركة في المناصب السياسية والإدارية بعد السياسة التي اتبعها النظام السياسي تحت مسمى(سياسة اليد الممدودة)لإبرام الاتفاقيات مع قادة المعارضة المسلحة مقابل الوعود بالمناصب والأموال.
  • ازالة المؤسسات الدستورية التي في الحقيقة لها وزنها مثل (المجلس الدستوري)رغم أنه في بلد مثل تشاد تنقص شعبه الثقافة القانونية والدستورية فحاول النظام الحاكم من خلال التعديلات الدستورية الأخيرة ازالة مثل هذه المؤسسات بعد التجربة التي مر وعلم أن الشعب التشادي لم يصل بعد لمثل هذه المؤسسات فحاول ازلتها وجعلها عبارة عن غرفة غير مستقلة تابعة للمحكمة العليا.
  • معاقبة وتصفية الحساب في العملية الانتخابية من قبل الشمال المسلم للجنوب المسحي ودفع الثمن والرفاهية التي عاشها في عهد الاستعمار على حساب الشمال المسلم من مناصب إدارية وسلطة سياسية وتعليم,فما يقارب أربعة عقود من الزمن لم يفز مرشح من الجنوب الغير مسلم,فهذه النظرة تساعد استمرارية النظام الحاكم لمشرح الحركة الوطنية للإنقاذ.
  • يساعد الدور الذي تؤديه حرم رئيس الجمهورية بمنظمتها القلب الكبير واستهدافها الشرائح الضعيفة من النساء والأطفال والمعاقين بأن يؤثر هذا الدعم على سلوكياتهم في العلمية الانتخابية.
  • ولاء النسبة الكبيرة من النساء التشاديات لمرشح الحركة الوطنية للإنقاذ ,حرم الرئيس في إحدى خطاباتها في اليوم العالمي للمرأة الإفريقية ذكرت” مشاركة المرأة بفاعلية كبرى في الانتخابات هي التي أسهمت بشكل كبير بفوز مرشح التحالف ديبي”

هذا تحليل مبسط حاولنا من خلاله تحليل المادة الدستورية 66 والتطرق لبعض المؤشرات التي نعتبرها ساعدت ومازالت تدعم عملية استمرارية النظام الحالي في سلطة الحكم.

تنمنى أن يستفيد الكل من هذا المقال.

فيديو مقال هل سيحكم الرئيس التشادي(إدريس ديبي) 44 عاما؟

أضف تعليقك هنا