الخطة الصرفية قديماً وحديثاً

بقلم: أ.د. صباح علي السليمان

لا شك أنَّ الصرف عماد اللغة، فمنه يرتكز الصوت والنحو والدلالة عليه؛ لبيان أصل اللفظة ويعد أبو معاذ الهراء ( ت 187 هـ ) من أوائل من عرف هذا العلم، ولكن بواكير ظهور هذا العلم سبق أبا معاذ الهراء فقيل لرجل : أتهمز اسرائيل، فقال : إنَّي إذن لرجل سوء. هذا يدلُّ أنَّ الرجل لم يعرف من الهمز إلَّا الضغط والعصر( ). .

ما هي أسباب نشأة الصرف ما يأتي؟

  1. شيوع ظاهرة اللحن في صدر الاسلام، فقال رجل : فرس ضالع والأصل ظالع، وقال رجل أيضاً : هذه عصاتي والصواب عصاي.
  2. اعتزاز العرب بلغتهم؛ لأنها من أسمى اللغات.
  3. حاجة الشعوب الأعجمية لرسم الكلمات العربية.
  4. المناظرات في مجالس العلم.

ما هو الفرق بين الصرف و التصريف؟

لم يفرق العلماء بين الصرف والتصريف؛ لأنَّ كليهما يدلان على التغيير والتبديل إلّا أنَّ هناك فرقاً بينهما هو أنَّ الصرف مختص بالجانب العلمي، أمَّا التصريف فيهتم بالجانب العملي ( ).
وقد دأب العلماء إلى وضع عنوانات كتبهم الصرفية بعنوان ( التصريف ) وهم المازني، وابن عصفور، وابن مالك والثمانيني، وابن اياز، وأبو بركات الأنباري، أمّاَ العلماء الذين وضعوا مؤلفاتهم بعنوان ( الصرف ) فهم ابن هشام الأنصاري، وشمس الدين دنقور، والجرجاني( ) .

كيف تم فصل علم الصرف عن باقي العلوم النحوية؟

كان الصرف في نشأته متداخلاً مع كتب النحو كما في كتاب سيبويه، والمقتضب للمبرد، وابن السراج في أصوله، وبعدها استقل الصرف عند المازني وأبي علي الفارسي وابن جني، وتتابع العلماء في ذلك ( ).
وتناول سيبويه التصريف والفعل ويقصد بالتصريف تغير الكلمة بالزيادات ، أما الفعل فيقصد به وزن الكلمة وتابع سيبويه على هذا المنوال المبرد وابن السراج والمازني وأبو علي الفارسي وابن جني، أمَّا ابن عصفور وابن الحاجب وابن مالك فذهبوا الى أنَّ التصريف علم يختص بالأبنية من إبدال وحذف وزيادة وتصغير وجمع ونسب وإدغام ( ).

كيف حدد العلماء الخطة الصرفية لعلم الصرف؟

أمّا من ناحية الخطة الصرفية فقد اختلف العلماء في تحديدها فسيبويه يجعلها على النحو الآتي ( أبنية الأسماء ، والصفات ،والأفعال ،والإعلال ،والإبدال ،ومسائل تمارين القياس اللغوي ،والادغام ،والنسب ،والحكاية والمذكر، والمقصور والممدود، والهمز ،والمصادر ،والإمالة ،والتقاء الساكنين ،وحروف الزيادة ،وحروف البدل ،والتصغير ،والنسب ،والتثنية ، وتابعه في ذلك المبرد والمازني إلَّا أنّ المازني أضاف الأفعال والأسماء المبنية والوصل والوقف وكان لابن السراج والصيمري والعكبري والجزولي وأبي علي الشلوبين وابن مالك والسيوطي خطةٌ.

قسمت على أربعة أنواع ، وهي :

  • مسائل في الأسماء والنسب والتصغير والجمع.
  • ظواهر مشتركة بين الأسماء والأفعال و الإمالة والوقف والتقاء الساكنين.
  • الأبنية.
  • التصريف والإلحاق والزيادة والإعلال والإبدال والإدغام.

وقسمه الزمخشري إلى ثلاثة أقسام ، وهي :

  • المثنى و،الجمع، والمذكر والمؤنث، والمصغر، والمنسوب والمقصور والممدود، والمشتقات، وأبنية الأسماء.
  • أبنية الأفعال ومعانيها.
  • الإمالة، والوقف، والتقاء الساكنيين، وحكم أوائل الكلم، والزيادة، والحروف، والإعلال، والادغام .

وقسمه أبو حيان الاندلس في ارتشاف الضرب إلى قسمين :

  • التصغير، والتكسير، والمصدر، واسمي الزمان والمكان، واسم الفاعل، واسم المفعول، والمقصور والممدود.
  • تغيير الكلمة لغير معنى طارىء، والزيادة، والحذف، والإبدال، والقلب، والنقل، والإدغام، وهمزة الوصل.
  • التصحيح، والنسب، والألف المقصورة والمدودة، والتثنية ونوني التوكيد.

على أي خطة يجب أن يستقر علم الصرف الحديث؟

من هذا نجد أنَّ هناك اضطراباً في تقسيم الخطة والذي أراه في نظرتي المتواضعة أنَّ الصرف يجب أنْ يقسم على وفق نظرة حديثة وكما يلي :

  1. فصل الأفعال : ويشمل ( الميزان الصرفي، وأبواب الفعل الثلاثي المجرد، وأقسام الفعل من ناحية الزمن ،والتعدية واللزوم، والمعلوم والمجهول، والصحيح والمعتل، وإسناد الأفعال إلى الضمائر.
  2. فصل الأسماء : ويشمل (المشتقات ، والمصادر من الثلاثي وغير الثلاثي ، والمصدر الميمي ، ومصدري المرة والهيئة، والمصدر الصناعي، والجموع، والتصغير، والنسب) .
  3. فصل مشترك بين الأسماء والأفعال؛ ويشمل ( الإعلال، والإبدال، والمشتق والجامد، والإدغام، والاتباع، والإمالة، والإشباع ).

إلى أي حد يرتبط علم الصرف بجوهر اللغة العربية؟

إنّ موضوعات علم الصرف تحتاج إلى دراسة حديثة وربطها بالصوت كما فعل الأساتيذ الكرام د. عبد الصبور شاهين في كتابه المنهج الصوتي للبنية العربية، ود. عبد القادر جليل في كتابه علم الصرف الصوتي، ود. الطيب بكوش في كتابه التصريف العربي من خلال علم الأصوات الحديث، أمَّا علاقة النحو بالصرف فيكون من خلال إعراب الأبنية، ويكون ربط الصرف بالدلالة كما جاء في أطروحة الدكتوراه أبواب الفعل الثلاثي بين المعجم والرأى الصرفي دراسة صرفية لغوية من خلال لسان العرب ليحيى بن عبدالله.
فعلم الصرف عامود اللغة العربية، ويستند عليه الصوت والنحو والدلالة، فهو ليس علماً جامداً بل هو روح اللغة العربية.

المصادر:

( ) ينظر : نشأة علم الصرف التطور الاول ، Sharf, Wadl’i, Basrah, Kuffah ، ALQALAM Vol. 21 No. 102 (Desember 2004)
( ) ينظر : المصدر نفسه.
( ) ينظر : علم الصرف: نشأته وتطوره ، Wildan Nafi’i ، El-Wasathiya: Jurnal Studi Agama .
( ) الترتيب الصرفي في المؤلفات النحوية والصرفية الى اواخر القرن العاشر الهجري ، مهدي علي مهدي .
( ) ينظر : المصدر نفسه.
( ) ينظر : المصدر نفسه.

بقلم: أ.د. صباح علي السليمان

أضف تعليقك هنا