التبعات الاقتصادية لفايروس كورونا (COVID-19)... إلى أين؟... بقلم: علي خلف كاطع الجبوري... موقع مقال

التبعات الاقتصادية لفايروس كورونا (COVID-19)… إلى أين؟

بقلم: علي خلف كاطع الجبوري

لاشك ان ما يمر به العالم الان يعد من اكبر التحديات التي يشهدها القطاع الاقتصادي العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، وخير دليل على ذلك هو الانخفاض الكبير في البورصات العالمية التي شهدتها في الاسبوع الماضي، وفي مقدمتها البورصات القيادية كالأسواق الامريكية واليابانية والاوربية.

دور البنوك في تحفيز الاقتصاد في ظل التحديات الحالية

مما دعى الحكومات الى التدخل ومناشدة البنوك المركزية بتوفير خطط تدخل عاجلة لتحفيز الاقتصاد والمحافظة على نسب النمو المستهدف. ولكن السؤال الاهم هو : هل تستطيع خطط الدعم ان توقف تبعات الفايروس التاجي (COVID-19) في التأثير على الاقتصادات العالمية ومنع انهيارها او الدخول في حالة الكساد العالمي؟

للإجابة عن هذا السؤال يجب اولاً ان نراجع مراحل التأثير على الاقتصاديات التي اضرها فايروس كورونا (COVID-19) وضربها في مركزها التجاري الرئيسي ومنها الصين؟ فما هم تأثير كورونا على الاقتصاد الصيني وكيف يمكن ان يتأثر الاقتصاد العالمي نتيجة البط في نمو الاقتصاد الصيني او تحوه الى مرحلة الكساد الانتاجي في ظل ان الصين تعد المنتج الرئيس للعديد من الصناعات التكميلية والدقيقة.

بالرجوع الى بيانات البنك الدولي فأن الناتج المحلي الاجمالي لأكبر 10 اقتصاديات في العالم لسنة 2020 يوضحها الجدول (1) في ادناه :

جدول (1) تنبؤات صندوق النقد الدولي (2020) للناتج المحلي الاجمالي (بمليارات الدولارات الأمريكية)
الأول الثاني الثالث الرابع الخامس السادس السابع الثامن التاسع العاشر المجموع
الولايات المتحدة الصين اليابان ألمانيا الهند المملكة المتحدة فرنسا إيطاليا البرازيل كوريا

الجنوبية

22,300.11 17,100.06 4,746.88 4,004.94 3,851.98 3,443.60 2,940.19 2,143.80 2,054.41 1,604 64,190.35
34.74% 26.64% 7.40% 6.24% 6.00% 5.36% 4.58% 3.34% 3.20% 2.50% 100.00%
النسب المئوية من اعداد الباحث

أهمية الاقتصاد الصيني ومدى تأثر الاقتصاد العالمي في حالة ضعفه

من الجدول اعلاه يتبين اهمية الاقتصاد الصيني ومدى تأثر الاقتصاد العالمي في حالة تقاعس الحكومة الصينية عن البدء بسلسلة اجراءات عاجلة لتحفيز الاقتصاد ومساعدة المصنعين الثانويين كونهم الاكثر تضرراً بسبب ان الصناعات الكبرى لها القدرة والملاءة المالية على الاستمرار بمواجهة الصعاب الناتجة عن فايروس كورونا (COVID-19).

في العقدين الاخيرين اصبح للصين دور محوري مهيمن في شبكة التصنيع الدولية عن طريق صناعات قطع الغيار ومدى اعتماد العديد من الصناعات في الدول الاخرى على ما يتم انتاجه في الصين وشحنه الى الدول المختلفة قبل تجميعها في منتجات تامة الصنع. في الوقت نفسه يجاهد المنتجون الأمريكيون في بناء خطط تقليل الاعتماد على ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي طالما تمتع بميزة تنافسيه مع بقية الاقتصادات العالمية(lee,2020).

ويوضح الشكل (1) ان نسبة ما يشكله الاقتصاد الصيني من مجموع اكبر عشرة اقتصاديات العالم يبلغ 27% وبالنتيجة فأن أي كساد يمكن ان يصيبه ستكون تأثيراته متعددة على جميع الاقتصاديات الاخرى.

الشكل (1) الحصة السوقية للناتج المحلي الاجمالي
اعداد الباحث بالاعتماد على بيانات صندوق النقد الدولي.

حجم الخسائر التي تكبدتها أكبر اربع اقتصاديات عالمية

وفي مراجعة سريعة والقاء نظرة خاطفة على مؤشرات السوق العالمية لأكبر اربع اقتصاديات عالمية فأن حجم الخسائر التي تكبدتها تفوق التصور ويوضحها الجدول (2) للفترة (16/12/2019 – 13/3/2020) وهي فترة بداية الاعلان عن فايروس كورونا (COVID-19) والاعلان عن انحسار الفيروس في الصين وبدء عملية التعافي من اثاره الصحية.

وفي الوقت نفسه بداءت الموجة الثانية للفيروس في الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة، أذ بداءت الاسواق العالمية بالانهيار، ومعها لجاءت الحكومات الى اعلان خطط التدخل المالي للإسعاف الاقتصادي قبل ان الاسعاف الصحي لمجتمعاتها.

أذ تم الاعلان عن الاغلاق التام لجميع المرافق الحيوية في الدول الاوربية والولايات المتحدة، والذي شمل البر والبحر والنقل الجوي، وهو ما تسبب في تعطيل اغلب المصانع الحيوية والتي تشكل عمود الاقتصاد في تلك الدول.

جدول (2) انخفاض مؤشرات اسواق الاسهم للفترة (16/12/2019 – 13/3/2020)
المصدر : .investingبتصرف الباحث

في هذه الاثناء بداءت خطط التحفيز المالي بالظهور الى العلن وسارعت المصارف المركزية في دعم اقتصاديات بلدانها ومنعها من الانهيار وخصوصاً التجزئة والنقل، والتي تمثل الاساس في دعم سلسلة التجهيز  والتي تمثل الاساس في دعم سلسلة التجهيز والتوريد لأكبر الصناعات العالمية، أذ تعتمد بعضها على بعض.

فيروس كورونا سبب بتباطئ التصنيع بالصين

نظرًا لأن الصين أصبحت مركز التصنيع الرئيسي للعديد من العمليات التجارية العالمية ، فإن التباطؤ في الإنتاج الصيني له تداعيات على أي دولة معينة اعتمادًا على مدى اعتماد صناعاتها على الموردين الصينيين.

أن تباطؤ التصنيع في الصين بسبب تفشي فيروس (COVID-19) يعطل التجارة العالمية ويمكن أن يؤدي إلى انخفاض الصادرات بقيمة 50 مليار دولار عبر سلاسل القيمة العالمية، وفقًا لتقديرات نشرتها UNCTAD في 4 مارس، إذ تتوقع أن يؤدي وباء (COVID-19) إلى وصول تدفقات الاستثمار  الأجنبي المباشر العالمية إلى أدنى مستوياتها منذ الأزمة المالية 2008-2009. ويمكن لفيروس كورونا (COVID-19) تقليص الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي بنسبة 5٪ إلى 15٪ ويتوقع UNCTAD  أن يؤدي (COVID-19) إلى وصول تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمية إلى أدنى مستوياتها منذ الأزمة المالية 2008-2009. كما يمكن أن يتسبب تفشي فيروس كورونا(COVID-19) في انكماش الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي (FDI) بنسبة 5 ٪ -15 ٪ ، وفقًا لتقرير UNCTAD  نشر في 8 مارس. unctad.org.

ويبين الجدول (3) حجم الخسائر التي يمكن أن تتكبدتها اكبر القطاعات الصناعية نتيجة انتشار فايروس كورونا (COVID-19) في الصين، والتي اجرت مراجعات عاجلة لتوقعات الارباح للعام 2020.

الجدول (3) تعديلات الأرباح والنفقات الرأسمالية لأعلى 5000 شركة ضمن القطاعات الصناعية الكبرى
القطاع / الصناعة عدد الشركات التي لديها تعديلات على نسب ارباحها متوسط تعديل

الأرباح (٪)

Basic Materials 389 – 13%
Consumer Cyclicals 671 – 16%
Airlines 45 – 42%
Hotels, Restaurants & Leisure 111 – 21%
Consumer Non-Cyclicals 351 – 4%
Energy 243 – 13%
Healthcare 195 – 0%
Industrials 739 – 9%
Automobiles & Auto Parts 142 – 44%
Technology 358 – 3%
Telecommunications Services 105 – 1%
Utilities 175 – 5%
Grand Total 3226 – 9%
المصدر : unctad. بتصرف الباحث

تخفيض الفائدة من البنوك المركزية اجراء مهم للتحفيز الاقتصادي

أن اولى اجراءات التحفيز الاقتصادي من البنوك المركزية هو تخفيض الفائدة والتي يوضحها الجدول (4) الآتي:

الجدول ( 4 ) نسب تخفيض الفائدة من البنوك المركزية لمواجهة تداعيات فايروس (COVID-19)
البنك النسبة السابقة النسبة الحالية
البنك المركزي الفدرالي الامريكي 1.30% 1.25%
بنك الصين الشعبي (PBOC) 4.60% 4.35%
بنك اليابان (BOJ) 0.30% 0.10%
البنك الاتحادي الألماني * 0.00% 0.00%
البنك الاحتياطي الهندي (RBI) 5.40% 5.15%
بنك انجلترا المركزي (BOE)

 

0.75% 0.25%
البنك المركزي الفرنسي* 0.00% 0.00%
البنك المركزي الايطالي * 0.00% 0.00%
البنك المركزي البرازيلي (BCB) 4.40% 4.25%
البنك المركزي لكوريا الجنوبية 1.275% 1.25%
المصدر: بتصرف الباحث وكما يلي:

–  interest-rate

https://ar.tradingeconomics.com.

* تتبع المصارف في الدول المؤشرة الى سياسة البنك المركزي الاوربي.

 

وينتظر من البنوك المركزية الكبرى ان تقوم بضخ سيولة مالية في الاسواق المالية العالمية لمواجهة تداعيات الازمة المحتملة التي ستنشأ بعد اجلاء اثار فيروس كورونا الصحية واستعادة المصانع لنشاطها.

الخلاصة:

أن جميع الاجراءات المتخذة حالياً هي اجراءات تقليدية تشبه الى حد بعيد ما تم استخدامه بعد الازمة العالمية سنة 2008 وتبعاتها، أّذ خصص المركزي البريطاني ما يقارب 39 مليار دولار، بينما ضخ المركزي الايطالي ما يقارب 4 مليار دولار لمنع الاقتصاد من دخول مرحلة الركود، فيما المح المركزي الاوربي الى استعداد لمساعدة دول الاتحاد في ضخ الاموال لمواجهة الركود الاقتصادي الذي من الممكن أن يضرب الأسواق الاوربية.

وكذلك فعل المركزي الياباني والصيني وغيرها من البنوك المركزية، والتي تدرك خطورة دخول الاقتصاد العالمي في ركود اقتصادي في ظل ارتفاع الدين العام لبعض الاقتصاديات الرئيسة وعدم قدرتها على مواجهة موجه جديدة من التداعيات الاقتصادية غير المتوقعة وفي مقدمتها الاقتصاد الامريكي والبرازيلي.

المراجع:

  • Lee, don., (2020), As coronavirus cripples global supply lines, more U.S. firms looking to leave China, los Angeles times, latimes.com/politics/story.
  • https://sa.investing.com.
  • https://unctad.org/en/pages/newsdetails.

بقلم: علي خلف كاطع الجبوري

أضف تعليقك هنا