هل قتل كورونا العولمة؟

بقلم: الكاتب صلاح الشتيوي

هل سيتسبب فيروس كورونا المكتشف في الصين في كارثة عالمية؟ إن الانتشار السريع لهذا الفيروس الفتاك جعل منظمة الصحة العالمية تعلن أن فيروس كورونا أصبح يمثل حالة طوارئ صحية عالمية، انتقل الفيروس بسرعة إلى العديد من الدول كاليابان وكوريا الجنوبية وهونج كونج وكذلك إلى أوروبا وأمريكيا وكندا وهذا يذكرنا بأوبئة قتلت الملايين من البشر وقد يتسبب في الأضرار بالاقتصاد العالمي.

الأوبئة عبر التاريخ

الطاعون الانطوني

عانت البشرية منذ الازل من الأوبئة فكان الطاعون الانطوني عام 165ميلادي وكان عدد الوفيات في الإمبراطورية الرومانية 5ملايين الى عام 180ميلادي.

الطاعون الأسود

ثم كان الطاعون الأسود بين عام1346-1353حيث قتل ما بين 75مليون الى200 مليون شخص في كل من أوروبا واسيا وافريقيا وكان مصدر الوباء اسيا وانتشر عن طريق الفئران والبراغيث المتواجدة بالسفن.

وقد ورد ذكر الطاعون الأسود ويسمى أيضا الطاعون الجارف في السيرة الذاتية لعبد الرحمان ابن خلدون حيث أشار الى ان هذا الوباء حل بتونس عام 1348م و ” ذهب بالأعيان والصدور وجميع المشيخة، وهلك ابواي، رحمهما الله” كما ” طوى كثيرا من محاسن العمران ومحاها، حتى خلت الديار والمنازل، وضعفت الدول والقبائل”.

وقد شهد الرحالة المغربي محمد ابن بطوطة تفشي الطاعون الجارف في المشرق العربي، وكذلك عندما كان على طريق العودة من الصين الى المغرب سنة 1348م.وقد ذكر ابن بطوطة ان ضحايا الوباء بالشام وفلسطين ومصر كان بالآلاف، وانه سمع عندما كان بسوريا في حلب ان عدد الموتى في غزة بسبب الطاعون الأسود انتهى الى أكثر من الالف في يوم واحد وعندما سافر الى حمص وجد الوباء قد وقع فيها كذلك،ومات يومها300من السكان وقد بلغ عدد الموتى في مصر في القاهرة بلغه ان عدد الموتىوصل بسبب الوباء الى واحد وعشرون ألف في اليوم.

الإنفلونزا الآسيوية

ثم كانت الانفلونزا الاسيوية وهو وباء نشا في الصين عام 1956و انتهى سنة   1958انتشر في الصين ثم انتقل الى الولايات المتحدة الأمريكية حيث تسبب في قتل مليونين و69800امريكيا.

حما زيك

فيروس ينتقل عبر البعوض الماص للدماء انتشر سنة2015 وأصاب مليون ونصف شخص في 68دولة وقد انطلق من البرازيل.

انفلونزا هنغ كونغ

اول حالة تم ا لتفطن لها سنة1968 في هونغ كونغ ثم امتد الى سنغافورة وفيتنام والهند والفلبين واروبا والولايا ت المتحدة الامريكية وأستراليا.أدى الفيروس الى مقتل مليون شخص نصفهم من هونغ كونغ.

العولمة والأوبئة

ان تكلفت الأوبئة على البشرية والاقتصاد في هذا العصر له أسباب عديدة أهمها توسع موجة العولمة.لقد شهد العالم تطورا وتوسعا في الأنشطة الاقتصادية منذ بداية التسعينيات من القرن العشرين، وحتى نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ونتج عن ذلك انتعاشه ليس لها مثيل في النقل الدولي للسلع والبضائع ورؤوس الأموال وتطور مهم في الحركة البشرية عبر الحدود الدولية.

وكان للعولمة سلبياتها فنرى ان مناطق من العالم تعيش مستوى مرتفع من الرخاء والرعاية الصحية، في حين ان مناطق أخرى من العالم تعاني الفقر والتهميش وتصبح مناطقهم تربة خصبة لتكاثر الفيروسات ونشأة الاوبئة، وبتنقل البشر وسفرهم الى باقي دول العالم تنتقل معهم الأوبئة، وتصل الى البلدان الغنية التي تتمتع برعاية صحية متقدمة وهكذا يستغل الفيروس ويستفيد هو الاخر من حرية الحركة والسفر بين الدول كإحدى ميزات العولمة.

فيروس كورونا 2019

في اخر يوم من سنة2019 صعق العالم بسماع خبر اعلان اول إصابة بفيروس غريب بواهان بالصين، وانتشر الفيروس بسرعة وأعلنت الصين الحجر الصحي في13مدينة يبلغ عدد السكان 41مليون شخص وبتاريخ 2فيفري2020اصيب بفيروس كورونا 14380حالة منها 304حالة وفاة، وقد انتقل الفيروس الى العديد من الدول المجاورة للصين كاليابان وكوريا الجنوبية وهنج كونج وسنغافورة وكذلك دول أوروبا وسافر الفيروس ووصل الى الولايات المتحدة الامريكية وكندا.

كورونا وتكلفتها على الاقتصاد في العالم

بدأت الصين بإلغاء كافة الاحتفالات والفعاليات التي تأدي الى تجمعات بشرية، كما الغت كثير من الدول السفر ورحلات الطيران من والى الصين و هذا الاحتياط والخوف اثرعلى أداء الأسواق العالمية حيث تراجعت الى مستويات مخيفة وقد تكبد البعض خسائر مهمة.لقد تراجعت مؤشرات الأسهم. الامريكية لتخسر2%في 27جانفي، ونفس الشيء تراجعت مؤشرات الأسهم الأوروبية 1.5%. ونفس الوضع لمؤشر نيكاي اليباني الذي سجل أكبر خسارة في خمسة أشهر منخفضا بأكثر من2%.

اما أسواق النفط فقد انخفضت والخوف من ان يتسبب الفيروس في تراجع الطلب على النفط، وخاصة من الصين، لاعتبار انها أكبر مستهلك للطاقة في العالم، وقد تسبب الفيروس في تراجع أسعار برميل النفط في العالم.لقد تسبب فيروس كارون في خسائر كبيرة في السوق العالمي، وتراجعت معنويات المستثمرين والمتعاملين في الأسواق، فهل قتل فيروس كورونا العولمة.

بقلم: الكاتب صلاح الشتيوي

أضف تعليقك هنا